حينما يُطرح موضوع تناول الحشرات نصاب فوراً بالتقزز، فمن غير المعقول أن نضع هذه الحشرات في أفواهنا؟ وحينما نرى فيديو أو صورة لشخص يتناول الحشرات قد ينتابنا شعور بالرغبة في التقيؤ.
لكن الذي أثار الجدل أكثر مؤخراً سماح المحكمة الأوروبية ببيع بعض أنواع الحشرات كطعام بشري في أوروبا، تلك القارة التي لا تعرف تناول الحشرات كطعام للبشر.
الحشرات التي سمحت بها المحكمة الأوروبية لبيعها كطعام بشري هي: حشرة "الغبشة"، والديدان الطحلبية، وصرصار الحقل، وصرصار المناطق الاستوائية والجراد المهاجر والجراد الصحراوي، ونحل العسل الغربي، وذبابة الجندي الأسود.
هذا التشريع أتى نتيجة لتحركات منذ سنوات يقوم بها مناصرو تناول الحشرات كطعام، والذين يرون فيها حلاً غذائياً مهماً لمستقبل البشرية والبيئة على وجه الأرض.
داعمو حركة تناول الحشرات يتحججون بداية بأن تناول الأطعمة وتحديد ما نأكله وما لا نأكله يخضع للعرف الاجتماعي، فمن يولد ويعيش في دولة آسيوية مثلاً سينشأ على أن تناول الحشرات أمر طبيعي جداً، في المقابل هناك بعض ما يتناوله الأوربيون تنظر له شعوب أخرى على أنه طعام مقزز، كجراد البحر، الذي يتم استيراده من بعض الدول التي ترى أن تناوله شيء لا يمكن تناوله.
بالتالي فإن موضوع التقزز من الطعام هو أمر نسبي وليس له أساس علمي، وبالتالي لا يمكن اعتباره قاعدة في تحديد ما يصلح لأجسادنا وينفعها.
وحسب تقرير صادر من الأمم المتحدة عام 2013 فإن حوالي ملياري إنسان يتناولون حالياً حشرات بطريقة أو بأخرى، أي حوالي ثلث سكان الكرة الأرضية.
ويرى مناصرو تناول الحشرات كطعام أن الحشرات تحوي مواد مغذية للجسم، من أهمها البروتين، والذي قد يقارب أحياناً مقدار البروتين في اللحم، ففي حين أن 100 غراماً من اللحم البقري يحوي من 19 إلى 26 غراماً من البروتين، فإن 100 غراماً من الديدان الطحلبية قد يصل البروتين فيها إلى 25 جراماً. ويعتمد مقدار البروتين في الحشرات على الأطعمة التي يتم تغذيتها عليها.
كما تحوي الحشرات على العديد من المعادن مثل الحديد والزنك والكالسيوم والماغنيسيوم، كما أن الحشرات تحوي كمية من الفيتامينات أكبر من تلك التي يحويها اللحم البقري باستثناء فيتامين بـ12، كما تحوي بعض الحشرات مثل صرصار الحقل على مواد مضادة للالتهابات.
بالإضافة إلى ما سبق، يرى مناصرو تناول الحشرات كطعام أن تربيتها وتناولها أفضل للبيئة، حيث أن تربية الحيوانات ينتج عنها العديد من المواد الضارة بالبيئة، وبالمقابل فإن تربية الحشرات تنتج غازات ومواد ضارة أقل بكثير من ذلك، ففي حين يترتب على إنتاج كيلو غراماً من اللحم البقري حوالي 2850 غراماً من الغازات الضارة، فإن إنتاج نفس القدر من الجراد مثلاً ينتج عنه حوالي غرام ونصف فقط من الغازات الضارة.
كما أن تربية الحشرات لا تتطلب الكثير من التغذية، فإنتاج كيلو غرام من اللحم البقري يتطلب حوالي 10 كيلوغرامات من الغذاء، في حين أن إنتاج كيلوغراماً من الجراد يتطلب 1.7 كيلوغراماً من الغذاء فقط.
ويضيف مناصرو تناول الحشرات على ذلك حجم المساحة التي يتطلبها الإنتاج، فالمواشي والحيوانات تحتاج إلى مساحات واسعة لكي تعيش فيها، في حين أن الحشرات تتطلب أقل من عُشر تلك المساحة لإنتاج نفس الكمية من الطعام. وهذا بالإضافة إلى عوامل أخرى يضيف ميزة لصالح الحشرات، وهو أنه يمكن تربيتها في أي مكان كان، حتى في أواسط المدن الكبيرة.
ولا تنتهي المزايا عند هذا الحد، حيث يضيفون إليها أن الحشرات تتغذى على مواد لا يمكننا نحن ولا الحيوانات أكلها، كفضلات الطعام، والبلاستيك! وهذا ما يشجع داعمي الحشرات كغذاء على البحث أكثر في هذا المجال، لأن هذا قد يؤدي إلى أنماط متقدمة من التدوير لم تكن على البال من قبل.
وهناك نقطة إضافية يضيفونها لقائمة الميزات خصوصاً مع أزمة كورونا الحالية، وهو أنه وبسبب أن الحيوانات من الثدييات، وتتشابه مع تكوين الإنسان، فإن هذا يزيد من احتمالية بدء وباء في الحيوانات وانتقاله للإنسان، كما يُعتقد أنه تم في وباء كورونا، وكما كان الحال مع العديد من الأوبئة الأخرى، في حين أن ذلك احتماليته ضعيفة للغاية في حال الحشرات.
كما يستشهد مناصرو تناول الحشرات بأمر آخر، وهو أننا بالفعل نتناول الحشرات! بمعدل من نصف كيلو إلى كيلو سنوياً، وبدون أن ندرك ذلك! حيث أن العديد من الأطعمة التي نتناولها قد تحوي حشرات أو أجزاء من الحشرات، أو بيوض للحشرات، ومن الوارد أن تكون هناك أجزاء من الحشرات دخلت في تصنيع الباستا، أو تكون هناك بيوض للحشرات في معجون الطماطم، وذلك كله معترف به ومقر من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية التي وضعت نسب أعلى للحد المسموح بتواجده من الحشرات في هذه الأطعمة.
حينما يتحدث أحد عن تناول الحشرات كطعام فإن ما يخطر ببالنا هو تناول الحشرات مباشرة، ولكن المهتمون بالحشرات كغذاء يعملون على تصنيع العديد من الأطعمة منها، أو مواد الطبخ.
من ذلك مثلاً دخول الحشرات في تصنيع الخبز، فقد أطلقت شركة فنلندية في عام 2017 خبزاً تحوي القطعة منه على قرابة 70 جندباً مطحوناً لتدعيم الخبز بالبروتين، ثم قامت شركة نرويجية في عام 2019 بإنتاج خبز يحوي ديدان طحلبية، وفي نفس العام أنتجت شركة بريطانية إنتاجاً محدوداً من (رغيف الجندب المقرمش) والذي يحوي قرابة 336 جندباً مطحوناً، وفي عام 2020 قامت شركة يابانية بتقديم رغيف الخبز الفرنسي (باغيت) يحتوي على بودرة الجندب، كما قاموا بتصنيع كيكة منه أيضاً.
البرغر هو أشهر ما يتم صنعه من الحشرات حيث يمكن تكوين خلطات عديدة منه وتكون بديلة للبرغر المعروف حسب ما ينادي به مناصروا تناول الحشرات، ومن أوائل المنتجات في ذلك شريحة برغر أنتجتها مؤسسة ألمانية تحوي في تكوينها حشرات مع بعض الخضراوات.
قد تكون الحلويات هي أغرب ما يتم تصنيعه من الحشرات للفارق الشاسع بين صورة الحلويات اللذيذة وصورة الحشرات المقززة للكثيرين، ولكن هناك بالفعل العديد من الحلويات المصنعة من الحشرات، ومن أشهر وأبسط هذه المنتجات هي تحميص حشرة ثم تغليفها بالشوكولاتة! ويقول أحدهم أن طعم الجرادة المحمصة المغطاة بالشوكولاتة هو مثل طعم شوكولاتة الكيت كات! وهناك أيضاً المصاصات التي تحوي حشرة كاملة وأول من أنتجها كانت شركة أمريكية قبل حوالي أربعين عاماً. الكوكيز أيضاً أصبحت من منتجات أطعمة الحشرات، حيث يتم إدخال بعض الحشرات في مكونات الكوكيز لتدعيم محتواها الغذائي.
وهل يمكن لأحد أن يتخيل قهوة من الحشرات؟ هذا بالفعل ما أنتجته شركة يابانية: خليط قهوة الجنادب، وهناك أيضاً قهوة بدودة القز.
قائمة الأطعمة المصنعة من الحشرات طويلة، كالبطاطس (الشيبس)، والمقرمشات، والآيسكريم، وكرات الحشرات، والحليب، والنودلز، والزيت، والبانكيك، والباستا، والصلصات، والطحين، والنقانق، والعصائر، وحتى الفلافل!
إحدى الشركات الناشئة اتخذت مساراً مختلفاً، حيث تخصصت في تصنيع أغذية للكلاب من الحشرات، تقول الشركة أن هناك العديد من العوامل التي دفعتهم إلى هذا الاتجاه، منها أن من أكثر أطعمة الكلاب شيوعاً هي الأطعمة التي تحوي مخلفات المسالخ وهذا ما لا يتقبله الكثير من مربي الكلاب، أو أن يكون مصدر الطعام مجهولاً، إضافة إلى أن عمليات تصنيع هذه الأطعمة مضرة بالبيئة. ولذلك قاموا بتصنيع أطعمة من نوع جديدة معتمدة في تكوينها على الحشرات. وهم يرون أن المستقبل في أطعمة الكلاب هي للأطعمة النباتية وأطعمة الحشرات.
مخاوف وتحفظات
المقلق في الموضوع أن الحشرات يمكن أن تسبب أضراراً مختلفة للبشر، كاحتوائها على أنواع عديدة من البكتيريا الضارة، أو لنقلها للأمراض، أو لاحتوائها على معادن ضارة بجسم الإنسان، أو لمواد يتحسس منها الإنسان، وهذا ما يجعل السماح بها وبتشريعها يتأخر، كما تقوم الجهات الصحية بوضع العديد من الأنظمة والاشتراطات والقوانين لضمان خلو الحشرات من ذلك كله، وهذه الاشتراطات يتم فرضها على جميع مصنعي وموردي الأغذية المعتمدة على الحشرات.
السؤال الذي يدور دائماً بين مصنعي وموردي الأطعمة المعتمدة على الحشرات هو كيفية اجتذاب المزيد من المستهلكين لتناول الحشرات كغذاء، وبالرغم من الجدل والنقاش الدائر بينهم حول هذا الموضوع إلا أنهم على قناعة بأن الموضوع مسألة وقت، فكما كانوا (النباتيين) قلة قليلة ومستهجنة من أغلب المجتمعات الأوروبية ثم أصبح الآن نمطاً أساسياً عالمياً، فإن مصنعي وموردي الأطعمة المعتمدة على الحشرات على قناعة بأن المسألة مسألة وقت، وأنه بعد مدة من الزمن سيصبح من الطبيعي أن تجد الحشرات ضمن قوائم الأكل في المطاعم.
حينما يُطرح موضوع تناول الحشرات نصاب فوراً بالتقزز، فمن غير المعقول أن نضع هذه الحشرات في أفواهنا؟ وحينما نرى فيديو أو صورة لشخص يتناول الحشرات قد ينتابنا شعور بالرغبة في التقيؤ.
لكن الذي أثار الجدل أكثر مؤخراً سماح المحكمة الأوروبية ببيع بعض أنواع الحشرات كطعام بشري في أوروبا، تلك القارة التي لا تعرف تناول الحشرات كطعام للبشر.
الحشرات التي سمحت بها المحكمة الأوروبية لبيعها كطعام بشري هي: حشرة "الغبشة"، والديدان الطحلبية، وصرصار الحقل، وصرصار المناطق الاستوائية والجراد المهاجر والجراد الصحراوي، ونحل العسل الغربي، وذبابة الجندي الأسود.
هذا التشريع أتى نتيجة لتحركات منذ سنوات يقوم بها مناصرو تناول الحشرات كطعام، والذين يرون فيها حلاً غذائياً مهماً لمستقبل البشرية والبيئة على وجه الأرض.
داعمو حركة تناول الحشرات يتحججون بداية بأن تناول الأطعمة وتحديد ما نأكله وما لا نأكله يخضع للعرف الاجتماعي، فمن يولد ويعيش في دولة آسيوية مثلاً سينشأ على أن تناول الحشرات أمر طبيعي جداً، في المقابل هناك بعض ما يتناوله الأوربيون تنظر له شعوب أخرى على أنه طعام مقزز، كجراد البحر، الذي يتم استيراده من بعض الدول التي ترى أن تناوله شيء لا يمكن تناوله.
بالتالي فإن موضوع التقزز من الطعام هو أمر نسبي وليس له أساس علمي، وبالتالي لا يمكن اعتباره قاعدة في تحديد ما يصلح لأجسادنا وينفعها.
وحسب تقرير صادر من الأمم المتحدة عام 2013 فإن حوالي ملياري إنسان يتناولون حالياً حشرات بطريقة أو بأخرى، أي حوالي ثلث سكان الكرة الأرضية.
ويرى مناصرو تناول الحشرات كطعام أن الحشرات تحوي مواد مغذية للجسم، من أهمها البروتين، والذي قد يقارب أحياناً مقدار البروتين في اللحم، ففي حين أن 100 غراماً من اللحم البقري يحوي من 19 إلى 26 غراماً من البروتين، فإن 100 غراماً من الديدان الطحلبية قد يصل البروتين فيها إلى 25 جراماً. ويعتمد مقدار البروتين في الحشرات على الأطعمة التي يتم تغذيتها عليها.
كما تحوي الحشرات على العديد من المعادن مثل الحديد والزنك والكالسيوم والماغنيسيوم، كما أن الحشرات تحوي كمية من الفيتامينات أكبر من تلك التي يحويها اللحم البقري باستثناء فيتامين بـ12، كما تحوي بعض الحشرات مثل صرصار الحقل على مواد مضادة للالتهابات.
بالإضافة إلى ما سبق، يرى مناصرو تناول الحشرات كطعام أن تربيتها وتناولها أفضل للبيئة، حيث أن تربية الحيوانات ينتج عنها العديد من المواد الضارة بالبيئة، وبالمقابل فإن تربية الحشرات تنتج غازات ومواد ضارة أقل بكثير من ذلك، ففي حين يترتب على إنتاج كيلو غراماً من اللحم البقري حوالي 2850 غراماً من الغازات الضارة، فإن إنتاج نفس القدر من الجراد مثلاً ينتج عنه حوالي غرام ونصف فقط من الغازات الضارة.
كما أن تربية الحشرات لا تتطلب الكثير من التغذية، فإنتاج كيلو غرام من اللحم البقري يتطلب حوالي 10 كيلوغرامات من الغذاء، في حين أن إنتاج كيلوغراماً من الجراد يتطلب 1.7 كيلوغراماً من الغذاء فقط.
ويضيف مناصرو تناول الحشرات على ذلك حجم المساحة التي يتطلبها الإنتاج، فالمواشي والحيوانات تحتاج إلى مساحات واسعة لكي تعيش فيها، في حين أن الحشرات تتطلب أقل من عُشر تلك المساحة لإنتاج نفس الكمية من الطعام. وهذا بالإضافة إلى عوامل أخرى يضيف ميزة لصالح الحشرات، وهو أنه يمكن تربيتها في أي مكان كان، حتى في أواسط المدن الكبيرة.
ولا تنتهي المزايا عند هذا الحد، حيث يضيفون إليها أن الحشرات تتغذى على مواد لا يمكننا نحن ولا الحيوانات أكلها، كفضلات الطعام، والبلاستيك! وهذا ما يشجع داعمي الحشرات كغذاء على البحث أكثر في هذا المجال، لأن هذا قد يؤدي إلى أنماط متقدمة من التدوير لم تكن على البال من قبل.
وهناك نقطة إضافية يضيفونها لقائمة الميزات خصوصاً مع أزمة كورونا الحالية، وهو أنه وبسبب أن الحيوانات من الثدييات، وتتشابه مع تكوين الإنسان، فإن هذا يزيد من احتمالية بدء وباء في الحيوانات وانتقاله للإنسان، كما يُعتقد أنه تم في وباء كورونا، وكما كان الحال مع العديد من الأوبئة الأخرى، في حين أن ذلك احتماليته ضعيفة للغاية في حال الحشرات.
كما يستشهد مناصرو تناول الحشرات بأمر آخر، وهو أننا بالفعل نتناول الحشرات! بمعدل من نصف كيلو إلى كيلو سنوياً، وبدون أن ندرك ذلك! حيث أن العديد من الأطعمة التي نتناولها قد تحوي حشرات أو أجزاء من الحشرات، أو بيوض للحشرات، ومن الوارد أن تكون هناك أجزاء من الحشرات دخلت في تصنيع الباستا، أو تكون هناك بيوض للحشرات في معجون الطماطم، وذلك كله معترف به ومقر من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية التي وضعت نسب أعلى للحد المسموح بتواجده من الحشرات في هذه الأطعمة.
حينما يتحدث أحد عن تناول الحشرات كطعام فإن ما يخطر ببالنا هو تناول الحشرات مباشرة، ولكن المهتمون بالحشرات كغذاء يعملون على تصنيع العديد من الأطعمة منها، أو مواد الطبخ.
من ذلك مثلاً دخول الحشرات في تصنيع الخبز، فقد أطلقت شركة فنلندية في عام 2017 خبزاً تحوي القطعة منه على قرابة 70 جندباً مطحوناً لتدعيم الخبز بالبروتين، ثم قامت شركة نرويجية في عام 2019 بإنتاج خبز يحوي ديدان طحلبية، وفي نفس العام أنتجت شركة بريطانية إنتاجاً محدوداً من (رغيف الجندب المقرمش) والذي يحوي قرابة 336 جندباً مطحوناً، وفي عام 2020 قامت شركة يابانية بتقديم رغيف الخبز الفرنسي (باغيت) يحتوي على بودرة الجندب، كما قاموا بتصنيع كيكة منه أيضاً.
البرغر هو أشهر ما يتم صنعه من الحشرات حيث يمكن تكوين خلطات عديدة منه وتكون بديلة للبرغر المعروف حسب ما ينادي به مناصروا تناول الحشرات، ومن أوائل المنتجات في ذلك شريحة برغر أنتجتها مؤسسة ألمانية تحوي في تكوينها حشرات مع بعض الخضراوات.
قد تكون الحلويات هي أغرب ما يتم تصنيعه من الحشرات للفارق الشاسع بين صورة الحلويات اللذيذة وصورة الحشرات المقززة للكثيرين، ولكن هناك بالفعل العديد من الحلويات المصنعة من الحشرات، ومن أشهر وأبسط هذه المنتجات هي تحميص حشرة ثم تغليفها بالشوكولاتة! ويقول أحدهم أن طعم الجرادة المحمصة المغطاة بالشوكولاتة هو مثل طعم شوكولاتة الكيت كات! وهناك أيضاً المصاصات التي تحوي حشرة كاملة وأول من أنتجها كانت شركة أمريكية قبل حوالي أربعين عاماً. الكوكيز أيضاً أصبحت من منتجات أطعمة الحشرات، حيث يتم إدخال بعض الحشرات في مكونات الكوكيز لتدعيم محتواها الغذائي.
وهل يمكن لأحد أن يتخيل قهوة من الحشرات؟ هذا بالفعل ما أنتجته شركة يابانية: خليط قهوة الجنادب، وهناك أيضاً قهوة بدودة القز.
قائمة الأطعمة المصنعة من الحشرات طويلة، كالبطاطس (الشيبس)، والمقرمشات، والآيسكريم، وكرات الحشرات، والحليب، والنودلز، والزيت، والبانكيك، والباستا، والصلصات، والطحين، والنقانق، والعصائر، وحتى الفلافل!
إحدى الشركات الناشئة اتخذت مساراً مختلفاً، حيث تخصصت في تصنيع أغذية للكلاب من الحشرات، تقول الشركة أن هناك العديد من العوامل التي دفعتهم إلى هذا الاتجاه، منها أن من أكثر أطعمة الكلاب شيوعاً هي الأطعمة التي تحوي مخلفات المسالخ وهذا ما لا يتقبله الكثير من مربي الكلاب، أو أن يكون مصدر الطعام مجهولاً، إضافة إلى أن عمليات تصنيع هذه الأطعمة مضرة بالبيئة. ولذلك قاموا بتصنيع أطعمة من نوع جديدة معتمدة في تكوينها على الحشرات. وهم يرون أن المستقبل في أطعمة الكلاب هي للأطعمة النباتية وأطعمة الحشرات.
مخاوف وتحفظات
المقلق في الموضوع أن الحشرات يمكن أن تسبب أضراراً مختلفة للبشر، كاحتوائها على أنواع عديدة من البكتيريا الضارة، أو لنقلها للأمراض، أو لاحتوائها على معادن ضارة بجسم الإنسان، أو لمواد يتحسس منها الإنسان، وهذا ما يجعل السماح بها وبتشريعها يتأخر، كما تقوم الجهات الصحية بوضع العديد من الأنظمة والاشتراطات والقوانين لضمان خلو الحشرات من ذلك كله، وهذه الاشتراطات يتم فرضها على جميع مصنعي وموردي الأغذية المعتمدة على الحشرات.
السؤال الذي يدور دائماً بين مصنعي وموردي الأطعمة المعتمدة على الحشرات هو كيفية اجتذاب المزيد من المستهلكين لتناول الحشرات كغذاء، وبالرغم من الجدل والنقاش الدائر بينهم حول هذا الموضوع إلا أنهم على قناعة بأن الموضوع مسألة وقت، فكما كانوا (النباتيين) قلة قليلة ومستهجنة من أغلب المجتمعات الأوروبية ثم أصبح الآن نمطاً أساسياً عالمياً، فإن مصنعي وموردي الأطعمة المعتمدة على الحشرات على قناعة بأن المسألة مسألة وقت، وأنه بعد مدة من الزمن سيصبح من الطبيعي أن تجد الحشرات ضمن قوائم الأكل في المطاعم.
حينما يُطرح موضوع تناول الحشرات نصاب فوراً بالتقزز، فمن غير المعقول أن نضع هذه الحشرات في أفواهنا؟ وحينما نرى فيديو أو صورة لشخص يتناول الحشرات قد ينتابنا شعور بالرغبة في التقيؤ.
لكن الذي أثار الجدل أكثر مؤخراً سماح المحكمة الأوروبية ببيع بعض أنواع الحشرات كطعام بشري في أوروبا، تلك القارة التي لا تعرف تناول الحشرات كطعام للبشر.
الحشرات التي سمحت بها المحكمة الأوروبية لبيعها كطعام بشري هي: حشرة "الغبشة"، والديدان الطحلبية، وصرصار الحقل، وصرصار المناطق الاستوائية والجراد المهاجر والجراد الصحراوي، ونحل العسل الغربي، وذبابة الجندي الأسود.
هذا التشريع أتى نتيجة لتحركات منذ سنوات يقوم بها مناصرو تناول الحشرات كطعام، والذين يرون فيها حلاً غذائياً مهماً لمستقبل البشرية والبيئة على وجه الأرض.
داعمو حركة تناول الحشرات يتحججون بداية بأن تناول الأطعمة وتحديد ما نأكله وما لا نأكله يخضع للعرف الاجتماعي، فمن يولد ويعيش في دولة آسيوية مثلاً سينشأ على أن تناول الحشرات أمر طبيعي جداً، في المقابل هناك بعض ما يتناوله الأوربيون تنظر له شعوب أخرى على أنه طعام مقزز، كجراد البحر، الذي يتم استيراده من بعض الدول التي ترى أن تناوله شيء لا يمكن تناوله.
بالتالي فإن موضوع التقزز من الطعام هو أمر نسبي وليس له أساس علمي، وبالتالي لا يمكن اعتباره قاعدة في تحديد ما يصلح لأجسادنا وينفعها.
وحسب تقرير صادر من الأمم المتحدة عام 2013 فإن حوالي ملياري إنسان يتناولون حالياً حشرات بطريقة أو بأخرى، أي حوالي ثلث سكان الكرة الأرضية.
ويرى مناصرو تناول الحشرات كطعام أن الحشرات تحوي مواد مغذية للجسم، من أهمها البروتين، والذي قد يقارب أحياناً مقدار البروتين في اللحم، ففي حين أن 100 غراماً من اللحم البقري يحوي من 19 إلى 26 غراماً من البروتين، فإن 100 غراماً من الديدان الطحلبية قد يصل البروتين فيها إلى 25 جراماً. ويعتمد مقدار البروتين في الحشرات على الأطعمة التي يتم تغذيتها عليها.
كما تحوي الحشرات على العديد من المعادن مثل الحديد والزنك والكالسيوم والماغنيسيوم، كما أن الحشرات تحوي كمية من الفيتامينات أكبر من تلك التي يحويها اللحم البقري باستثناء فيتامين بـ12، كما تحوي بعض الحشرات مثل صرصار الحقل على مواد مضادة للالتهابات.
بالإضافة إلى ما سبق، يرى مناصرو تناول الحشرات كطعام أن تربيتها وتناولها أفضل للبيئة، حيث أن تربية الحيوانات ينتج عنها العديد من المواد الضارة بالبيئة، وبالمقابل فإن تربية الحشرات تنتج غازات ومواد ضارة أقل بكثير من ذلك، ففي حين يترتب على إنتاج كيلو غراماً من اللحم البقري حوالي 2850 غراماً من الغازات الضارة، فإن إنتاج نفس القدر من الجراد مثلاً ينتج عنه حوالي غرام ونصف فقط من الغازات الضارة.
كما أن تربية الحشرات لا تتطلب الكثير من التغذية، فإنتاج كيلو غرام من اللحم البقري يتطلب حوالي 10 كيلوغرامات من الغذاء، في حين أن إنتاج كيلوغراماً من الجراد يتطلب 1.7 كيلوغراماً من الغذاء فقط.
ويضيف مناصرو تناول الحشرات على ذلك حجم المساحة التي يتطلبها الإنتاج، فالمواشي والحيوانات تحتاج إلى مساحات واسعة لكي تعيش فيها، في حين أن الحشرات تتطلب أقل من عُشر تلك المساحة لإنتاج نفس الكمية من الطعام. وهذا بالإضافة إلى عوامل أخرى يضيف ميزة لصالح الحشرات، وهو أنه يمكن تربيتها في أي مكان كان، حتى في أواسط المدن الكبيرة.
ولا تنتهي المزايا عند هذا الحد، حيث يضيفون إليها أن الحشرات تتغذى على مواد لا يمكننا نحن ولا الحيوانات أكلها، كفضلات الطعام، والبلاستيك! وهذا ما يشجع داعمي الحشرات كغذاء على البحث أكثر في هذا المجال، لأن هذا قد يؤدي إلى أنماط متقدمة من التدوير لم تكن على البال من قبل.
وهناك نقطة إضافية يضيفونها لقائمة الميزات خصوصاً مع أزمة كورونا الحالية، وهو أنه وبسبب أن الحيوانات من الثدييات، وتتشابه مع تكوين الإنسان، فإن هذا يزيد من احتمالية بدء وباء في الحيوانات وانتقاله للإنسان، كما يُعتقد أنه تم في وباء كورونا، وكما كان الحال مع العديد من الأوبئة الأخرى، في حين أن ذلك احتماليته ضعيفة للغاية في حال الحشرات.
كما يستشهد مناصرو تناول الحشرات بأمر آخر، وهو أننا بالفعل نتناول الحشرات! بمعدل من نصف كيلو إلى كيلو سنوياً، وبدون أن ندرك ذلك! حيث أن العديد من الأطعمة التي نتناولها قد تحوي حشرات أو أجزاء من الحشرات، أو بيوض للحشرات، ومن الوارد أن تكون هناك أجزاء من الحشرات دخلت في تصنيع الباستا، أو تكون هناك بيوض للحشرات في معجون الطماطم، وذلك كله معترف به ومقر من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية التي وضعت نسب أعلى للحد المسموح بتواجده من الحشرات في هذه الأطعمة.
حينما يتحدث أحد عن تناول الحشرات كطعام فإن ما يخطر ببالنا هو تناول الحشرات مباشرة، ولكن المهتمون بالحشرات كغذاء يعملون على تصنيع العديد من الأطعمة منها، أو مواد الطبخ.
من ذلك مثلاً دخول الحشرات في تصنيع الخبز، فقد أطلقت شركة فنلندية في عام 2017 خبزاً تحوي القطعة منه على قرابة 70 جندباً مطحوناً لتدعيم الخبز بالبروتين، ثم قامت شركة نرويجية في عام 2019 بإنتاج خبز يحوي ديدان طحلبية، وفي نفس العام أنتجت شركة بريطانية إنتاجاً محدوداً من (رغيف الجندب المقرمش) والذي يحوي قرابة 336 جندباً مطحوناً، وفي عام 2020 قامت شركة يابانية بتقديم رغيف الخبز الفرنسي (باغيت) يحتوي على بودرة الجندب، كما قاموا بتصنيع كيكة منه أيضاً.
البرغر هو أشهر ما يتم صنعه من الحشرات حيث يمكن تكوين خلطات عديدة منه وتكون بديلة للبرغر المعروف حسب ما ينادي به مناصروا تناول الحشرات، ومن أوائل المنتجات في ذلك شريحة برغر أنتجتها مؤسسة ألمانية تحوي في تكوينها حشرات مع بعض الخضراوات.
قد تكون الحلويات هي أغرب ما يتم تصنيعه من الحشرات للفارق الشاسع بين صورة الحلويات اللذيذة وصورة الحشرات المقززة للكثيرين، ولكن هناك بالفعل العديد من الحلويات المصنعة من الحشرات، ومن أشهر وأبسط هذه المنتجات هي تحميص حشرة ثم تغليفها بالشوكولاتة! ويقول أحدهم أن طعم الجرادة المحمصة المغطاة بالشوكولاتة هو مثل طعم شوكولاتة الكيت كات! وهناك أيضاً المصاصات التي تحوي حشرة كاملة وأول من أنتجها كانت شركة أمريكية قبل حوالي أربعين عاماً. الكوكيز أيضاً أصبحت من منتجات أطعمة الحشرات، حيث يتم إدخال بعض الحشرات في مكونات الكوكيز لتدعيم محتواها الغذائي.
وهل يمكن لأحد أن يتخيل قهوة من الحشرات؟ هذا بالفعل ما أنتجته شركة يابانية: خليط قهوة الجنادب، وهناك أيضاً قهوة بدودة القز.
قائمة الأطعمة المصنعة من الحشرات طويلة، كالبطاطس (الشيبس)، والمقرمشات، والآيسكريم، وكرات الحشرات، والحليب، والنودلز، والزيت، والبانكيك، والباستا، والصلصات، والطحين، والنقانق، والعصائر، وحتى الفلافل!
إحدى الشركات الناشئة اتخذت مساراً مختلفاً، حيث تخصصت في تصنيع أغذية للكلاب من الحشرات، تقول الشركة أن هناك العديد من العوامل التي دفعتهم إلى هذا الاتجاه، منها أن من أكثر أطعمة الكلاب شيوعاً هي الأطعمة التي تحوي مخلفات المسالخ وهذا ما لا يتقبله الكثير من مربي الكلاب، أو أن يكون مصدر الطعام مجهولاً، إضافة إلى أن عمليات تصنيع هذه الأطعمة مضرة بالبيئة. ولذلك قاموا بتصنيع أطعمة من نوع جديدة معتمدة في تكوينها على الحشرات. وهم يرون أن المستقبل في أطعمة الكلاب هي للأطعمة النباتية وأطعمة الحشرات.
مخاوف وتحفظات
المقلق في الموضوع أن الحشرات يمكن أن تسبب أضراراً مختلفة للبشر، كاحتوائها على أنواع عديدة من البكتيريا الضارة، أو لنقلها للأمراض، أو لاحتوائها على معادن ضارة بجسم الإنسان، أو لمواد يتحسس منها الإنسان، وهذا ما يجعل السماح بها وبتشريعها يتأخر، كما تقوم الجهات الصحية بوضع العديد من الأنظمة والاشتراطات والقوانين لضمان خلو الحشرات من ذلك كله، وهذه الاشتراطات يتم فرضها على جميع مصنعي وموردي الأغذية المعتمدة على الحشرات.
السؤال الذي يدور دائماً بين مصنعي وموردي الأطعمة المعتمدة على الحشرات هو كيفية اجتذاب المزيد من المستهلكين لتناول الحشرات كغذاء، وبالرغم من الجدل والنقاش الدائر بينهم حول هذا الموضوع إلا أنهم على قناعة بأن الموضوع مسألة وقت، فكما كانوا (النباتيين) قلة قليلة ومستهجنة من أغلب المجتمعات الأوروبية ثم أصبح الآن نمطاً أساسياً عالمياً، فإن مصنعي وموردي الأطعمة المعتمدة على الحشرات على قناعة بأن المسألة مسألة وقت، وأنه بعد مدة من الزمن سيصبح من الطبيعي أن تجد الحشرات ضمن قوائم الأكل في المطاعم.
التعليقات