انشغلنا على مدى السنوات الخمس الماضية بملفين: ملف الخارج الذي تعرض فيه بلدنا لموجة من العواصف والحصار والضغوطات، واختار ان «يعض» على أصابعه وان يصبر ويتحمل، لكن تحت الإحساس باقتراب الفرج، والاصرار على الصمود والمقاومة، والتمسك بالمبادئ والمصالح الوطنية أولاً، والعربية الاسلامية ثانيا.
اما الملف الآخر فهو ملف الداخل، هذا الذي جربنا فيه وصفات ما بعد الربيع العربي بكل ما حملته من التزامات وإكراهات، وحين هاجمتنا «كورونا» لم نجد امامنا لنضعه علي اجندة اولوياتنا سوى صحة الناس وطبابتهم وضبط ايقاع «ازمة» الاقتصاد والتعليم ومواجهة التحولات الاجتماعية والنفسية التي اصابت الجميع.
الآن، بوسعنا انه نطمئن بأن الملف الخارجي - بعد زيارة الملك لواشنطن - اصبح «مؤمّناً» ومحسوماً باتجاه عودة الاردن الى «دوره» ومكانته اقليميا ودوليا، فقد كشفت التطورات التي شهدها عالمنا العربي ومنطقتنا لواشنطن – تحديدا - ان منطق بلدنا في التعامل مع الأزمات والصراعات والملفات المختلفة كان «عقلانيا» وان مواقفه وتحذيراته وهواجسه كانت في المكان الصحيح، وبالتالي جاءت مسارات الدعم السياسي والاقتصادي مفتوحة اكثر، كما ان التفاهم على اية حلول لما قد يطرأ من مستجدات اصبح خيار الطرفين معا.
في التفاصيل، زيارة الملك لواشنطن هي افضل زيارة منذ عشرين عاما، والرئاسة الامريكية وكذلك اركان الادارة هناك، تعهدت بأن يحظى الأردن على امتداد السنوات القادمة بما يلزم من الدعم السياسي والاقتصادي، اما في المسألة الفلسطينية فثمة شقان: الاول يتعلق بمصالح الاردن المرتبطة في الحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية والقدس، وعلى «وقف» اللعب الاسرائيلي بالملفات التي تهدد الامن الوطني، والثاني يتعلق بالمسار الفلسطيني الإسرائيلي، وامكانية فتح قنوات للحوار بين الطرفين مع ضمان دعم السلطة الفلسطينية بالضغط على الحكومة الاسرائيلية لتتعلم من درس «الحرب الاهلية» التي فجرتها مواجهات «درع الاقصى» الاخيرة.
في هذين الشقين، التقط الاردن رسائل واضحة بأن المرحلة القادمة ستكون مختلفة، على الاقل في سياق التعامل الامريكي مع ما جرى من تحولات على صعيد «المرحلة الترامبية»، صحيح ان الحلول ليست جاهزة ومكتملة وسريعة، لكن ثمة محاولات جادة «لضبط» ايقاع «الصراع» ووقف حالة التدهور التي حصلت.
يبقى الملف العربي، العلاقات مع سوريا ستشهد بعض التطورات، وخاصة في ما يتعلق بالجنوب السوري الذي يشكل تهديدا مباشرا للأمن الاردني، ثمة اتصالات مع اطراف عدة (منها روسيا) لايجاد حل للازمة السورية يضمن مصالح كافة الاطراف في ظل استمرار النظام، اما العراق فيشكل «عنوانا» مهما للخروج من حالة الفوضى التي تشهدها المنطقة، كما ان مصلحة الاردن مع وجود العراق في عمقه العربي ومن المتوقع ان يحظى هذا العنوان بدعم عربي شامل، كما ان زيارة الملك للعراق شكلت «مرتكزا» لبناء جسور اقوى مع القيادات العراقية الحالية التي ترى في الاردن «ظهيرا» سياسيا واقتصاديا مهما وستكون الانتخابات العراقية القادمة امتحانا للجميع.
زيارة الملك لواشنطن لها ما بعدها، والرسائل التي حملها الملك للادارة الامريكية والاخرى التي سمعها تبدو مهمة في سياق تحولات كبيرة ستشهدها المنطقة، والاردن الذي «حوصر» وحاول البعض ان يخرجه من «ماراثون» الادوار والسباقات الاقليمية عاد مرة اخرى الي الميدان اكثر قوة، يتحدث بمنطق «الكبار» كما كان يتحدث تاريخيا، لا يلتفت الى الوراء، ولا يرد الاساءة بالاساءة، يريد ان يكون «ميزان» هذه المنطقة ولسانها الفصيح العاقل.
لكن ماذا عن «الملف» الداخلي.. ومناخات الاصلاح ولجنته التي تواجه التشكيك وحالة المجتمع الاردني.. ماذا عن القادم على صعيد بلدنا..؟
نكمل غدا ان شاء الله.
حسين الرواشدة
انشغلنا على مدى السنوات الخمس الماضية بملفين: ملف الخارج الذي تعرض فيه بلدنا لموجة من العواصف والحصار والضغوطات، واختار ان «يعض» على أصابعه وان يصبر ويتحمل، لكن تحت الإحساس باقتراب الفرج، والاصرار على الصمود والمقاومة، والتمسك بالمبادئ والمصالح الوطنية أولاً، والعربية الاسلامية ثانيا.
اما الملف الآخر فهو ملف الداخل، هذا الذي جربنا فيه وصفات ما بعد الربيع العربي بكل ما حملته من التزامات وإكراهات، وحين هاجمتنا «كورونا» لم نجد امامنا لنضعه علي اجندة اولوياتنا سوى صحة الناس وطبابتهم وضبط ايقاع «ازمة» الاقتصاد والتعليم ومواجهة التحولات الاجتماعية والنفسية التي اصابت الجميع.
الآن، بوسعنا انه نطمئن بأن الملف الخارجي - بعد زيارة الملك لواشنطن - اصبح «مؤمّناً» ومحسوماً باتجاه عودة الاردن الى «دوره» ومكانته اقليميا ودوليا، فقد كشفت التطورات التي شهدها عالمنا العربي ومنطقتنا لواشنطن – تحديدا - ان منطق بلدنا في التعامل مع الأزمات والصراعات والملفات المختلفة كان «عقلانيا» وان مواقفه وتحذيراته وهواجسه كانت في المكان الصحيح، وبالتالي جاءت مسارات الدعم السياسي والاقتصادي مفتوحة اكثر، كما ان التفاهم على اية حلول لما قد يطرأ من مستجدات اصبح خيار الطرفين معا.
في التفاصيل، زيارة الملك لواشنطن هي افضل زيارة منذ عشرين عاما، والرئاسة الامريكية وكذلك اركان الادارة هناك، تعهدت بأن يحظى الأردن على امتداد السنوات القادمة بما يلزم من الدعم السياسي والاقتصادي، اما في المسألة الفلسطينية فثمة شقان: الاول يتعلق بمصالح الاردن المرتبطة في الحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية والقدس، وعلى «وقف» اللعب الاسرائيلي بالملفات التي تهدد الامن الوطني، والثاني يتعلق بالمسار الفلسطيني الإسرائيلي، وامكانية فتح قنوات للحوار بين الطرفين مع ضمان دعم السلطة الفلسطينية بالضغط على الحكومة الاسرائيلية لتتعلم من درس «الحرب الاهلية» التي فجرتها مواجهات «درع الاقصى» الاخيرة.
في هذين الشقين، التقط الاردن رسائل واضحة بأن المرحلة القادمة ستكون مختلفة، على الاقل في سياق التعامل الامريكي مع ما جرى من تحولات على صعيد «المرحلة الترامبية»، صحيح ان الحلول ليست جاهزة ومكتملة وسريعة، لكن ثمة محاولات جادة «لضبط» ايقاع «الصراع» ووقف حالة التدهور التي حصلت.
يبقى الملف العربي، العلاقات مع سوريا ستشهد بعض التطورات، وخاصة في ما يتعلق بالجنوب السوري الذي يشكل تهديدا مباشرا للأمن الاردني، ثمة اتصالات مع اطراف عدة (منها روسيا) لايجاد حل للازمة السورية يضمن مصالح كافة الاطراف في ظل استمرار النظام، اما العراق فيشكل «عنوانا» مهما للخروج من حالة الفوضى التي تشهدها المنطقة، كما ان مصلحة الاردن مع وجود العراق في عمقه العربي ومن المتوقع ان يحظى هذا العنوان بدعم عربي شامل، كما ان زيارة الملك للعراق شكلت «مرتكزا» لبناء جسور اقوى مع القيادات العراقية الحالية التي ترى في الاردن «ظهيرا» سياسيا واقتصاديا مهما وستكون الانتخابات العراقية القادمة امتحانا للجميع.
زيارة الملك لواشنطن لها ما بعدها، والرسائل التي حملها الملك للادارة الامريكية والاخرى التي سمعها تبدو مهمة في سياق تحولات كبيرة ستشهدها المنطقة، والاردن الذي «حوصر» وحاول البعض ان يخرجه من «ماراثون» الادوار والسباقات الاقليمية عاد مرة اخرى الي الميدان اكثر قوة، يتحدث بمنطق «الكبار» كما كان يتحدث تاريخيا، لا يلتفت الى الوراء، ولا يرد الاساءة بالاساءة، يريد ان يكون «ميزان» هذه المنطقة ولسانها الفصيح العاقل.
لكن ماذا عن «الملف» الداخلي.. ومناخات الاصلاح ولجنته التي تواجه التشكيك وحالة المجتمع الاردني.. ماذا عن القادم على صعيد بلدنا..؟
نكمل غدا ان شاء الله.
حسين الرواشدة
انشغلنا على مدى السنوات الخمس الماضية بملفين: ملف الخارج الذي تعرض فيه بلدنا لموجة من العواصف والحصار والضغوطات، واختار ان «يعض» على أصابعه وان يصبر ويتحمل، لكن تحت الإحساس باقتراب الفرج، والاصرار على الصمود والمقاومة، والتمسك بالمبادئ والمصالح الوطنية أولاً، والعربية الاسلامية ثانيا.
اما الملف الآخر فهو ملف الداخل، هذا الذي جربنا فيه وصفات ما بعد الربيع العربي بكل ما حملته من التزامات وإكراهات، وحين هاجمتنا «كورونا» لم نجد امامنا لنضعه علي اجندة اولوياتنا سوى صحة الناس وطبابتهم وضبط ايقاع «ازمة» الاقتصاد والتعليم ومواجهة التحولات الاجتماعية والنفسية التي اصابت الجميع.
الآن، بوسعنا انه نطمئن بأن الملف الخارجي - بعد زيارة الملك لواشنطن - اصبح «مؤمّناً» ومحسوماً باتجاه عودة الاردن الى «دوره» ومكانته اقليميا ودوليا، فقد كشفت التطورات التي شهدها عالمنا العربي ومنطقتنا لواشنطن – تحديدا - ان منطق بلدنا في التعامل مع الأزمات والصراعات والملفات المختلفة كان «عقلانيا» وان مواقفه وتحذيراته وهواجسه كانت في المكان الصحيح، وبالتالي جاءت مسارات الدعم السياسي والاقتصادي مفتوحة اكثر، كما ان التفاهم على اية حلول لما قد يطرأ من مستجدات اصبح خيار الطرفين معا.
في التفاصيل، زيارة الملك لواشنطن هي افضل زيارة منذ عشرين عاما، والرئاسة الامريكية وكذلك اركان الادارة هناك، تعهدت بأن يحظى الأردن على امتداد السنوات القادمة بما يلزم من الدعم السياسي والاقتصادي، اما في المسألة الفلسطينية فثمة شقان: الاول يتعلق بمصالح الاردن المرتبطة في الحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية والقدس، وعلى «وقف» اللعب الاسرائيلي بالملفات التي تهدد الامن الوطني، والثاني يتعلق بالمسار الفلسطيني الإسرائيلي، وامكانية فتح قنوات للحوار بين الطرفين مع ضمان دعم السلطة الفلسطينية بالضغط على الحكومة الاسرائيلية لتتعلم من درس «الحرب الاهلية» التي فجرتها مواجهات «درع الاقصى» الاخيرة.
في هذين الشقين، التقط الاردن رسائل واضحة بأن المرحلة القادمة ستكون مختلفة، على الاقل في سياق التعامل الامريكي مع ما جرى من تحولات على صعيد «المرحلة الترامبية»، صحيح ان الحلول ليست جاهزة ومكتملة وسريعة، لكن ثمة محاولات جادة «لضبط» ايقاع «الصراع» ووقف حالة التدهور التي حصلت.
يبقى الملف العربي، العلاقات مع سوريا ستشهد بعض التطورات، وخاصة في ما يتعلق بالجنوب السوري الذي يشكل تهديدا مباشرا للأمن الاردني، ثمة اتصالات مع اطراف عدة (منها روسيا) لايجاد حل للازمة السورية يضمن مصالح كافة الاطراف في ظل استمرار النظام، اما العراق فيشكل «عنوانا» مهما للخروج من حالة الفوضى التي تشهدها المنطقة، كما ان مصلحة الاردن مع وجود العراق في عمقه العربي ومن المتوقع ان يحظى هذا العنوان بدعم عربي شامل، كما ان زيارة الملك للعراق شكلت «مرتكزا» لبناء جسور اقوى مع القيادات العراقية الحالية التي ترى في الاردن «ظهيرا» سياسيا واقتصاديا مهما وستكون الانتخابات العراقية القادمة امتحانا للجميع.
زيارة الملك لواشنطن لها ما بعدها، والرسائل التي حملها الملك للادارة الامريكية والاخرى التي سمعها تبدو مهمة في سياق تحولات كبيرة ستشهدها المنطقة، والاردن الذي «حوصر» وحاول البعض ان يخرجه من «ماراثون» الادوار والسباقات الاقليمية عاد مرة اخرى الي الميدان اكثر قوة، يتحدث بمنطق «الكبار» كما كان يتحدث تاريخيا، لا يلتفت الى الوراء، ولا يرد الاساءة بالاساءة، يريد ان يكون «ميزان» هذه المنطقة ولسانها الفصيح العاقل.
لكن ماذا عن «الملف» الداخلي.. ومناخات الاصلاح ولجنته التي تواجه التشكيك وحالة المجتمع الاردني.. ماذا عن القادم على صعيد بلدنا..؟
التعليقات