د.فايز الربيع أثار انتباهي ما تبرع به احد الاخوة من ابناء الوطن المغتربين لمستشفى الملك المؤسس بما قيمته حوالي خمسمائة الف دولار - لانشاء وتجهيز اقسام يحتاجها المستشفى - وهو من باب العمل الخيري الوقفي الذي يجب أن نؤشر إليه ونفتح الباب واسعاً له - لما للرعاية الصحية من دور في بناء حياة الانسان - وهو احوج ما نكون اليه في بلادنا - ولدى محاولتي الاطلاع على التجربة الوقفية عبر التاريخ الاسلامي والتجربة الوقفية الصحية وجدت ثروة غنية من المعلومات - والتي لا شك انها بحاجة الى تأطير جديد وتطوير في النظرة والاسلوب - وهذا الباب قد حض عليه القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي لا شك انهما لا يحصران التكليف البشري بالعبادة فقط وانما بعمارة الارض وتوسيع مظلة ادارة الحياة.
يقول تعالى (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ويقول تعالى (فلا اقتحم العقبة) إلى أن يصل الى قوله تعالى (فك رقبة - او اطعام في يوم ذي مسغبة - يتيما ذا مقربة او مسكينا ذا متربة) ويقول تعالى (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين...)
إن الوقف فعل اجتماعي ووسيلة لبناء التكافل الاجتماعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولقد كان الوقف تاريخياً وراء واستمرار وامتداد المجتمع الاسلامي بمؤسساته الصحية والعلمية والتعليمية والاغاثية والتنموية - كما كان الوقف مؤسسة القرآن– وليس احدى مؤسسات السلطان - انه مؤسسة المجتمع وليس مؤسسة الدولة انه مؤسسة المجتمع المدني فهو يمثل الرؤية الانسانية المبكرة للعمل المؤسسي والتنموي بحيث يمكن وصفه بمؤسسة التنمية المستدامة. الوقف امتداد لعمر الانسان (فاذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث منها (الصدقة الجارية) ان الاجتهاد هو روح الوقف الممتدة ومحور وحركة الامر الذي لا يؤدي الى الجمود عند حدود الاجتهادات السابقة.
أمر الوقف غير امر العبادات فهو حركة دائبة تحتاج الى الاجتهاد بما يلائم متطلبات العصر - ان الذين يقومون بالاجتهاد في امر الوقف هم فقهاء الاستثمار وفقهاء الإدارة لسلاسة الحركة.
لذلك فان ابداع الوسائل في تطوير الآفاق البعيدة لشرط الواقف لا يشكل اي عدوان عليه، والتفريق بين فقه الرقبة وفقه المنافع ضرورة ولا بد ان نؤسس ليشمل الوقف كل المناحي التي تدور في اذهان افراد المجتمع وهي كثيرة ولا يشترط فيها الاستمرارية وانما احيانا الجزئية. فملكية الوقف هي من زاوية ملكية عامة الا انها تختلف عنها في استثمارها وضوابطها.
الوقف صدقة جارية - حبس المال على ملك الله تعالى والتصدق بالمنفعة حالا او مالا على اي وجه من وجوه البر - ومن بين مجالات الوقف تبرز مجالات الوقف الطبي والذي كان يسمى البيمارستانات ولم تخل فترة من فترات التاريخ الاسلامي من هذه الوقفيات التي لم تقتصر فقط على بنائها الثابتة والمتنقلة وانما الاتفاق على ادارتها وعلى العلوم الطبية والاطباء والترجمة وحتى توظيف اشخاص يقومون بالوقوف عند المريض يسأل كل منهم عن حاله فيجيبه اجابة مطمئنة ترفع من معنوياته– او من يسبح بالليل– ليوهم المرضى الذين لا ينامون بأن الصبح قد حان.
إن المجالات التي يمكن ان يسهم بها الوقف في مجال الخدمات الصحية والتي يمكن ان تكون بوقف المستشفيات الكبيرة والصغيرة والمستوصفات اما بتقديم المنشآت او الاراضي الخاصة بها او اعمارها او تجهيزها او توقيف بعض المزارع او المشروعات الاستثمارية للصرف على تلك المؤسسات الصحية - او وقف الاجهزة الطبية التي تحتاجها المستشفيات والمراكز كاجهزة غسيل الكلى او الاجهزة الشعاعية المتطورة او وقف سيارات الاسعاف التي تحتاجها المستشفيات او وقف على الادوية مثل الادوية المزمنة او الوقف على كليات الطب والمعاهد الصحية او الوقف على مراكز البحوث وهيئات البحث الطبي ويمكن ان يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة والجهات المسؤولة عن الادارة الطبية ووزارة الاوقاف.
إن هذا يتطلب توسيع مفهوم الوقف لدى عامة الناس لكي لا ينحصر في بعض الاوجه التقليدية - فالمساجد كثيرة - ودور الرعاية كثيرة - وهذه الاشياء على جلال قدرها وأهميتها فإننا بحاجة إلى ولوج أبواب جديدة للوقف ومنها الوقف الصحي بكل أشكاله خدمة للمجتمع والانسانية جمعاء.
(الرأي)
د.فايز الربيع أثار انتباهي ما تبرع به احد الاخوة من ابناء الوطن المغتربين لمستشفى الملك المؤسس بما قيمته حوالي خمسمائة الف دولار - لانشاء وتجهيز اقسام يحتاجها المستشفى - وهو من باب العمل الخيري الوقفي الذي يجب أن نؤشر إليه ونفتح الباب واسعاً له - لما للرعاية الصحية من دور في بناء حياة الانسان - وهو احوج ما نكون اليه في بلادنا - ولدى محاولتي الاطلاع على التجربة الوقفية عبر التاريخ الاسلامي والتجربة الوقفية الصحية وجدت ثروة غنية من المعلومات - والتي لا شك انها بحاجة الى تأطير جديد وتطوير في النظرة والاسلوب - وهذا الباب قد حض عليه القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي لا شك انهما لا يحصران التكليف البشري بالعبادة فقط وانما بعمارة الارض وتوسيع مظلة ادارة الحياة.
يقول تعالى (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ويقول تعالى (فلا اقتحم العقبة) إلى أن يصل الى قوله تعالى (فك رقبة - او اطعام في يوم ذي مسغبة - يتيما ذا مقربة او مسكينا ذا متربة) ويقول تعالى (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين...)
إن الوقف فعل اجتماعي ووسيلة لبناء التكافل الاجتماعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولقد كان الوقف تاريخياً وراء واستمرار وامتداد المجتمع الاسلامي بمؤسساته الصحية والعلمية والتعليمية والاغاثية والتنموية - كما كان الوقف مؤسسة القرآن– وليس احدى مؤسسات السلطان - انه مؤسسة المجتمع وليس مؤسسة الدولة انه مؤسسة المجتمع المدني فهو يمثل الرؤية الانسانية المبكرة للعمل المؤسسي والتنموي بحيث يمكن وصفه بمؤسسة التنمية المستدامة. الوقف امتداد لعمر الانسان (فاذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث منها (الصدقة الجارية) ان الاجتهاد هو روح الوقف الممتدة ومحور وحركة الامر الذي لا يؤدي الى الجمود عند حدود الاجتهادات السابقة.
أمر الوقف غير امر العبادات فهو حركة دائبة تحتاج الى الاجتهاد بما يلائم متطلبات العصر - ان الذين يقومون بالاجتهاد في امر الوقف هم فقهاء الاستثمار وفقهاء الإدارة لسلاسة الحركة.
لذلك فان ابداع الوسائل في تطوير الآفاق البعيدة لشرط الواقف لا يشكل اي عدوان عليه، والتفريق بين فقه الرقبة وفقه المنافع ضرورة ولا بد ان نؤسس ليشمل الوقف كل المناحي التي تدور في اذهان افراد المجتمع وهي كثيرة ولا يشترط فيها الاستمرارية وانما احيانا الجزئية. فملكية الوقف هي من زاوية ملكية عامة الا انها تختلف عنها في استثمارها وضوابطها.
الوقف صدقة جارية - حبس المال على ملك الله تعالى والتصدق بالمنفعة حالا او مالا على اي وجه من وجوه البر - ومن بين مجالات الوقف تبرز مجالات الوقف الطبي والذي كان يسمى البيمارستانات ولم تخل فترة من فترات التاريخ الاسلامي من هذه الوقفيات التي لم تقتصر فقط على بنائها الثابتة والمتنقلة وانما الاتفاق على ادارتها وعلى العلوم الطبية والاطباء والترجمة وحتى توظيف اشخاص يقومون بالوقوف عند المريض يسأل كل منهم عن حاله فيجيبه اجابة مطمئنة ترفع من معنوياته– او من يسبح بالليل– ليوهم المرضى الذين لا ينامون بأن الصبح قد حان.
إن المجالات التي يمكن ان يسهم بها الوقف في مجال الخدمات الصحية والتي يمكن ان تكون بوقف المستشفيات الكبيرة والصغيرة والمستوصفات اما بتقديم المنشآت او الاراضي الخاصة بها او اعمارها او تجهيزها او توقيف بعض المزارع او المشروعات الاستثمارية للصرف على تلك المؤسسات الصحية - او وقف الاجهزة الطبية التي تحتاجها المستشفيات والمراكز كاجهزة غسيل الكلى او الاجهزة الشعاعية المتطورة او وقف سيارات الاسعاف التي تحتاجها المستشفيات او وقف على الادوية مثل الادوية المزمنة او الوقف على كليات الطب والمعاهد الصحية او الوقف على مراكز البحوث وهيئات البحث الطبي ويمكن ان يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة والجهات المسؤولة عن الادارة الطبية ووزارة الاوقاف.
إن هذا يتطلب توسيع مفهوم الوقف لدى عامة الناس لكي لا ينحصر في بعض الاوجه التقليدية - فالمساجد كثيرة - ودور الرعاية كثيرة - وهذه الاشياء على جلال قدرها وأهميتها فإننا بحاجة إلى ولوج أبواب جديدة للوقف ومنها الوقف الصحي بكل أشكاله خدمة للمجتمع والانسانية جمعاء.
(الرأي)
د.فايز الربيع أثار انتباهي ما تبرع به احد الاخوة من ابناء الوطن المغتربين لمستشفى الملك المؤسس بما قيمته حوالي خمسمائة الف دولار - لانشاء وتجهيز اقسام يحتاجها المستشفى - وهو من باب العمل الخيري الوقفي الذي يجب أن نؤشر إليه ونفتح الباب واسعاً له - لما للرعاية الصحية من دور في بناء حياة الانسان - وهو احوج ما نكون اليه في بلادنا - ولدى محاولتي الاطلاع على التجربة الوقفية عبر التاريخ الاسلامي والتجربة الوقفية الصحية وجدت ثروة غنية من المعلومات - والتي لا شك انها بحاجة الى تأطير جديد وتطوير في النظرة والاسلوب - وهذا الباب قد حض عليه القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي لا شك انهما لا يحصران التكليف البشري بالعبادة فقط وانما بعمارة الارض وتوسيع مظلة ادارة الحياة.
يقول تعالى (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ويقول تعالى (فلا اقتحم العقبة) إلى أن يصل الى قوله تعالى (فك رقبة - او اطعام في يوم ذي مسغبة - يتيما ذا مقربة او مسكينا ذا متربة) ويقول تعالى (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين...)
إن الوقف فعل اجتماعي ووسيلة لبناء التكافل الاجتماعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولقد كان الوقف تاريخياً وراء واستمرار وامتداد المجتمع الاسلامي بمؤسساته الصحية والعلمية والتعليمية والاغاثية والتنموية - كما كان الوقف مؤسسة القرآن– وليس احدى مؤسسات السلطان - انه مؤسسة المجتمع وليس مؤسسة الدولة انه مؤسسة المجتمع المدني فهو يمثل الرؤية الانسانية المبكرة للعمل المؤسسي والتنموي بحيث يمكن وصفه بمؤسسة التنمية المستدامة. الوقف امتداد لعمر الانسان (فاذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث منها (الصدقة الجارية) ان الاجتهاد هو روح الوقف الممتدة ومحور وحركة الامر الذي لا يؤدي الى الجمود عند حدود الاجتهادات السابقة.
أمر الوقف غير امر العبادات فهو حركة دائبة تحتاج الى الاجتهاد بما يلائم متطلبات العصر - ان الذين يقومون بالاجتهاد في امر الوقف هم فقهاء الاستثمار وفقهاء الإدارة لسلاسة الحركة.
لذلك فان ابداع الوسائل في تطوير الآفاق البعيدة لشرط الواقف لا يشكل اي عدوان عليه، والتفريق بين فقه الرقبة وفقه المنافع ضرورة ولا بد ان نؤسس ليشمل الوقف كل المناحي التي تدور في اذهان افراد المجتمع وهي كثيرة ولا يشترط فيها الاستمرارية وانما احيانا الجزئية. فملكية الوقف هي من زاوية ملكية عامة الا انها تختلف عنها في استثمارها وضوابطها.
الوقف صدقة جارية - حبس المال على ملك الله تعالى والتصدق بالمنفعة حالا او مالا على اي وجه من وجوه البر - ومن بين مجالات الوقف تبرز مجالات الوقف الطبي والذي كان يسمى البيمارستانات ولم تخل فترة من فترات التاريخ الاسلامي من هذه الوقفيات التي لم تقتصر فقط على بنائها الثابتة والمتنقلة وانما الاتفاق على ادارتها وعلى العلوم الطبية والاطباء والترجمة وحتى توظيف اشخاص يقومون بالوقوف عند المريض يسأل كل منهم عن حاله فيجيبه اجابة مطمئنة ترفع من معنوياته– او من يسبح بالليل– ليوهم المرضى الذين لا ينامون بأن الصبح قد حان.
إن المجالات التي يمكن ان يسهم بها الوقف في مجال الخدمات الصحية والتي يمكن ان تكون بوقف المستشفيات الكبيرة والصغيرة والمستوصفات اما بتقديم المنشآت او الاراضي الخاصة بها او اعمارها او تجهيزها او توقيف بعض المزارع او المشروعات الاستثمارية للصرف على تلك المؤسسات الصحية - او وقف الاجهزة الطبية التي تحتاجها المستشفيات والمراكز كاجهزة غسيل الكلى او الاجهزة الشعاعية المتطورة او وقف سيارات الاسعاف التي تحتاجها المستشفيات او وقف على الادوية مثل الادوية المزمنة او الوقف على كليات الطب والمعاهد الصحية او الوقف على مراكز البحوث وهيئات البحث الطبي ويمكن ان يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة والجهات المسؤولة عن الادارة الطبية ووزارة الاوقاف.
إن هذا يتطلب توسيع مفهوم الوقف لدى عامة الناس لكي لا ينحصر في بعض الاوجه التقليدية - فالمساجد كثيرة - ودور الرعاية كثيرة - وهذه الاشياء على جلال قدرها وأهميتها فإننا بحاجة إلى ولوج أبواب جديدة للوقف ومنها الوقف الصحي بكل أشكاله خدمة للمجتمع والانسانية جمعاء.
التعليقات