واوضح فتوح ان التدفقات المالية الكبيرة الى لبنان (على الرغم من تراجعها خلال السنوات العشر الاخيرة)، قد صبّت بشكل اساسي لدى المصارف اللبنانية، فتضخمت الودائع لديها (من المقيمين وغير المقيمين) في ظل اقتصاد صغير يفتقد الى الفرص التمويلية والاستثمارية الكبيرة جراء النمو الاقتصادي البطيء، وضعف الاستثمار المحلي والاجنبي نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والامني، واستشراء الفساد، وتراجع مستوى البنية التحتية، والمعوقات العديدة الاخرى.
وبين ان كل ذلك دفع بالمصارف اللبنانية، بالإضافة الى تمويل الدولة مباشرة والقطاع الخاص المقيم الى ايداع جزء كبير من الودائع لدى مصرف لبنان، ففي شهر تشرين الاول 2019، بلغ حجم ايداعات المصارف اللبنانية لدى مصرف لبنان 3ر154 مليار دولار، الذي قام باستثمار جزء كبير منها في سندات الحكومة اللبنانية بالليرة وبالدولار.
ولفت فتوح الى ان الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي تسارع بعد الاحتجاجات الشعبية عام 2019، وظهور جائحة فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت العام الماضي ما ادى الى هبوط قيمة الليرة اللبنانية ووصل سعر الصرف حتى اليوم 20000 ليرة للدولار الواحد، والتضخم المفرط وبخاصة الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية الاساسية، وفي نُدرة توافر المحروقات، ووصول اكثر من نصف اللبنانيين الى حافة الفقر.
واشار الى ان المصارف اللبنانية كانت من ضمن القطاعات الأكثر تضررا بفعل ازدياد حالات التعثر الناجمة عن تدهور الاوضاع الاقتصادية والركود الكبير الذي يشهده لبنان من جهة، واعلان الحكومة اللبنانية خلال شهر آذار عام 2020 عن التوقف عن دفع استحقاقات الديون من جهة أخرى.
واوضح ان المصارف اللبنانية واجهت انكماشاً كبيراً في السيولة بفعل تراجع كبير في التدفقات المالية من الخارج والايداعات الداخلية، والغياب شبه التام للإجراءات الحكومية الهادفة الى حلّ الازمة.
وقال فتوح "على الرغم من المتطلبات الاضافية لمصرف لبنان بالنسبة لزيادة الرسملة والحسابات الخارجية لدى المصارف المراسلة، تمكنت معظم المصارف وخاصة المصارف الاكبر من تلبية تلك المتطلبات وتعزيز السيولة لديها، عبر اجراءات عدة على رأسها بيع بعض فروعها الخارجية وتحويل الاموال الناجمة عنها الى لبنان".
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة ان "هذه السنة كانت الاسوأ بالنسبة الى الاقتصاد اللبناني، فمنذ عام 2019 بدأت سلسلة من الكوارث على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي حيث ارتفعت نسبة الفقر بشكل كبير جداً اذ بلغت عام 2019 نحو 30 بالمئة، و50 بالمئة العام الماضي، فيما التقديرات تشير الى انها ستصل الى 75 بالمئة خلال العام الحالي 2021 .
ولفت عجاقة الى نسبة الفقر المدقع الذي يعني ان نسبة الدخل اليومي اقل من 9ر1 دولا والذي بلغ عام 2019 نحو 8 بالمئة والعام الماضي وصل الى 23 بالمئة وفي نهاية العام الحالي ستفوق نسبة الفقر المدقع 30 بالمئة.
وقال "بسبب تآكل القدرة الشرائية لم يعد هناك قدرة لدى المواطنين بالحصول على المواد الغذائية التي ارتفعت اسعارها بشكل جنوني وحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فان اكثر من 77 بالمئة من العائلات اللبنانية ليس لديها القدرة بالاكتفاء غذائياً و 30 بالمئة من الاطفال ينامون وامعاؤهم خاوية وهذا الامر يعني ان الوضع متدهور ويجعلنا على الخارطة الاجتماعية في المنطقة الحمراء ونعاني نقصا حادا في المواد الغذائية، وهذا امر كارثي".
واضاف "اننا مهددون اجتماعياً بأمور اخرى كالمحروقات التي هي عنصر اساسي في الحياة بالإضافة الى ازمة الكهرباء والغاز، وعلى الصعيد الاقتصادي فإن الماكينة الاقتصادية تنقسم الى قسمين الاول يضم من يصدرون الى الخارج وتشمل الصناعيين وقسما من المزارعين، والقسم الثاني الذين يستوردون من الخارج اي التجار".
وعبر عجاقة عن أسفه ان معظم ما تنتجه بلاده سواء من صناعة وزراعة والذي يقدر بنحو 5ر3 مليار دولار يصدر الى الخارج، بالمقابل تستورد كل شيء تقريبا.
وقال "بعد مرور عامين تقريباً على بدء الازمة لم نستطع ان نخفف من استيراد المواد الغذائية وغيرها"، واصفا ذلك بالأمر الكارثي " فلا احد يستثمر والكثير من المواطنين فقدوا اعمالهم بسبب اغلاق الشركات وأزمة المحروقات، وارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير وهذا يؤدي الى ارتفاع نسبة الهجرة".
وعلى الصعيد النقدي تحدث عن "التراجع الكبير للعملة الوطنية التي اصبحت رهينة السوق السوداء التي تديرها – ما اسماه - عصابات عابرة للمهن والطوائف"، مشيراً الى ان "حياة المواطن اللبناني اصبحت رهينة الليرة في السوق السوداء التي هي عبارة عن تطبيقات"، متوقعاً "وجود خلفيات سياسية وراء تلك التطبيقات بالإضافة الى عمليات الاحتكار وعمليات التهريب التي تنقل الدولارات خارج الماكينة الاقتصادية اللبنانية".
اما عن السيناريوهات المطروحة لحل الازمة في لبنان، قال عجاقة انها تتمثل بالإسراع في تأليف حكومة أولا واعطائها الثقة مباشرة لتضع خطتها وتقوم بمفاوضات مع صندوق النقد الذي يقوم بدعمها وعندها يستعيد الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي عافيتهما"، مشيراً الى ان "هذا الامر سيتم بسرعة كبيرة وبالتالي سيشعر المواطن بالفرق في فترة قليلة قد تقاس بالأشهر".
واضاف "هذا السيناريو الايجابي والتفاؤلي ممكن تحقيقه تقنياً، اما اذا لم تتألف الحكومة فنحن ذاهبون الى وضع اقتصادي اجتماعي مالي ونقدي كارثي وهذا سيؤدي الى ردات فعل على الارض"، مؤكدا ان هذا الامر ليس من مصلحة احد.
واشار الى ضرورة وضع خطة طريق واضحة ويجب ان يكون هناك شبكة امان اجتماعي وان تتحمل الدولة مسؤولياتها تجاه مواطنيها وتعمل على تأمين المواد الغذائية والحياة الكريمة التي تنص عليها شرعة حقوق الانسان.
واكد ضرورة استقطاب استثمارات خارجية بالاقتصاد والبنى التحتية بالدرجة الاولى، وتشجيع القطاعات عبر خطة اقتصادية للتخفيف من التعلق بالخارج من خلال انتاج السوق المحلية وتشجيع السياحة، واعادة هيكلة ديون الدولة من دون اقتطاع، حيث ان قسما كبيرا منه دين داخلي ووقف دفع سندات اليوروبوند كان خطأً كبيراً.
وقال "الليرة اللبنانية هي العنصر الاساسي في الاستقرار الاجتماعي واذا لم نفرض الثبات النقدي المصطنع اقله في هذه المرحلة الى ان يستعيد الاقتصاد عافيته وعندها يصبح لدينا ثبات نقدي طبيعي من خلال الاقتصاد، الازمة لا يمكن ان تحل وهذا الامر يتطلب اجراءات تقنية لضمان حصول تثبيت سعر العملة الوطنية".
واكد عجاقة ان كل الدول التي عانت ازمات اقتصادية مماثلة للازمة اللبنانية تخطتها بتضافر عوامل كثيرة اهمها محاربة الفساد وايجاد خطة ورؤية اقتصادية واضحة تتفق عليها مختلف الاطراف، موضحا ان الاسراع في تأليف حكومة في البلاد يعجل الحلول فيستعيد لبنان دوره الاقتصادي الرائد في الشرق.
-- (بترا وفانا)
واوضح فتوح ان التدفقات المالية الكبيرة الى لبنان (على الرغم من تراجعها خلال السنوات العشر الاخيرة)، قد صبّت بشكل اساسي لدى المصارف اللبنانية، فتضخمت الودائع لديها (من المقيمين وغير المقيمين) في ظل اقتصاد صغير يفتقد الى الفرص التمويلية والاستثمارية الكبيرة جراء النمو الاقتصادي البطيء، وضعف الاستثمار المحلي والاجنبي نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والامني، واستشراء الفساد، وتراجع مستوى البنية التحتية، والمعوقات العديدة الاخرى.
وبين ان كل ذلك دفع بالمصارف اللبنانية، بالإضافة الى تمويل الدولة مباشرة والقطاع الخاص المقيم الى ايداع جزء كبير من الودائع لدى مصرف لبنان، ففي شهر تشرين الاول 2019، بلغ حجم ايداعات المصارف اللبنانية لدى مصرف لبنان 3ر154 مليار دولار، الذي قام باستثمار جزء كبير منها في سندات الحكومة اللبنانية بالليرة وبالدولار.
ولفت فتوح الى ان الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي تسارع بعد الاحتجاجات الشعبية عام 2019، وظهور جائحة فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت العام الماضي ما ادى الى هبوط قيمة الليرة اللبنانية ووصل سعر الصرف حتى اليوم 20000 ليرة للدولار الواحد، والتضخم المفرط وبخاصة الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية الاساسية، وفي نُدرة توافر المحروقات، ووصول اكثر من نصف اللبنانيين الى حافة الفقر.
واشار الى ان المصارف اللبنانية كانت من ضمن القطاعات الأكثر تضررا بفعل ازدياد حالات التعثر الناجمة عن تدهور الاوضاع الاقتصادية والركود الكبير الذي يشهده لبنان من جهة، واعلان الحكومة اللبنانية خلال شهر آذار عام 2020 عن التوقف عن دفع استحقاقات الديون من جهة أخرى.
واوضح ان المصارف اللبنانية واجهت انكماشاً كبيراً في السيولة بفعل تراجع كبير في التدفقات المالية من الخارج والايداعات الداخلية، والغياب شبه التام للإجراءات الحكومية الهادفة الى حلّ الازمة.
وقال فتوح "على الرغم من المتطلبات الاضافية لمصرف لبنان بالنسبة لزيادة الرسملة والحسابات الخارجية لدى المصارف المراسلة، تمكنت معظم المصارف وخاصة المصارف الاكبر من تلبية تلك المتطلبات وتعزيز السيولة لديها، عبر اجراءات عدة على رأسها بيع بعض فروعها الخارجية وتحويل الاموال الناجمة عنها الى لبنان".
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة ان "هذه السنة كانت الاسوأ بالنسبة الى الاقتصاد اللبناني، فمنذ عام 2019 بدأت سلسلة من الكوارث على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي حيث ارتفعت نسبة الفقر بشكل كبير جداً اذ بلغت عام 2019 نحو 30 بالمئة، و50 بالمئة العام الماضي، فيما التقديرات تشير الى انها ستصل الى 75 بالمئة خلال العام الحالي 2021 .
ولفت عجاقة الى نسبة الفقر المدقع الذي يعني ان نسبة الدخل اليومي اقل من 9ر1 دولا والذي بلغ عام 2019 نحو 8 بالمئة والعام الماضي وصل الى 23 بالمئة وفي نهاية العام الحالي ستفوق نسبة الفقر المدقع 30 بالمئة.
وقال "بسبب تآكل القدرة الشرائية لم يعد هناك قدرة لدى المواطنين بالحصول على المواد الغذائية التي ارتفعت اسعارها بشكل جنوني وحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فان اكثر من 77 بالمئة من العائلات اللبنانية ليس لديها القدرة بالاكتفاء غذائياً و 30 بالمئة من الاطفال ينامون وامعاؤهم خاوية وهذا الامر يعني ان الوضع متدهور ويجعلنا على الخارطة الاجتماعية في المنطقة الحمراء ونعاني نقصا حادا في المواد الغذائية، وهذا امر كارثي".
واضاف "اننا مهددون اجتماعياً بأمور اخرى كالمحروقات التي هي عنصر اساسي في الحياة بالإضافة الى ازمة الكهرباء والغاز، وعلى الصعيد الاقتصادي فإن الماكينة الاقتصادية تنقسم الى قسمين الاول يضم من يصدرون الى الخارج وتشمل الصناعيين وقسما من المزارعين، والقسم الثاني الذين يستوردون من الخارج اي التجار".
وعبر عجاقة عن أسفه ان معظم ما تنتجه بلاده سواء من صناعة وزراعة والذي يقدر بنحو 5ر3 مليار دولار يصدر الى الخارج، بالمقابل تستورد كل شيء تقريبا.
وقال "بعد مرور عامين تقريباً على بدء الازمة لم نستطع ان نخفف من استيراد المواد الغذائية وغيرها"، واصفا ذلك بالأمر الكارثي " فلا احد يستثمر والكثير من المواطنين فقدوا اعمالهم بسبب اغلاق الشركات وأزمة المحروقات، وارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير وهذا يؤدي الى ارتفاع نسبة الهجرة".
وعلى الصعيد النقدي تحدث عن "التراجع الكبير للعملة الوطنية التي اصبحت رهينة السوق السوداء التي تديرها – ما اسماه - عصابات عابرة للمهن والطوائف"، مشيراً الى ان "حياة المواطن اللبناني اصبحت رهينة الليرة في السوق السوداء التي هي عبارة عن تطبيقات"، متوقعاً "وجود خلفيات سياسية وراء تلك التطبيقات بالإضافة الى عمليات الاحتكار وعمليات التهريب التي تنقل الدولارات خارج الماكينة الاقتصادية اللبنانية".
اما عن السيناريوهات المطروحة لحل الازمة في لبنان، قال عجاقة انها تتمثل بالإسراع في تأليف حكومة أولا واعطائها الثقة مباشرة لتضع خطتها وتقوم بمفاوضات مع صندوق النقد الذي يقوم بدعمها وعندها يستعيد الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي عافيتهما"، مشيراً الى ان "هذا الامر سيتم بسرعة كبيرة وبالتالي سيشعر المواطن بالفرق في فترة قليلة قد تقاس بالأشهر".
واضاف "هذا السيناريو الايجابي والتفاؤلي ممكن تحقيقه تقنياً، اما اذا لم تتألف الحكومة فنحن ذاهبون الى وضع اقتصادي اجتماعي مالي ونقدي كارثي وهذا سيؤدي الى ردات فعل على الارض"، مؤكدا ان هذا الامر ليس من مصلحة احد.
واشار الى ضرورة وضع خطة طريق واضحة ويجب ان يكون هناك شبكة امان اجتماعي وان تتحمل الدولة مسؤولياتها تجاه مواطنيها وتعمل على تأمين المواد الغذائية والحياة الكريمة التي تنص عليها شرعة حقوق الانسان.
واكد ضرورة استقطاب استثمارات خارجية بالاقتصاد والبنى التحتية بالدرجة الاولى، وتشجيع القطاعات عبر خطة اقتصادية للتخفيف من التعلق بالخارج من خلال انتاج السوق المحلية وتشجيع السياحة، واعادة هيكلة ديون الدولة من دون اقتطاع، حيث ان قسما كبيرا منه دين داخلي ووقف دفع سندات اليوروبوند كان خطأً كبيراً.
وقال "الليرة اللبنانية هي العنصر الاساسي في الاستقرار الاجتماعي واذا لم نفرض الثبات النقدي المصطنع اقله في هذه المرحلة الى ان يستعيد الاقتصاد عافيته وعندها يصبح لدينا ثبات نقدي طبيعي من خلال الاقتصاد، الازمة لا يمكن ان تحل وهذا الامر يتطلب اجراءات تقنية لضمان حصول تثبيت سعر العملة الوطنية".
واكد عجاقة ان كل الدول التي عانت ازمات اقتصادية مماثلة للازمة اللبنانية تخطتها بتضافر عوامل كثيرة اهمها محاربة الفساد وايجاد خطة ورؤية اقتصادية واضحة تتفق عليها مختلف الاطراف، موضحا ان الاسراع في تأليف حكومة في البلاد يعجل الحلول فيستعيد لبنان دوره الاقتصادي الرائد في الشرق.
-- (بترا وفانا)
واوضح فتوح ان التدفقات المالية الكبيرة الى لبنان (على الرغم من تراجعها خلال السنوات العشر الاخيرة)، قد صبّت بشكل اساسي لدى المصارف اللبنانية، فتضخمت الودائع لديها (من المقيمين وغير المقيمين) في ظل اقتصاد صغير يفتقد الى الفرص التمويلية والاستثمارية الكبيرة جراء النمو الاقتصادي البطيء، وضعف الاستثمار المحلي والاجنبي نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والامني، واستشراء الفساد، وتراجع مستوى البنية التحتية، والمعوقات العديدة الاخرى.
وبين ان كل ذلك دفع بالمصارف اللبنانية، بالإضافة الى تمويل الدولة مباشرة والقطاع الخاص المقيم الى ايداع جزء كبير من الودائع لدى مصرف لبنان، ففي شهر تشرين الاول 2019، بلغ حجم ايداعات المصارف اللبنانية لدى مصرف لبنان 3ر154 مليار دولار، الذي قام باستثمار جزء كبير منها في سندات الحكومة اللبنانية بالليرة وبالدولار.
ولفت فتوح الى ان الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي تسارع بعد الاحتجاجات الشعبية عام 2019، وظهور جائحة فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت العام الماضي ما ادى الى هبوط قيمة الليرة اللبنانية ووصل سعر الصرف حتى اليوم 20000 ليرة للدولار الواحد، والتضخم المفرط وبخاصة الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية الاساسية، وفي نُدرة توافر المحروقات، ووصول اكثر من نصف اللبنانيين الى حافة الفقر.
واشار الى ان المصارف اللبنانية كانت من ضمن القطاعات الأكثر تضررا بفعل ازدياد حالات التعثر الناجمة عن تدهور الاوضاع الاقتصادية والركود الكبير الذي يشهده لبنان من جهة، واعلان الحكومة اللبنانية خلال شهر آذار عام 2020 عن التوقف عن دفع استحقاقات الديون من جهة أخرى.
واوضح ان المصارف اللبنانية واجهت انكماشاً كبيراً في السيولة بفعل تراجع كبير في التدفقات المالية من الخارج والايداعات الداخلية، والغياب شبه التام للإجراءات الحكومية الهادفة الى حلّ الازمة.
وقال فتوح "على الرغم من المتطلبات الاضافية لمصرف لبنان بالنسبة لزيادة الرسملة والحسابات الخارجية لدى المصارف المراسلة، تمكنت معظم المصارف وخاصة المصارف الاكبر من تلبية تلك المتطلبات وتعزيز السيولة لديها، عبر اجراءات عدة على رأسها بيع بعض فروعها الخارجية وتحويل الاموال الناجمة عنها الى لبنان".
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة ان "هذه السنة كانت الاسوأ بالنسبة الى الاقتصاد اللبناني، فمنذ عام 2019 بدأت سلسلة من الكوارث على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي حيث ارتفعت نسبة الفقر بشكل كبير جداً اذ بلغت عام 2019 نحو 30 بالمئة، و50 بالمئة العام الماضي، فيما التقديرات تشير الى انها ستصل الى 75 بالمئة خلال العام الحالي 2021 .
ولفت عجاقة الى نسبة الفقر المدقع الذي يعني ان نسبة الدخل اليومي اقل من 9ر1 دولا والذي بلغ عام 2019 نحو 8 بالمئة والعام الماضي وصل الى 23 بالمئة وفي نهاية العام الحالي ستفوق نسبة الفقر المدقع 30 بالمئة.
وقال "بسبب تآكل القدرة الشرائية لم يعد هناك قدرة لدى المواطنين بالحصول على المواد الغذائية التي ارتفعت اسعارها بشكل جنوني وحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فان اكثر من 77 بالمئة من العائلات اللبنانية ليس لديها القدرة بالاكتفاء غذائياً و 30 بالمئة من الاطفال ينامون وامعاؤهم خاوية وهذا الامر يعني ان الوضع متدهور ويجعلنا على الخارطة الاجتماعية في المنطقة الحمراء ونعاني نقصا حادا في المواد الغذائية، وهذا امر كارثي".
واضاف "اننا مهددون اجتماعياً بأمور اخرى كالمحروقات التي هي عنصر اساسي في الحياة بالإضافة الى ازمة الكهرباء والغاز، وعلى الصعيد الاقتصادي فإن الماكينة الاقتصادية تنقسم الى قسمين الاول يضم من يصدرون الى الخارج وتشمل الصناعيين وقسما من المزارعين، والقسم الثاني الذين يستوردون من الخارج اي التجار".
وعبر عجاقة عن أسفه ان معظم ما تنتجه بلاده سواء من صناعة وزراعة والذي يقدر بنحو 5ر3 مليار دولار يصدر الى الخارج، بالمقابل تستورد كل شيء تقريبا.
وقال "بعد مرور عامين تقريباً على بدء الازمة لم نستطع ان نخفف من استيراد المواد الغذائية وغيرها"، واصفا ذلك بالأمر الكارثي " فلا احد يستثمر والكثير من المواطنين فقدوا اعمالهم بسبب اغلاق الشركات وأزمة المحروقات، وارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير وهذا يؤدي الى ارتفاع نسبة الهجرة".
وعلى الصعيد النقدي تحدث عن "التراجع الكبير للعملة الوطنية التي اصبحت رهينة السوق السوداء التي تديرها – ما اسماه - عصابات عابرة للمهن والطوائف"، مشيراً الى ان "حياة المواطن اللبناني اصبحت رهينة الليرة في السوق السوداء التي هي عبارة عن تطبيقات"، متوقعاً "وجود خلفيات سياسية وراء تلك التطبيقات بالإضافة الى عمليات الاحتكار وعمليات التهريب التي تنقل الدولارات خارج الماكينة الاقتصادية اللبنانية".
اما عن السيناريوهات المطروحة لحل الازمة في لبنان، قال عجاقة انها تتمثل بالإسراع في تأليف حكومة أولا واعطائها الثقة مباشرة لتضع خطتها وتقوم بمفاوضات مع صندوق النقد الذي يقوم بدعمها وعندها يستعيد الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي عافيتهما"، مشيراً الى ان "هذا الامر سيتم بسرعة كبيرة وبالتالي سيشعر المواطن بالفرق في فترة قليلة قد تقاس بالأشهر".
واضاف "هذا السيناريو الايجابي والتفاؤلي ممكن تحقيقه تقنياً، اما اذا لم تتألف الحكومة فنحن ذاهبون الى وضع اقتصادي اجتماعي مالي ونقدي كارثي وهذا سيؤدي الى ردات فعل على الارض"، مؤكدا ان هذا الامر ليس من مصلحة احد.
واشار الى ضرورة وضع خطة طريق واضحة ويجب ان يكون هناك شبكة امان اجتماعي وان تتحمل الدولة مسؤولياتها تجاه مواطنيها وتعمل على تأمين المواد الغذائية والحياة الكريمة التي تنص عليها شرعة حقوق الانسان.
واكد ضرورة استقطاب استثمارات خارجية بالاقتصاد والبنى التحتية بالدرجة الاولى، وتشجيع القطاعات عبر خطة اقتصادية للتخفيف من التعلق بالخارج من خلال انتاج السوق المحلية وتشجيع السياحة، واعادة هيكلة ديون الدولة من دون اقتطاع، حيث ان قسما كبيرا منه دين داخلي ووقف دفع سندات اليوروبوند كان خطأً كبيراً.
وقال "الليرة اللبنانية هي العنصر الاساسي في الاستقرار الاجتماعي واذا لم نفرض الثبات النقدي المصطنع اقله في هذه المرحلة الى ان يستعيد الاقتصاد عافيته وعندها يصبح لدينا ثبات نقدي طبيعي من خلال الاقتصاد، الازمة لا يمكن ان تحل وهذا الامر يتطلب اجراءات تقنية لضمان حصول تثبيت سعر العملة الوطنية".
واكد عجاقة ان كل الدول التي عانت ازمات اقتصادية مماثلة للازمة اللبنانية تخطتها بتضافر عوامل كثيرة اهمها محاربة الفساد وايجاد خطة ورؤية اقتصادية واضحة تتفق عليها مختلف الاطراف، موضحا ان الاسراع في تأليف حكومة في البلاد يعجل الحلول فيستعيد لبنان دوره الاقتصادي الرائد في الشرق.
-- (بترا وفانا)
التعليقات
تقرير : لبنان يعاني ازمة اقتصادية ومالية الاسوأ في تاريخه .. إضافة 1 واخيرة
التعليقات