بحسب غالب التصنيفات العالمية ذات المصداقية البحثية والعلمية، تقسم دول العالم الى ثلاثة أقسام بحسب درجة ديمقراطيتها: ديمقراطية، شبه ديمقراطية أو في مرحلة التحول للديمقراطية، وغير ديمقراطية. دول العالم الـ196 تتوزع بمعدل الثلث تقريبا بين هذه التصنيفات، وتتربع دول الشرق الأوسط وشمال ووسط افريقيا في قلب قائمة الدول غير الديمقراطية. تاريخيا في الدول العربية، كان الأردن والكويت والمغرب الدول الوحيدة التي تصنف انها شبه ديمقراطية، بمعنى انها ليست السويد ولكنها ايضا ليست شمال كوريا. الأردن ومنذ استئناف الحياة الديمقراطية العام 1989 حافظ، باستثناء سنوات محدودة، على حالة شبه الديمقراطية، بل انه اقترب وان لم يصل في العام 1993 لقائمة الدول الديمقراطية. الدولة الأردنية تميزت بدرجة مقدرة من احترام الحقوق السياسية والحفاظ على الحريات المدنية، ولم تكن يوما دولة قمعية او دموية أو بوليسية كما غالب الدول العربية. كانت الدولة حساسة ومنتبهة لكي تبقي على ميزتها النسبية بالمقارنة مع الآخرين في مجال الاصلاح والتقدم الديمقراطي، ونجحت بذلك، فكانت وما تزال دول الاقليم العربية تعاير بنا وبإصلاحاتنا السياسية وطريقة التعاطي مع الديمقراطية والحريات، وان كنا شبه ديمقراطية مقارنة بدول العالم الديمقراطي، إلا أننا حافظنا على تفوقنا النسبي بالإقليم وضمن قائمة الدول العربية.
من وحي هذه الصورة الكلية يجب ان ننظر وننتبه لسقف التوقعات بما هو قادم من مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، فلا يعقل، وغير علمي او عملي، أن نتوقع أن تقفز بنا مخرجات اللجنة الى التصنيف الديمقراطي فجأة وبسرعة. اي مراقب موضوعي، سيكون مسرورا ومنبهرا اذا ما استطعنا خلال عامين ان نعود ونحافظ على تصنيف “الدول شبه الديمقراطية” الذي خسرناه العام 2020، وإن استطعنا خلال العشر سنوات المقبلة ان نصل لقائمة “الدول الديمقراطية” او حتى نقترب من حدود ذاك التصنيف، فسيعتبر ذلك انجازا سياسيا ديمقراطيا عظيما بكافة المعايير العلمية. العملية الديمقراطية طويلة وشاقة، وتحتاج لمهارات سياسية عالية، وثقافة مجتمعية تعددية راسخة، وهذا إن تسنى بعشر سنوات فهو بالفعل إنجاز. محزنة ومقلقة موجة السخرية التي أطلقها البعض على قصة الإصلاح خلال عشر سنوات، فالعارفون قليلا بالإصلاح وبعلم التحول للديمقراطية، يعرفون انه زمن قصير لإحداث التحول المطلوب ديمقراطيا أو الوصول لبرلمانات حزبية. الأردن ديمقراطيا لا يبدأ من الصفر هذا صحيح، لكن الأصح القول إن ثقافة الديمقراطية الضرورية لإحداث النقلة المطلوبة ما تزال ضعيفة، والأصح ايضا القول إن وجودنا في اقليم غير ديمقراطي يجعل التحول للديمقراطية قرارا أمنيا استراتيجيا وليس فقط إصلاحيا ديمقراطيا محليا، فدول الإقليم ستستغل وتوظف انفتاحنا بما يحقق مآربها.
مهم جدا ترشيد النقاش الديمقراطي والاصلاحي في الأردن، وضبط سقف التوقعات لكي نكون عمليين وواقعيين، بغير ذلك سنكون كمن يخوض تمرينا فكريا على طريقة العصف الذهني دون أن نصل لنتائج محددة.
محمد المومني
بحسب غالب التصنيفات العالمية ذات المصداقية البحثية والعلمية، تقسم دول العالم الى ثلاثة أقسام بحسب درجة ديمقراطيتها: ديمقراطية، شبه ديمقراطية أو في مرحلة التحول للديمقراطية، وغير ديمقراطية. دول العالم الـ196 تتوزع بمعدل الثلث تقريبا بين هذه التصنيفات، وتتربع دول الشرق الأوسط وشمال ووسط افريقيا في قلب قائمة الدول غير الديمقراطية. تاريخيا في الدول العربية، كان الأردن والكويت والمغرب الدول الوحيدة التي تصنف انها شبه ديمقراطية، بمعنى انها ليست السويد ولكنها ايضا ليست شمال كوريا. الأردن ومنذ استئناف الحياة الديمقراطية العام 1989 حافظ، باستثناء سنوات محدودة، على حالة شبه الديمقراطية، بل انه اقترب وان لم يصل في العام 1993 لقائمة الدول الديمقراطية. الدولة الأردنية تميزت بدرجة مقدرة من احترام الحقوق السياسية والحفاظ على الحريات المدنية، ولم تكن يوما دولة قمعية او دموية أو بوليسية كما غالب الدول العربية. كانت الدولة حساسة ومنتبهة لكي تبقي على ميزتها النسبية بالمقارنة مع الآخرين في مجال الاصلاح والتقدم الديمقراطي، ونجحت بذلك، فكانت وما تزال دول الاقليم العربية تعاير بنا وبإصلاحاتنا السياسية وطريقة التعاطي مع الديمقراطية والحريات، وان كنا شبه ديمقراطية مقارنة بدول العالم الديمقراطي، إلا أننا حافظنا على تفوقنا النسبي بالإقليم وضمن قائمة الدول العربية.
من وحي هذه الصورة الكلية يجب ان ننظر وننتبه لسقف التوقعات بما هو قادم من مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، فلا يعقل، وغير علمي او عملي، أن نتوقع أن تقفز بنا مخرجات اللجنة الى التصنيف الديمقراطي فجأة وبسرعة. اي مراقب موضوعي، سيكون مسرورا ومنبهرا اذا ما استطعنا خلال عامين ان نعود ونحافظ على تصنيف “الدول شبه الديمقراطية” الذي خسرناه العام 2020، وإن استطعنا خلال العشر سنوات المقبلة ان نصل لقائمة “الدول الديمقراطية” او حتى نقترب من حدود ذاك التصنيف، فسيعتبر ذلك انجازا سياسيا ديمقراطيا عظيما بكافة المعايير العلمية. العملية الديمقراطية طويلة وشاقة، وتحتاج لمهارات سياسية عالية، وثقافة مجتمعية تعددية راسخة، وهذا إن تسنى بعشر سنوات فهو بالفعل إنجاز. محزنة ومقلقة موجة السخرية التي أطلقها البعض على قصة الإصلاح خلال عشر سنوات، فالعارفون قليلا بالإصلاح وبعلم التحول للديمقراطية، يعرفون انه زمن قصير لإحداث التحول المطلوب ديمقراطيا أو الوصول لبرلمانات حزبية. الأردن ديمقراطيا لا يبدأ من الصفر هذا صحيح، لكن الأصح القول إن ثقافة الديمقراطية الضرورية لإحداث النقلة المطلوبة ما تزال ضعيفة، والأصح ايضا القول إن وجودنا في اقليم غير ديمقراطي يجعل التحول للديمقراطية قرارا أمنيا استراتيجيا وليس فقط إصلاحيا ديمقراطيا محليا، فدول الإقليم ستستغل وتوظف انفتاحنا بما يحقق مآربها.
مهم جدا ترشيد النقاش الديمقراطي والاصلاحي في الأردن، وضبط سقف التوقعات لكي نكون عمليين وواقعيين، بغير ذلك سنكون كمن يخوض تمرينا فكريا على طريقة العصف الذهني دون أن نصل لنتائج محددة.
محمد المومني
بحسب غالب التصنيفات العالمية ذات المصداقية البحثية والعلمية، تقسم دول العالم الى ثلاثة أقسام بحسب درجة ديمقراطيتها: ديمقراطية، شبه ديمقراطية أو في مرحلة التحول للديمقراطية، وغير ديمقراطية. دول العالم الـ196 تتوزع بمعدل الثلث تقريبا بين هذه التصنيفات، وتتربع دول الشرق الأوسط وشمال ووسط افريقيا في قلب قائمة الدول غير الديمقراطية. تاريخيا في الدول العربية، كان الأردن والكويت والمغرب الدول الوحيدة التي تصنف انها شبه ديمقراطية، بمعنى انها ليست السويد ولكنها ايضا ليست شمال كوريا. الأردن ومنذ استئناف الحياة الديمقراطية العام 1989 حافظ، باستثناء سنوات محدودة، على حالة شبه الديمقراطية، بل انه اقترب وان لم يصل في العام 1993 لقائمة الدول الديمقراطية. الدولة الأردنية تميزت بدرجة مقدرة من احترام الحقوق السياسية والحفاظ على الحريات المدنية، ولم تكن يوما دولة قمعية او دموية أو بوليسية كما غالب الدول العربية. كانت الدولة حساسة ومنتبهة لكي تبقي على ميزتها النسبية بالمقارنة مع الآخرين في مجال الاصلاح والتقدم الديمقراطي، ونجحت بذلك، فكانت وما تزال دول الاقليم العربية تعاير بنا وبإصلاحاتنا السياسية وطريقة التعاطي مع الديمقراطية والحريات، وان كنا شبه ديمقراطية مقارنة بدول العالم الديمقراطي، إلا أننا حافظنا على تفوقنا النسبي بالإقليم وضمن قائمة الدول العربية.
من وحي هذه الصورة الكلية يجب ان ننظر وننتبه لسقف التوقعات بما هو قادم من مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، فلا يعقل، وغير علمي او عملي، أن نتوقع أن تقفز بنا مخرجات اللجنة الى التصنيف الديمقراطي فجأة وبسرعة. اي مراقب موضوعي، سيكون مسرورا ومنبهرا اذا ما استطعنا خلال عامين ان نعود ونحافظ على تصنيف “الدول شبه الديمقراطية” الذي خسرناه العام 2020، وإن استطعنا خلال العشر سنوات المقبلة ان نصل لقائمة “الدول الديمقراطية” او حتى نقترب من حدود ذاك التصنيف، فسيعتبر ذلك انجازا سياسيا ديمقراطيا عظيما بكافة المعايير العلمية. العملية الديمقراطية طويلة وشاقة، وتحتاج لمهارات سياسية عالية، وثقافة مجتمعية تعددية راسخة، وهذا إن تسنى بعشر سنوات فهو بالفعل إنجاز. محزنة ومقلقة موجة السخرية التي أطلقها البعض على قصة الإصلاح خلال عشر سنوات، فالعارفون قليلا بالإصلاح وبعلم التحول للديمقراطية، يعرفون انه زمن قصير لإحداث التحول المطلوب ديمقراطيا أو الوصول لبرلمانات حزبية. الأردن ديمقراطيا لا يبدأ من الصفر هذا صحيح، لكن الأصح القول إن ثقافة الديمقراطية الضرورية لإحداث النقلة المطلوبة ما تزال ضعيفة، والأصح ايضا القول إن وجودنا في اقليم غير ديمقراطي يجعل التحول للديمقراطية قرارا أمنيا استراتيجيا وليس فقط إصلاحيا ديمقراطيا محليا، فدول الإقليم ستستغل وتوظف انفتاحنا بما يحقق مآربها.
مهم جدا ترشيد النقاش الديمقراطي والاصلاحي في الأردن، وضبط سقف التوقعات لكي نكون عمليين وواقعيين، بغير ذلك سنكون كمن يخوض تمرينا فكريا على طريقة العصف الذهني دون أن نصل لنتائج محددة.
التعليقات