تعاني الحكومات الأردنية المختلفة من عملية نقل الملفات من مسؤولية حكومة إلى أخرى، ولذلك نتورط في دوائر مغلقة لا تفضي إلى شيء من التقدم، وتضاف إلى ذلك مشكلة الحكومات في التواصل مع الفاعلين الاجتماعيين المختلفين الذين يعملون على تأسيس منصات للانطلاق، والانقطاع في التواصل لا يتوقف عن منظمات مجتمع مدني التي تعمل بصورة مستقلة في مجالات البيئة والتمكين والعديد من الملفات، ولكنه يشمل أطرافاً أخرى قطعت أشواطاً في التوعية والتنمية والتشبيك، وبينما يدور حديث الحكومة اليوم عن تربية إعلامية وعن التمكين الديمقراطي وما إلى ذلك، فإن الحكومة تبدو مفتقدة لخريطة كاملة من المبادرات والجهود التي جرت خلال السنوات الأخيرة، ويدلل على ذلك تصريحاتها وحرثها للأرض التي حرثت كثيراً وتنتظر البذار.
صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية كان أحد العناوين التي كان يمكن للحكومة أن تقصدها لتجد تجربة تستحق التأمل ويمكن العمل على تقييمها بصورة منصفة، كما ويمكن البناء عليها من خلال النقد البناء، وكانت مبادرة أندية الحوار والتطوع المدرسية أحد هذه التجارب، وتنبع أهميتها من تدريب نحو 50 ألف طالبة وطالبة من الصفين التاسع والعاشر، أي فترة المراهقة وتشكل الشخصية وبداية ظهور الميول بين التعصب والتشدد والتسامح والانفتاح، ومع أن الحكومة لم تشترك في التمويل أو التيسير إلا أن الوثائق والمخرجات من أدلة ومصنفات تدريبية آلت في النهاية للحكومة.
يأتي خبراء ويرحلون، وتطلق مشاريع ممولة من دول صديقة، ويدور الجدل في مناحيه التربوية والفكرية، ويجري التمترس حول مدى مواءمة المخرجات مع المجتمع والثقافة في الأردن، وتبقى هذه التجربة المصممة للأردن ومن خلال مدربين وميسرين أردنيين في الأدراج الحكومية العميقة وقد تبقى كذلك بينما ننشغل في تطبيق القص واللصق من تجارب تنتمي إلى ظروف وسياقات أخرى لتقييفها على ما نحتاجه محلياً.
الجميع يتحدث عن البنية الفوقية، فالحوار ينحصر بين الطامحين سواء من المحاصصين المزمنين أو من استثنوا سابقاً وينتظرون دورهم، أما القاعدة الشعبية والأجيال الشابة التي تحولت حديثاً إلى كتلة تصويتية أو على وشك ذلك، فإنها تبدو بعيدة مع أن المسؤولية في الخروج بإصلاح حقيقي تعتمد على الناخبين الشباب وقدرتهم على التأثير، ولذلك فمن المناسب للحكومة أن تتخلص من الثغرة المتوارثة في عملية تحقيق التراكم الذي هو أساس التقدم.
دائماً ما تلجأ الحكومات إلى بناء مصفوفاتها من وضعية «رد الفعل» أي لمواجهة مشكلات قائمة لغايات تجنب تعطل أو توقف المسار، ولكنها تتناسى المصفوفة الأم التي يجب أن تحضر قبل أي شيء من أجل تحديد المسار ذاته، وإضاءته في المدى المتوسط والبعيد، وهذه المصفوفة يجب أن تستند إلى خريطة متقدمة وتفصيلية تبين الجهود القائمة من مختلف الأطراف، ومدى الإنجاز المتحقق، وما يمكن الاستفادة منه بصورة عاجلة، وما يجب التخلي عنه بوصفه خياراً قائماً، ووقتها يمكن للحكومة أن تحصل على خلاصات جهود كثيرة من المجتمع المدني بمعناه الواسع، ومن الكيانات المؤسسية في المملكة.
كم سنتجنب التكلفة الغارقة التي ترتبط بالعمل الاجتماعي والتي يجب أن تعالج على المستوى الوطني بطريقة مختلفة عن معالجة الشركات الربحية؟ فلا يجب إهمال أي شيء يستثمر في الأجيال المقبلة، سواء كان ايجابياً لتعزيزه، أو سلبياً لتجنبه.
أصبح الحديث عن إعادة اختراع العجلة ينتمي إلى الركاكة اللغوية والبلاغية لكثرة استهلاكه، وإذا كان يجب الهروب من وصف مكرر، فالأولى على من يجد نفسه متورطاً في ممارسة نفس المعنى الذي يسعى له هذا المجاز، أن يتوقف على ذلك، وإذا كان الأمر يستحق ولا بد تشبيهاً، فالحكومة تصر على أن تؤلف كتاباً من غير مراجع مع أن وراءها مكتبة كبيرة تتزاحم فيها الأفكار والوثائق، ولا يستلزم الأمر أن تتعربش الحكومة في تفاصيل المبادرات والجهود السابقة، بل يكفي أن تضغط بضعة حروف على لوحة المفاتيح لتحصل على التفاصيل والعناوين اللازمة.
سامح المحاريق
تعاني الحكومات الأردنية المختلفة من عملية نقل الملفات من مسؤولية حكومة إلى أخرى، ولذلك نتورط في دوائر مغلقة لا تفضي إلى شيء من التقدم، وتضاف إلى ذلك مشكلة الحكومات في التواصل مع الفاعلين الاجتماعيين المختلفين الذين يعملون على تأسيس منصات للانطلاق، والانقطاع في التواصل لا يتوقف عن منظمات مجتمع مدني التي تعمل بصورة مستقلة في مجالات البيئة والتمكين والعديد من الملفات، ولكنه يشمل أطرافاً أخرى قطعت أشواطاً في التوعية والتنمية والتشبيك، وبينما يدور حديث الحكومة اليوم عن تربية إعلامية وعن التمكين الديمقراطي وما إلى ذلك، فإن الحكومة تبدو مفتقدة لخريطة كاملة من المبادرات والجهود التي جرت خلال السنوات الأخيرة، ويدلل على ذلك تصريحاتها وحرثها للأرض التي حرثت كثيراً وتنتظر البذار.
صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية كان أحد العناوين التي كان يمكن للحكومة أن تقصدها لتجد تجربة تستحق التأمل ويمكن العمل على تقييمها بصورة منصفة، كما ويمكن البناء عليها من خلال النقد البناء، وكانت مبادرة أندية الحوار والتطوع المدرسية أحد هذه التجارب، وتنبع أهميتها من تدريب نحو 50 ألف طالبة وطالبة من الصفين التاسع والعاشر، أي فترة المراهقة وتشكل الشخصية وبداية ظهور الميول بين التعصب والتشدد والتسامح والانفتاح، ومع أن الحكومة لم تشترك في التمويل أو التيسير إلا أن الوثائق والمخرجات من أدلة ومصنفات تدريبية آلت في النهاية للحكومة.
يأتي خبراء ويرحلون، وتطلق مشاريع ممولة من دول صديقة، ويدور الجدل في مناحيه التربوية والفكرية، ويجري التمترس حول مدى مواءمة المخرجات مع المجتمع والثقافة في الأردن، وتبقى هذه التجربة المصممة للأردن ومن خلال مدربين وميسرين أردنيين في الأدراج الحكومية العميقة وقد تبقى كذلك بينما ننشغل في تطبيق القص واللصق من تجارب تنتمي إلى ظروف وسياقات أخرى لتقييفها على ما نحتاجه محلياً.
الجميع يتحدث عن البنية الفوقية، فالحوار ينحصر بين الطامحين سواء من المحاصصين المزمنين أو من استثنوا سابقاً وينتظرون دورهم، أما القاعدة الشعبية والأجيال الشابة التي تحولت حديثاً إلى كتلة تصويتية أو على وشك ذلك، فإنها تبدو بعيدة مع أن المسؤولية في الخروج بإصلاح حقيقي تعتمد على الناخبين الشباب وقدرتهم على التأثير، ولذلك فمن المناسب للحكومة أن تتخلص من الثغرة المتوارثة في عملية تحقيق التراكم الذي هو أساس التقدم.
دائماً ما تلجأ الحكومات إلى بناء مصفوفاتها من وضعية «رد الفعل» أي لمواجهة مشكلات قائمة لغايات تجنب تعطل أو توقف المسار، ولكنها تتناسى المصفوفة الأم التي يجب أن تحضر قبل أي شيء من أجل تحديد المسار ذاته، وإضاءته في المدى المتوسط والبعيد، وهذه المصفوفة يجب أن تستند إلى خريطة متقدمة وتفصيلية تبين الجهود القائمة من مختلف الأطراف، ومدى الإنجاز المتحقق، وما يمكن الاستفادة منه بصورة عاجلة، وما يجب التخلي عنه بوصفه خياراً قائماً، ووقتها يمكن للحكومة أن تحصل على خلاصات جهود كثيرة من المجتمع المدني بمعناه الواسع، ومن الكيانات المؤسسية في المملكة.
كم سنتجنب التكلفة الغارقة التي ترتبط بالعمل الاجتماعي والتي يجب أن تعالج على المستوى الوطني بطريقة مختلفة عن معالجة الشركات الربحية؟ فلا يجب إهمال أي شيء يستثمر في الأجيال المقبلة، سواء كان ايجابياً لتعزيزه، أو سلبياً لتجنبه.
أصبح الحديث عن إعادة اختراع العجلة ينتمي إلى الركاكة اللغوية والبلاغية لكثرة استهلاكه، وإذا كان يجب الهروب من وصف مكرر، فالأولى على من يجد نفسه متورطاً في ممارسة نفس المعنى الذي يسعى له هذا المجاز، أن يتوقف على ذلك، وإذا كان الأمر يستحق ولا بد تشبيهاً، فالحكومة تصر على أن تؤلف كتاباً من غير مراجع مع أن وراءها مكتبة كبيرة تتزاحم فيها الأفكار والوثائق، ولا يستلزم الأمر أن تتعربش الحكومة في تفاصيل المبادرات والجهود السابقة، بل يكفي أن تضغط بضعة حروف على لوحة المفاتيح لتحصل على التفاصيل والعناوين اللازمة.
سامح المحاريق
تعاني الحكومات الأردنية المختلفة من عملية نقل الملفات من مسؤولية حكومة إلى أخرى، ولذلك نتورط في دوائر مغلقة لا تفضي إلى شيء من التقدم، وتضاف إلى ذلك مشكلة الحكومات في التواصل مع الفاعلين الاجتماعيين المختلفين الذين يعملون على تأسيس منصات للانطلاق، والانقطاع في التواصل لا يتوقف عن منظمات مجتمع مدني التي تعمل بصورة مستقلة في مجالات البيئة والتمكين والعديد من الملفات، ولكنه يشمل أطرافاً أخرى قطعت أشواطاً في التوعية والتنمية والتشبيك، وبينما يدور حديث الحكومة اليوم عن تربية إعلامية وعن التمكين الديمقراطي وما إلى ذلك، فإن الحكومة تبدو مفتقدة لخريطة كاملة من المبادرات والجهود التي جرت خلال السنوات الأخيرة، ويدلل على ذلك تصريحاتها وحرثها للأرض التي حرثت كثيراً وتنتظر البذار.
صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية كان أحد العناوين التي كان يمكن للحكومة أن تقصدها لتجد تجربة تستحق التأمل ويمكن العمل على تقييمها بصورة منصفة، كما ويمكن البناء عليها من خلال النقد البناء، وكانت مبادرة أندية الحوار والتطوع المدرسية أحد هذه التجارب، وتنبع أهميتها من تدريب نحو 50 ألف طالبة وطالبة من الصفين التاسع والعاشر، أي فترة المراهقة وتشكل الشخصية وبداية ظهور الميول بين التعصب والتشدد والتسامح والانفتاح، ومع أن الحكومة لم تشترك في التمويل أو التيسير إلا أن الوثائق والمخرجات من أدلة ومصنفات تدريبية آلت في النهاية للحكومة.
يأتي خبراء ويرحلون، وتطلق مشاريع ممولة من دول صديقة، ويدور الجدل في مناحيه التربوية والفكرية، ويجري التمترس حول مدى مواءمة المخرجات مع المجتمع والثقافة في الأردن، وتبقى هذه التجربة المصممة للأردن ومن خلال مدربين وميسرين أردنيين في الأدراج الحكومية العميقة وقد تبقى كذلك بينما ننشغل في تطبيق القص واللصق من تجارب تنتمي إلى ظروف وسياقات أخرى لتقييفها على ما نحتاجه محلياً.
الجميع يتحدث عن البنية الفوقية، فالحوار ينحصر بين الطامحين سواء من المحاصصين المزمنين أو من استثنوا سابقاً وينتظرون دورهم، أما القاعدة الشعبية والأجيال الشابة التي تحولت حديثاً إلى كتلة تصويتية أو على وشك ذلك، فإنها تبدو بعيدة مع أن المسؤولية في الخروج بإصلاح حقيقي تعتمد على الناخبين الشباب وقدرتهم على التأثير، ولذلك فمن المناسب للحكومة أن تتخلص من الثغرة المتوارثة في عملية تحقيق التراكم الذي هو أساس التقدم.
دائماً ما تلجأ الحكومات إلى بناء مصفوفاتها من وضعية «رد الفعل» أي لمواجهة مشكلات قائمة لغايات تجنب تعطل أو توقف المسار، ولكنها تتناسى المصفوفة الأم التي يجب أن تحضر قبل أي شيء من أجل تحديد المسار ذاته، وإضاءته في المدى المتوسط والبعيد، وهذه المصفوفة يجب أن تستند إلى خريطة متقدمة وتفصيلية تبين الجهود القائمة من مختلف الأطراف، ومدى الإنجاز المتحقق، وما يمكن الاستفادة منه بصورة عاجلة، وما يجب التخلي عنه بوصفه خياراً قائماً، ووقتها يمكن للحكومة أن تحصل على خلاصات جهود كثيرة من المجتمع المدني بمعناه الواسع، ومن الكيانات المؤسسية في المملكة.
كم سنتجنب التكلفة الغارقة التي ترتبط بالعمل الاجتماعي والتي يجب أن تعالج على المستوى الوطني بطريقة مختلفة عن معالجة الشركات الربحية؟ فلا يجب إهمال أي شيء يستثمر في الأجيال المقبلة، سواء كان ايجابياً لتعزيزه، أو سلبياً لتجنبه.
أصبح الحديث عن إعادة اختراع العجلة ينتمي إلى الركاكة اللغوية والبلاغية لكثرة استهلاكه، وإذا كان يجب الهروب من وصف مكرر، فالأولى على من يجد نفسه متورطاً في ممارسة نفس المعنى الذي يسعى له هذا المجاز، أن يتوقف على ذلك، وإذا كان الأمر يستحق ولا بد تشبيهاً، فالحكومة تصر على أن تؤلف كتاباً من غير مراجع مع أن وراءها مكتبة كبيرة تتزاحم فيها الأفكار والوثائق، ولا يستلزم الأمر أن تتعربش الحكومة في تفاصيل المبادرات والجهود السابقة، بل يكفي أن تضغط بضعة حروف على لوحة المفاتيح لتحصل على التفاصيل والعناوين اللازمة.
التعليقات