مع تعقد الأوضاع المعيشية التي يمر بها الأردنيون نتيجة الوضع الاقتصادي العام، وجائحة كورونا وما رافقها من إغلاقات وإجراءات حكومية لمواجهة الوباء، تتزايد وتيرة انتقال طلبة المدارس الخاصة إلى الحكومية.
لكن الظروف الاقتصادية ليست وحدها ما يحكم هذا الانتقال، فنسبة كبيرة من الأهالي نقلت أبناءها تحسبا لتكرار تجربة العام الماضي الذي شهد تحولا عن التعليم الوجاهي، بعد إقراره، ما جعل الأهالي “يتورطون” في العملية التعليمية بأكملها.
نسبة كبيرة من طلبات النقل هذه تأتي فقط من أجل حجز مقعد في المدارس الحكومية، أي أنها ليست طلبات حقيقية، وهو أمر لا يمكن لوم الناس عليه، فالمنطق لا يقبل فكرة أن يدفع الأهالي آلاف الدنانير من أجل تعليم عن بعد في تجربة لم تخضع حتى اليوم لتقييم حقيقي، وتنقسم حولها الآراء بين الوزارة التي تقول إنها “تفتخر” بها، والأهالي الذين يؤكدون أن نسبة كبيرة من الطلبة، خصوصا في الصفوف الأولى، لم يستطيعوا محو أميتهم حتى اليوم، ناهيك عن عدم التأقلم على آلية التعلم هذه، ما أوجد فاقدا تعليميا خطيرا.
الوزارة أوصت مديريات التربية في جميع المحافظات بقبول الطلبة الراغبين بالانتقال، وفي حال كانت الأعداد كبيرة جدا، كما هو متوقع، ستواجه أزمة جدية في القدرة على استيعاب هذه الأعداد.
لا تستطيع الوزارة رفض القبول في مدارسها، فهذا حق كفله الدستور للأردنيين، بيد أن جائحة كورونا والبروتوكول الصحي للعودة للمدارس يفرضان عليها تحديات إضافية، ما يعني أنها قد تلجأ إلى خيارات لم تكن ترغب بها، ومنها التناوب في الدوام الدراسي بين الطلبة والصفوف.
على مدار عامي الجائحة، انتقل أكثر من 130 ألف طالب من المدارس الخاصة إلى الحكومية، ما أدى، باعتراف الوزارة، إلى اكتظاظ كبير، قد لا يتوفر معه التباعد الجسدي المطلوب، والذي ربما سيفرض تطبيق نظام الفترتين في العديد من المدارس، وربما تطبيق نظام التعليم المتمازج في عدد منها وحسب الحاجة.
الوزارة في مأزق، فهي لا تمتلك خيارات كثيرة، ولا تستطيع زيادة أعداد مدارسها وصفوفها الدراسية لضيق الوقت، وأيضا بسبب المبالغ المحددة لها في الموازنة العامة للعام 2021 (1.051 مليار دينار، منها 953.4 مليون نفقات جارية، و98 مليون نفقات رأسمالية)، والتي تحول دون تحقيق توسع في بنيتها التحتية.
على الجانب الآخر، الأمر يؤرق المدارس الخاصة أيضا، فهي تعاني بشدة جراء استنكاف الأهالي على تسجيل أبنائهم تخوفا من قرار مفاجئ بالعودة إلى التعليم عن بعد إذا ما زادت نسبة الفحوصات الإيجابية، ما يفرض على هذه المدارس تحديات مالية، وقد شاهدنا بعضها تلجأ إلى برنامج استدامة لتغطية نفقاتها، وأعداد أخرى قليلة أغلقت أبوابها.
الدولة واضحة في هذا الجانب، فلا بديل عن التعليم الوجاهي، بينما الأهالي بين فكي كماشة؛ العبء المالي الذي قد يذهب هباء في حال الذهاب للتعليم عن بعد، وبين نقلهم إلى مدارس حكومية، وتغير البيئة الدراسية عليهم.
لكن، يؤخذ على المدارس الخاصة أنها ما تزال غير قادرة على مواجهة موجة انتقال الطلبة وآثارها عليها، فهي لا تقدم أي حافز يشجع الأهالي على خوض هذه المغامرة، كخصومات مجزية، وضمانة تعليم عن بعد أكثر جودة، بحيث يكون تفاعليا حقيقيا، وسيطرة أكبر على الحصة الإلكترونية، وإيجاد بديل رقابي أكثر على تأدية الامتحانات الدراسية.
الوضع صعب جدا على جميع الأطراف؛ الوزارة والمدارس الخاصة والأهالي، وبينما يمر الوقت سريعا نحو بداية العام الدراسي الجديد، فإن الغموض ما يزال هو المسيطر على المشهد. فهل من حل جذري وعادل للجميع؟!
مكرم أحمد الطراونة
مع تعقد الأوضاع المعيشية التي يمر بها الأردنيون نتيجة الوضع الاقتصادي العام، وجائحة كورونا وما رافقها من إغلاقات وإجراءات حكومية لمواجهة الوباء، تتزايد وتيرة انتقال طلبة المدارس الخاصة إلى الحكومية.
لكن الظروف الاقتصادية ليست وحدها ما يحكم هذا الانتقال، فنسبة كبيرة من الأهالي نقلت أبناءها تحسبا لتكرار تجربة العام الماضي الذي شهد تحولا عن التعليم الوجاهي، بعد إقراره، ما جعل الأهالي “يتورطون” في العملية التعليمية بأكملها.
نسبة كبيرة من طلبات النقل هذه تأتي فقط من أجل حجز مقعد في المدارس الحكومية، أي أنها ليست طلبات حقيقية، وهو أمر لا يمكن لوم الناس عليه، فالمنطق لا يقبل فكرة أن يدفع الأهالي آلاف الدنانير من أجل تعليم عن بعد في تجربة لم تخضع حتى اليوم لتقييم حقيقي، وتنقسم حولها الآراء بين الوزارة التي تقول إنها “تفتخر” بها، والأهالي الذين يؤكدون أن نسبة كبيرة من الطلبة، خصوصا في الصفوف الأولى، لم يستطيعوا محو أميتهم حتى اليوم، ناهيك عن عدم التأقلم على آلية التعلم هذه، ما أوجد فاقدا تعليميا خطيرا.
الوزارة أوصت مديريات التربية في جميع المحافظات بقبول الطلبة الراغبين بالانتقال، وفي حال كانت الأعداد كبيرة جدا، كما هو متوقع، ستواجه أزمة جدية في القدرة على استيعاب هذه الأعداد.
لا تستطيع الوزارة رفض القبول في مدارسها، فهذا حق كفله الدستور للأردنيين، بيد أن جائحة كورونا والبروتوكول الصحي للعودة للمدارس يفرضان عليها تحديات إضافية، ما يعني أنها قد تلجأ إلى خيارات لم تكن ترغب بها، ومنها التناوب في الدوام الدراسي بين الطلبة والصفوف.
على مدار عامي الجائحة، انتقل أكثر من 130 ألف طالب من المدارس الخاصة إلى الحكومية، ما أدى، باعتراف الوزارة، إلى اكتظاظ كبير، قد لا يتوفر معه التباعد الجسدي المطلوب، والذي ربما سيفرض تطبيق نظام الفترتين في العديد من المدارس، وربما تطبيق نظام التعليم المتمازج في عدد منها وحسب الحاجة.
الوزارة في مأزق، فهي لا تمتلك خيارات كثيرة، ولا تستطيع زيادة أعداد مدارسها وصفوفها الدراسية لضيق الوقت، وأيضا بسبب المبالغ المحددة لها في الموازنة العامة للعام 2021 (1.051 مليار دينار، منها 953.4 مليون نفقات جارية، و98 مليون نفقات رأسمالية)، والتي تحول دون تحقيق توسع في بنيتها التحتية.
على الجانب الآخر، الأمر يؤرق المدارس الخاصة أيضا، فهي تعاني بشدة جراء استنكاف الأهالي على تسجيل أبنائهم تخوفا من قرار مفاجئ بالعودة إلى التعليم عن بعد إذا ما زادت نسبة الفحوصات الإيجابية، ما يفرض على هذه المدارس تحديات مالية، وقد شاهدنا بعضها تلجأ إلى برنامج استدامة لتغطية نفقاتها، وأعداد أخرى قليلة أغلقت أبوابها.
الدولة واضحة في هذا الجانب، فلا بديل عن التعليم الوجاهي، بينما الأهالي بين فكي كماشة؛ العبء المالي الذي قد يذهب هباء في حال الذهاب للتعليم عن بعد، وبين نقلهم إلى مدارس حكومية، وتغير البيئة الدراسية عليهم.
لكن، يؤخذ على المدارس الخاصة أنها ما تزال غير قادرة على مواجهة موجة انتقال الطلبة وآثارها عليها، فهي لا تقدم أي حافز يشجع الأهالي على خوض هذه المغامرة، كخصومات مجزية، وضمانة تعليم عن بعد أكثر جودة، بحيث يكون تفاعليا حقيقيا، وسيطرة أكبر على الحصة الإلكترونية، وإيجاد بديل رقابي أكثر على تأدية الامتحانات الدراسية.
الوضع صعب جدا على جميع الأطراف؛ الوزارة والمدارس الخاصة والأهالي، وبينما يمر الوقت سريعا نحو بداية العام الدراسي الجديد، فإن الغموض ما يزال هو المسيطر على المشهد. فهل من حل جذري وعادل للجميع؟!
مكرم أحمد الطراونة
مع تعقد الأوضاع المعيشية التي يمر بها الأردنيون نتيجة الوضع الاقتصادي العام، وجائحة كورونا وما رافقها من إغلاقات وإجراءات حكومية لمواجهة الوباء، تتزايد وتيرة انتقال طلبة المدارس الخاصة إلى الحكومية.
لكن الظروف الاقتصادية ليست وحدها ما يحكم هذا الانتقال، فنسبة كبيرة من الأهالي نقلت أبناءها تحسبا لتكرار تجربة العام الماضي الذي شهد تحولا عن التعليم الوجاهي، بعد إقراره، ما جعل الأهالي “يتورطون” في العملية التعليمية بأكملها.
نسبة كبيرة من طلبات النقل هذه تأتي فقط من أجل حجز مقعد في المدارس الحكومية، أي أنها ليست طلبات حقيقية، وهو أمر لا يمكن لوم الناس عليه، فالمنطق لا يقبل فكرة أن يدفع الأهالي آلاف الدنانير من أجل تعليم عن بعد في تجربة لم تخضع حتى اليوم لتقييم حقيقي، وتنقسم حولها الآراء بين الوزارة التي تقول إنها “تفتخر” بها، والأهالي الذين يؤكدون أن نسبة كبيرة من الطلبة، خصوصا في الصفوف الأولى، لم يستطيعوا محو أميتهم حتى اليوم، ناهيك عن عدم التأقلم على آلية التعلم هذه، ما أوجد فاقدا تعليميا خطيرا.
الوزارة أوصت مديريات التربية في جميع المحافظات بقبول الطلبة الراغبين بالانتقال، وفي حال كانت الأعداد كبيرة جدا، كما هو متوقع، ستواجه أزمة جدية في القدرة على استيعاب هذه الأعداد.
لا تستطيع الوزارة رفض القبول في مدارسها، فهذا حق كفله الدستور للأردنيين، بيد أن جائحة كورونا والبروتوكول الصحي للعودة للمدارس يفرضان عليها تحديات إضافية، ما يعني أنها قد تلجأ إلى خيارات لم تكن ترغب بها، ومنها التناوب في الدوام الدراسي بين الطلبة والصفوف.
على مدار عامي الجائحة، انتقل أكثر من 130 ألف طالب من المدارس الخاصة إلى الحكومية، ما أدى، باعتراف الوزارة، إلى اكتظاظ كبير، قد لا يتوفر معه التباعد الجسدي المطلوب، والذي ربما سيفرض تطبيق نظام الفترتين في العديد من المدارس، وربما تطبيق نظام التعليم المتمازج في عدد منها وحسب الحاجة.
الوزارة في مأزق، فهي لا تمتلك خيارات كثيرة، ولا تستطيع زيادة أعداد مدارسها وصفوفها الدراسية لضيق الوقت، وأيضا بسبب المبالغ المحددة لها في الموازنة العامة للعام 2021 (1.051 مليار دينار، منها 953.4 مليون نفقات جارية، و98 مليون نفقات رأسمالية)، والتي تحول دون تحقيق توسع في بنيتها التحتية.
على الجانب الآخر، الأمر يؤرق المدارس الخاصة أيضا، فهي تعاني بشدة جراء استنكاف الأهالي على تسجيل أبنائهم تخوفا من قرار مفاجئ بالعودة إلى التعليم عن بعد إذا ما زادت نسبة الفحوصات الإيجابية، ما يفرض على هذه المدارس تحديات مالية، وقد شاهدنا بعضها تلجأ إلى برنامج استدامة لتغطية نفقاتها، وأعداد أخرى قليلة أغلقت أبوابها.
الدولة واضحة في هذا الجانب، فلا بديل عن التعليم الوجاهي، بينما الأهالي بين فكي كماشة؛ العبء المالي الذي قد يذهب هباء في حال الذهاب للتعليم عن بعد، وبين نقلهم إلى مدارس حكومية، وتغير البيئة الدراسية عليهم.
لكن، يؤخذ على المدارس الخاصة أنها ما تزال غير قادرة على مواجهة موجة انتقال الطلبة وآثارها عليها، فهي لا تقدم أي حافز يشجع الأهالي على خوض هذه المغامرة، كخصومات مجزية، وضمانة تعليم عن بعد أكثر جودة، بحيث يكون تفاعليا حقيقيا، وسيطرة أكبر على الحصة الإلكترونية، وإيجاد بديل رقابي أكثر على تأدية الامتحانات الدراسية.
الوضع صعب جدا على جميع الأطراف؛ الوزارة والمدارس الخاصة والأهالي، وبينما يمر الوقت سريعا نحو بداية العام الدراسي الجديد، فإن الغموض ما يزال هو المسيطر على المشهد. فهل من حل جذري وعادل للجميع؟!
التعليقات