الثقة نيوز - “أطخك، أقتلك، kill، أرميك من السطح، أدعسك، أتخلص منك، ..”، وغيرها الكثير من العبارات التي تحمل طابع العنف والمصطلحات المسيئة، مشكلة تلوث لفظي يكرره الأطفال واليافعون عبر الحوارات اليومية، لتشكل مصدر قلق للأهالي. ولا يتوقف الأمر عند تقليد المشاهد العنيفة، بقدر ما ينعكس على طبيعة الألفاظ المتداولة.
أولياء أمور أبدوا استياءهم ومعاناتهم من هذه المشكلة، والتي ظهرت آثارها واضحة منذ انتشار الألعاب الإلكترونية، بيد أنها ازدادت بشكل كبير بين صفوف الأطفال في ظل جلوسهم لساعات طويلة أمام الأجهزة الذكية، ما يدفع الوالدين لاتباع عدة أساليب في محاولة منع تكرار تلك المصطلحات أمام الآخرين، كونها غير مقبولة في هذه المرحلة العمرية. ويتساءلون: كيف نعيد تهذيب ألفاظ أبنائنا وهم يتوجهون لمقاعدهم الدراسية؟
“يا ورع، يا رجال، يا متخلف، فاشل” كلمات سمعتها والدة الطفل علي عدة مرات من إبنها البالغ من العمر 11 عاماً، وفي كل مرة تنهره عندما يتحدث لإخوانه أو أصدقائه، لتتفاجأ بعد سؤالها، ممن تعلم تلك المصطلحات، أنها عبارات وألفاظ يكررها لاعبو مشاهير الألعاب الإلكترونية أثناء بثها عبر “يوتيوب”، والدخول في تحدي “القتل الوهمي” من خلال تلك اللعبة.
وتقول والدة علي، إنها ليست الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة، بل كثير من الأمهات وأولياء الأمور، الذين لم يجدوا وسيلة ترفيه أخرى خلال الفترة الماضية سوى الألعاب الإلكترونية، نتيجة جلوس الأبناء في المنزل لساعات طوال، تجنباً لعدوى فيروس “كورونا”، ما سبب لها الإحراج أمام الآخرين بسبب تكرار ابنها لهذه الكلمات، دون أن يعي أنها كلمات غير مناسبة ولا تليق به وبعائلته.
لا يتوقف تأثير تلك الألعاب على الأفعال والكلام فقط، وإنما لها تأثير نفسي عميق ينعكس على شخصية الطفل، كما يوضح ذلك اختصاصي علم النفس الدكتور علاء الفروخ الذي يرى أن واحدة من أهم نظريات التعلم في علم النفس هي نظرية علم النفس المعروفة بـ “النمذجة” أو التعلم بالمشاهدة والتقليد والمحاكاة، وهي بالمجمل عبارات لوصف حالة واحدة، حيث أن الإنسان أحياناً يتعلم من شيء يشاهده أمامه بشكل متكرر ويحاط بأجواء من الحماس والإثارة، كما هو الحال في الألعاب الإلكترونية سواءً أكانت للأطفال أو اليافعين.
ومن هنا، يوضح الفروخ أن هناك تجربة قام بها أحد أكبر علماء النفس المعروفين لدى أطباء علم النفس، والتي تم من خلالها دراسة سلوك مجموعة من الأطفال الذين يتم ملاحظة أنهم يقومون بسلوك عنيف من خلال مواقف تحدث أمامهم، وبالتالي وتبعاً لنظرية النمذجة أو المحاكاة فإن هذا يؤكد وجود أضرار سلبية جداً للألعاب الإلكترونية، وفيها قتال وعنف جسدي ولفظي أحياناً.
ووفق الفروخ، فإن هذه الأضرار السلبية تطال سلوك الأطفال مع الآخرين وطريقة أحاديثهم وتعبيرهم وطريقة تصرفاتهم سواء مع أقرانهم أو الدائرة المحيطة بهم من العائلة والأقارب والجيران، بما فيهم الوالدين، وهذا الموضوع للأسف قد لا يقتصر فقط على ألفاظ عنيفة وغريبة، بل أحياناً قد يقود إلى أفعال عنيفة، من خلال تقليد موقف عنيف أمام أقرانه، شاهده عبر تلك الألعاب والبرامج.
وللأسف، يقول الفروخ إن علماء النفس حذروا مراراً وتكراراً من ظاهرة الإفراط في ترك الأطفال “حبيسي” تلك الألعاب وشديدي التعلق بها وممارستها عبر الأجهزة الإلكترونية، مشيراً إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على ممارسة الألعاب، وإنما يجب الحد من مشاهدة البرامج والأفلام التي تحوي مثل هذه المصطلحات والمشاهد، خاصة وأن هناك كثيرا من البرامج المخصصة للأطفال تتضمن مشاهد عنف ومصطلحات كذلك، وهذا يزيد من مستويات العنف عند الأطفال وطريقة نموهم وتصرفهم وحديثهم مع الآخرين.
وفي ذات السياق، ومن الجانب التربوي الأسري الذي تفرضه تلك الألعاب، تقول الخبيرة والمستشارة التربوية الدكتورة سعاد غيث، إن الأطفال تعرضوا لمقدار كبير جدا من مقاطع “يوتيوب” والألعاب خلال الفترة الماضية، ومنها مقاطع يقدمها “يوتيوبرز” أطفال ويافعون، وكان مضمونها فكرة التحدي والمغامرات والمقالب، للأسف نشر هؤلاء ثقافة المقالب، سواء ضد الأخ والأخت وابن الجيران بطريقة يصحبها سخرية وتهكم وأشكال متنوعة من الإساءات.
وتبين غيث أنها ومن خلال ملاحظاتها، فإن الأطفال من خلال لعبهم على الألعاب الإلكترونية، يكثرون من استخدام الألفاظ النابية والسب والشتم والتعبير عن الغضب بطرائق غير لائقة، والمسؤول عن التوجيه الكبير للأبناء هم الآباء والأمهات، وعليهم متابعة المحتوى لأبنائهم. وذلك للحد من التعرض لمثل هذه المحتويات واستبدالها بمحتوى نافع ومفيد واستبدالها برفقة الأطفال ومصداقتهم واللعب معهم وقراءة الكتب والقصص وتشجيعهم على الرسم والقراءة والكتابة، خاصة الآن بعد العودة للمدرسة، ومن المتوقع جدا استخدامهم لمثل هذه الألفاظ.
وهنا يأتي دور مربي الصف، وفق غيث، وبعد فترة الغياب تلك عليهم أن يقدموا للأطفال توجيهات في أصول وآداب التعامل مع الآخرين من نبرة الصوت والكلمات، وكيف تكون علاقتهم قائمة على التقبل والاحترام وتقبل الاختلاف، دون تنابز بالألقاب أو استقواء على الآخرين، ومساعدة الطلبة سواء كانوا في المرحلة الأساسية أو العليا والمراحل الأكبر والتدريب على مهارات حياتية مختلفة، ومهارات اتصال لها علاقة بإدارة المزاج والغضب ومهارات تزيد من جودة حياتهم الشخصية ومع الآخرين، كذلك تقبل الاختلاف والتسامح.
وتتابع، ومن الممكن استعمال الإذاعة المدرسية في نشر مثل هذه التوجيهات وأصول التعامل مع الآخرين واستثمار النشاطات المدرسية والمنشورات عبر الصفحات الإلكترونيه للمدرسة لإعادة توجيه الطلاب.
واستخدام مثل هذه الألفاظ والعبارات والتعبير عن الغضب بأساليب غير لائقة هو أمر يسيء للعائلة ككل، كما تبين غيث، إذ يؤثر على ذكائه الانفعالي والاجتماعي بشكل سلبي جدا، وهذه فرصة للتنويه لدور المعلمين والمرشدين التربويين في تطوير هذا الذكاء إلى جانب تعلم مهارات القراءة والكتابة والمهارات العلميه المختلفة.
وتضيف، الأطفال بحاجة لتعليمهم أساليب تساعدهم على الحياة حتى يتطور ذكاؤهم الانفعالي والاجتماعي، ولن يستغنوا عن اكتساب مثل هذه المهارات، إضافة إلى الدور الإعلامي الذي يجب أن يكون له دور رقابي وتوجيهي في إدارة مزاجهم وغضبهم واستخدام الكلمات العالية التهذيب.
وتشدد غيث على أهمية استعادة التركيز على نشر ثقافة السلوك عالي التهذيب بين أفراد المجتمع كله، “نحن فعلا بحاجة لأن نستعيد مثل هذا السلوك المهذب في الألفاظ المكتوبة والمحكية”، بسبب تراجع تلك المهارات اللفظية، واستهانة بقيمة العبارات والجمل عالية التهذيب. عن الغد
الثقة نيوز - “أطخك، أقتلك، kill، أرميك من السطح، أدعسك، أتخلص منك، ..”، وغيرها الكثير من العبارات التي تحمل طابع العنف والمصطلحات المسيئة، مشكلة تلوث لفظي يكرره الأطفال واليافعون عبر الحوارات اليومية، لتشكل مصدر قلق للأهالي. ولا يتوقف الأمر عند تقليد المشاهد العنيفة، بقدر ما ينعكس على طبيعة الألفاظ المتداولة.
أولياء أمور أبدوا استياءهم ومعاناتهم من هذه المشكلة، والتي ظهرت آثارها واضحة منذ انتشار الألعاب الإلكترونية، بيد أنها ازدادت بشكل كبير بين صفوف الأطفال في ظل جلوسهم لساعات طويلة أمام الأجهزة الذكية، ما يدفع الوالدين لاتباع عدة أساليب في محاولة منع تكرار تلك المصطلحات أمام الآخرين، كونها غير مقبولة في هذه المرحلة العمرية. ويتساءلون: كيف نعيد تهذيب ألفاظ أبنائنا وهم يتوجهون لمقاعدهم الدراسية؟
“يا ورع، يا رجال، يا متخلف، فاشل” كلمات سمعتها والدة الطفل علي عدة مرات من إبنها البالغ من العمر 11 عاماً، وفي كل مرة تنهره عندما يتحدث لإخوانه أو أصدقائه، لتتفاجأ بعد سؤالها، ممن تعلم تلك المصطلحات، أنها عبارات وألفاظ يكررها لاعبو مشاهير الألعاب الإلكترونية أثناء بثها عبر “يوتيوب”، والدخول في تحدي “القتل الوهمي” من خلال تلك اللعبة.
وتقول والدة علي، إنها ليست الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة، بل كثير من الأمهات وأولياء الأمور، الذين لم يجدوا وسيلة ترفيه أخرى خلال الفترة الماضية سوى الألعاب الإلكترونية، نتيجة جلوس الأبناء في المنزل لساعات طوال، تجنباً لعدوى فيروس “كورونا”، ما سبب لها الإحراج أمام الآخرين بسبب تكرار ابنها لهذه الكلمات، دون أن يعي أنها كلمات غير مناسبة ولا تليق به وبعائلته.
لا يتوقف تأثير تلك الألعاب على الأفعال والكلام فقط، وإنما لها تأثير نفسي عميق ينعكس على شخصية الطفل، كما يوضح ذلك اختصاصي علم النفس الدكتور علاء الفروخ الذي يرى أن واحدة من أهم نظريات التعلم في علم النفس هي نظرية علم النفس المعروفة بـ “النمذجة” أو التعلم بالمشاهدة والتقليد والمحاكاة، وهي بالمجمل عبارات لوصف حالة واحدة، حيث أن الإنسان أحياناً يتعلم من شيء يشاهده أمامه بشكل متكرر ويحاط بأجواء من الحماس والإثارة، كما هو الحال في الألعاب الإلكترونية سواءً أكانت للأطفال أو اليافعين.
ومن هنا، يوضح الفروخ أن هناك تجربة قام بها أحد أكبر علماء النفس المعروفين لدى أطباء علم النفس، والتي تم من خلالها دراسة سلوك مجموعة من الأطفال الذين يتم ملاحظة أنهم يقومون بسلوك عنيف من خلال مواقف تحدث أمامهم، وبالتالي وتبعاً لنظرية النمذجة أو المحاكاة فإن هذا يؤكد وجود أضرار سلبية جداً للألعاب الإلكترونية، وفيها قتال وعنف جسدي ولفظي أحياناً.
ووفق الفروخ، فإن هذه الأضرار السلبية تطال سلوك الأطفال مع الآخرين وطريقة أحاديثهم وتعبيرهم وطريقة تصرفاتهم سواء مع أقرانهم أو الدائرة المحيطة بهم من العائلة والأقارب والجيران، بما فيهم الوالدين، وهذا الموضوع للأسف قد لا يقتصر فقط على ألفاظ عنيفة وغريبة، بل أحياناً قد يقود إلى أفعال عنيفة، من خلال تقليد موقف عنيف أمام أقرانه، شاهده عبر تلك الألعاب والبرامج.
وللأسف، يقول الفروخ إن علماء النفس حذروا مراراً وتكراراً من ظاهرة الإفراط في ترك الأطفال “حبيسي” تلك الألعاب وشديدي التعلق بها وممارستها عبر الأجهزة الإلكترونية، مشيراً إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على ممارسة الألعاب، وإنما يجب الحد من مشاهدة البرامج والأفلام التي تحوي مثل هذه المصطلحات والمشاهد، خاصة وأن هناك كثيرا من البرامج المخصصة للأطفال تتضمن مشاهد عنف ومصطلحات كذلك، وهذا يزيد من مستويات العنف عند الأطفال وطريقة نموهم وتصرفهم وحديثهم مع الآخرين.
وفي ذات السياق، ومن الجانب التربوي الأسري الذي تفرضه تلك الألعاب، تقول الخبيرة والمستشارة التربوية الدكتورة سعاد غيث، إن الأطفال تعرضوا لمقدار كبير جدا من مقاطع “يوتيوب” والألعاب خلال الفترة الماضية، ومنها مقاطع يقدمها “يوتيوبرز” أطفال ويافعون، وكان مضمونها فكرة التحدي والمغامرات والمقالب، للأسف نشر هؤلاء ثقافة المقالب، سواء ضد الأخ والأخت وابن الجيران بطريقة يصحبها سخرية وتهكم وأشكال متنوعة من الإساءات.
وتبين غيث أنها ومن خلال ملاحظاتها، فإن الأطفال من خلال لعبهم على الألعاب الإلكترونية، يكثرون من استخدام الألفاظ النابية والسب والشتم والتعبير عن الغضب بطرائق غير لائقة، والمسؤول عن التوجيه الكبير للأبناء هم الآباء والأمهات، وعليهم متابعة المحتوى لأبنائهم. وذلك للحد من التعرض لمثل هذه المحتويات واستبدالها بمحتوى نافع ومفيد واستبدالها برفقة الأطفال ومصداقتهم واللعب معهم وقراءة الكتب والقصص وتشجيعهم على الرسم والقراءة والكتابة، خاصة الآن بعد العودة للمدرسة، ومن المتوقع جدا استخدامهم لمثل هذه الألفاظ.
وهنا يأتي دور مربي الصف، وفق غيث، وبعد فترة الغياب تلك عليهم أن يقدموا للأطفال توجيهات في أصول وآداب التعامل مع الآخرين من نبرة الصوت والكلمات، وكيف تكون علاقتهم قائمة على التقبل والاحترام وتقبل الاختلاف، دون تنابز بالألقاب أو استقواء على الآخرين، ومساعدة الطلبة سواء كانوا في المرحلة الأساسية أو العليا والمراحل الأكبر والتدريب على مهارات حياتية مختلفة، ومهارات اتصال لها علاقة بإدارة المزاج والغضب ومهارات تزيد من جودة حياتهم الشخصية ومع الآخرين، كذلك تقبل الاختلاف والتسامح.
وتتابع، ومن الممكن استعمال الإذاعة المدرسية في نشر مثل هذه التوجيهات وأصول التعامل مع الآخرين واستثمار النشاطات المدرسية والمنشورات عبر الصفحات الإلكترونيه للمدرسة لإعادة توجيه الطلاب.
واستخدام مثل هذه الألفاظ والعبارات والتعبير عن الغضب بأساليب غير لائقة هو أمر يسيء للعائلة ككل، كما تبين غيث، إذ يؤثر على ذكائه الانفعالي والاجتماعي بشكل سلبي جدا، وهذه فرصة للتنويه لدور المعلمين والمرشدين التربويين في تطوير هذا الذكاء إلى جانب تعلم مهارات القراءة والكتابة والمهارات العلميه المختلفة.
وتضيف، الأطفال بحاجة لتعليمهم أساليب تساعدهم على الحياة حتى يتطور ذكاؤهم الانفعالي والاجتماعي، ولن يستغنوا عن اكتساب مثل هذه المهارات، إضافة إلى الدور الإعلامي الذي يجب أن يكون له دور رقابي وتوجيهي في إدارة مزاجهم وغضبهم واستخدام الكلمات العالية التهذيب.
وتشدد غيث على أهمية استعادة التركيز على نشر ثقافة السلوك عالي التهذيب بين أفراد المجتمع كله، “نحن فعلا بحاجة لأن نستعيد مثل هذا السلوك المهذب في الألفاظ المكتوبة والمحكية”، بسبب تراجع تلك المهارات اللفظية، واستهانة بقيمة العبارات والجمل عالية التهذيب. عن الغد
الثقة نيوز - “أطخك، أقتلك، kill، أرميك من السطح، أدعسك، أتخلص منك، ..”، وغيرها الكثير من العبارات التي تحمل طابع العنف والمصطلحات المسيئة، مشكلة تلوث لفظي يكرره الأطفال واليافعون عبر الحوارات اليومية، لتشكل مصدر قلق للأهالي. ولا يتوقف الأمر عند تقليد المشاهد العنيفة، بقدر ما ينعكس على طبيعة الألفاظ المتداولة.
أولياء أمور أبدوا استياءهم ومعاناتهم من هذه المشكلة، والتي ظهرت آثارها واضحة منذ انتشار الألعاب الإلكترونية، بيد أنها ازدادت بشكل كبير بين صفوف الأطفال في ظل جلوسهم لساعات طويلة أمام الأجهزة الذكية، ما يدفع الوالدين لاتباع عدة أساليب في محاولة منع تكرار تلك المصطلحات أمام الآخرين، كونها غير مقبولة في هذه المرحلة العمرية. ويتساءلون: كيف نعيد تهذيب ألفاظ أبنائنا وهم يتوجهون لمقاعدهم الدراسية؟
“يا ورع، يا رجال، يا متخلف، فاشل” كلمات سمعتها والدة الطفل علي عدة مرات من إبنها البالغ من العمر 11 عاماً، وفي كل مرة تنهره عندما يتحدث لإخوانه أو أصدقائه، لتتفاجأ بعد سؤالها، ممن تعلم تلك المصطلحات، أنها عبارات وألفاظ يكررها لاعبو مشاهير الألعاب الإلكترونية أثناء بثها عبر “يوتيوب”، والدخول في تحدي “القتل الوهمي” من خلال تلك اللعبة.
وتقول والدة علي، إنها ليست الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة، بل كثير من الأمهات وأولياء الأمور، الذين لم يجدوا وسيلة ترفيه أخرى خلال الفترة الماضية سوى الألعاب الإلكترونية، نتيجة جلوس الأبناء في المنزل لساعات طوال، تجنباً لعدوى فيروس “كورونا”، ما سبب لها الإحراج أمام الآخرين بسبب تكرار ابنها لهذه الكلمات، دون أن يعي أنها كلمات غير مناسبة ولا تليق به وبعائلته.
لا يتوقف تأثير تلك الألعاب على الأفعال والكلام فقط، وإنما لها تأثير نفسي عميق ينعكس على شخصية الطفل، كما يوضح ذلك اختصاصي علم النفس الدكتور علاء الفروخ الذي يرى أن واحدة من أهم نظريات التعلم في علم النفس هي نظرية علم النفس المعروفة بـ “النمذجة” أو التعلم بالمشاهدة والتقليد والمحاكاة، وهي بالمجمل عبارات لوصف حالة واحدة، حيث أن الإنسان أحياناً يتعلم من شيء يشاهده أمامه بشكل متكرر ويحاط بأجواء من الحماس والإثارة، كما هو الحال في الألعاب الإلكترونية سواءً أكانت للأطفال أو اليافعين.
ومن هنا، يوضح الفروخ أن هناك تجربة قام بها أحد أكبر علماء النفس المعروفين لدى أطباء علم النفس، والتي تم من خلالها دراسة سلوك مجموعة من الأطفال الذين يتم ملاحظة أنهم يقومون بسلوك عنيف من خلال مواقف تحدث أمامهم، وبالتالي وتبعاً لنظرية النمذجة أو المحاكاة فإن هذا يؤكد وجود أضرار سلبية جداً للألعاب الإلكترونية، وفيها قتال وعنف جسدي ولفظي أحياناً.
ووفق الفروخ، فإن هذه الأضرار السلبية تطال سلوك الأطفال مع الآخرين وطريقة أحاديثهم وتعبيرهم وطريقة تصرفاتهم سواء مع أقرانهم أو الدائرة المحيطة بهم من العائلة والأقارب والجيران، بما فيهم الوالدين، وهذا الموضوع للأسف قد لا يقتصر فقط على ألفاظ عنيفة وغريبة، بل أحياناً قد يقود إلى أفعال عنيفة، من خلال تقليد موقف عنيف أمام أقرانه، شاهده عبر تلك الألعاب والبرامج.
وللأسف، يقول الفروخ إن علماء النفس حذروا مراراً وتكراراً من ظاهرة الإفراط في ترك الأطفال “حبيسي” تلك الألعاب وشديدي التعلق بها وممارستها عبر الأجهزة الإلكترونية، مشيراً إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على ممارسة الألعاب، وإنما يجب الحد من مشاهدة البرامج والأفلام التي تحوي مثل هذه المصطلحات والمشاهد، خاصة وأن هناك كثيرا من البرامج المخصصة للأطفال تتضمن مشاهد عنف ومصطلحات كذلك، وهذا يزيد من مستويات العنف عند الأطفال وطريقة نموهم وتصرفهم وحديثهم مع الآخرين.
وفي ذات السياق، ومن الجانب التربوي الأسري الذي تفرضه تلك الألعاب، تقول الخبيرة والمستشارة التربوية الدكتورة سعاد غيث، إن الأطفال تعرضوا لمقدار كبير جدا من مقاطع “يوتيوب” والألعاب خلال الفترة الماضية، ومنها مقاطع يقدمها “يوتيوبرز” أطفال ويافعون، وكان مضمونها فكرة التحدي والمغامرات والمقالب، للأسف نشر هؤلاء ثقافة المقالب، سواء ضد الأخ والأخت وابن الجيران بطريقة يصحبها سخرية وتهكم وأشكال متنوعة من الإساءات.
وتبين غيث أنها ومن خلال ملاحظاتها، فإن الأطفال من خلال لعبهم على الألعاب الإلكترونية، يكثرون من استخدام الألفاظ النابية والسب والشتم والتعبير عن الغضب بطرائق غير لائقة، والمسؤول عن التوجيه الكبير للأبناء هم الآباء والأمهات، وعليهم متابعة المحتوى لأبنائهم. وذلك للحد من التعرض لمثل هذه المحتويات واستبدالها بمحتوى نافع ومفيد واستبدالها برفقة الأطفال ومصداقتهم واللعب معهم وقراءة الكتب والقصص وتشجيعهم على الرسم والقراءة والكتابة، خاصة الآن بعد العودة للمدرسة، ومن المتوقع جدا استخدامهم لمثل هذه الألفاظ.
وهنا يأتي دور مربي الصف، وفق غيث، وبعد فترة الغياب تلك عليهم أن يقدموا للأطفال توجيهات في أصول وآداب التعامل مع الآخرين من نبرة الصوت والكلمات، وكيف تكون علاقتهم قائمة على التقبل والاحترام وتقبل الاختلاف، دون تنابز بالألقاب أو استقواء على الآخرين، ومساعدة الطلبة سواء كانوا في المرحلة الأساسية أو العليا والمراحل الأكبر والتدريب على مهارات حياتية مختلفة، ومهارات اتصال لها علاقة بإدارة المزاج والغضب ومهارات تزيد من جودة حياتهم الشخصية ومع الآخرين، كذلك تقبل الاختلاف والتسامح.
وتتابع، ومن الممكن استعمال الإذاعة المدرسية في نشر مثل هذه التوجيهات وأصول التعامل مع الآخرين واستثمار النشاطات المدرسية والمنشورات عبر الصفحات الإلكترونيه للمدرسة لإعادة توجيه الطلاب.
واستخدام مثل هذه الألفاظ والعبارات والتعبير عن الغضب بأساليب غير لائقة هو أمر يسيء للعائلة ككل، كما تبين غيث، إذ يؤثر على ذكائه الانفعالي والاجتماعي بشكل سلبي جدا، وهذه فرصة للتنويه لدور المعلمين والمرشدين التربويين في تطوير هذا الذكاء إلى جانب تعلم مهارات القراءة والكتابة والمهارات العلميه المختلفة.
وتضيف، الأطفال بحاجة لتعليمهم أساليب تساعدهم على الحياة حتى يتطور ذكاؤهم الانفعالي والاجتماعي، ولن يستغنوا عن اكتساب مثل هذه المهارات، إضافة إلى الدور الإعلامي الذي يجب أن يكون له دور رقابي وتوجيهي في إدارة مزاجهم وغضبهم واستخدام الكلمات العالية التهذيب.
وتشدد غيث على أهمية استعادة التركيز على نشر ثقافة السلوك عالي التهذيب بين أفراد المجتمع كله، “نحن فعلا بحاجة لأن نستعيد مثل هذا السلوك المهذب في الألفاظ المكتوبة والمحكية”، بسبب تراجع تلك المهارات اللفظية، واستهانة بقيمة العبارات والجمل عالية التهذيب. عن الغد
التعليقات
مصطلحات عنيفة تغزو حياة الصغار بتأثير الألعاب الإلكترونية
التعليقات