لا نعترف بسهولة مما نعاني منه، برغم أن كل شيء واضح تماما، فلا الحكومات لدينا قادرة على تصحيح الأخطاء، ولا الناس أيضا يريدون ان يتغيروا، فالكل شريك في هذا المشهد.
قبل سنوات طويلة، وأيام العز، كان الآباء يتباهون بالأبناء والبنات، هذا ابني طبيب، وتلك مهندسة، وهكذا تدفع العائلات الدم والعرق من أجل تعليم الأبناء، في بلد لم يعد يوفر فرصة عمل لأحد، لكننا لا نتغير، فالكل مثلا يريد دراسة الطب والهندسة، والكل أيضا أسير للفخر الزائف، والمباهاة الاجتماعية، والمظاهر، دون أي استعداد للتغيير الكلي او الجزئي.
لدينا اليوم آلاف الأطباء بلا عمل، وأغلبهم لم يستطيعوا التخصص، أي يحملون الطب العام، بسبب عدم قدرتهم المالية على التخصص واكمال المشوار، ولدينا أيضا آلاف المهندسين بلا عمل، والنقابات المهنية تدرك الأزمة، ولا تستطيع أن تجد لها حلا، والامر ذاته يمتد الى مهن مختلفة، من الصحفيين الى المحامين، وغيرهم، لكن العين تقدح مشهد الأطباء والمهندسين حصرا، كون هذه المهن محسودة وتعد من اعلى المهن من حيث التقييم الاجتماعي.
من حيث المبدأ العام، هناك بطالة في كل المهن، لا تستثني أحدا، وتترك أثرا حادا على الجميع بلا استثناء، لكننا نركز على الطب والهندسة تحديدا، جراء مواصلة التركيز عليهما اجتماعيا.
لقد تم الإعلان عن وظيفة حارس في احدى المؤسسات في المملكة، فتقدم الى الوظيفة المئات، ومن بينهم عدد من خريجي الطب، والامر بالنسبة للبعض كان عجيبا، لكنه ليس غريبا.
ظاهرة عدم وجود فرص للأطباء وتحديدا الطب العام، او الأسنان، ظاهرة معروفة في دول عربية لديها آلاف الخريجين، وهذه الظاهرة انتقلت الى هذه البلاد، والكل يريد التخصص في الطب، فهي مهنة راقية، لكنها تحتاج الى تمويل كبير في التعليم الجامعي، وصبر وكفاح وسنوات صعبة من التحصيل ثم التخصص، والذي يراه المراقبون يؤشر على فيض من الخريجين من جامعات المملكة، ومن خارجها، وعدم قدرة كثيرين على التخصص بسبب عدم وجود أماكن من اجل التخصص، وكأننا بعد هذا الاستثمار، نواجه مصيرا صعبا وحساسا.
لم تحاول الجهات الرسمية إعادة ضبط القبول في الطب في الأردن، ولا إيجاد حلول لمشاكل الخريجين، ولا الاستفادة من هذه الثروات، واغلبهم أصلا غير قادر على فتح عيادات، ولا على التخصص، مثلما ان الأهالي يتعلقون برغباتهم وبالرأي الاجتماعي الذي ينظر الى الطبيب باحترام خاص، وهكذا لا يتغير الحال، بل ان المشكلة تتعمق اكثر كل عام.
الامر ذاته في قطاع الهندسة، عشرات آلاف الخريجين، وهناك تخصصات في الهندسة لم تعد مطلوبة، لا في الأردن، ولا العالم العربي، بل ان خريجي الهندسة من آسيا ينافسون على هذه المواقع في العالم العربي، ولا يوجد شواغر للعرب، او للأردنيين بشكل خاص.
ما بين مشكلة البطالة العامة التي تشمل كل المهن، وهذه التخصصات حصرا، كونها مكلفة من حيث التمويل المالي، وعدد سنوات الدراسة، مقارنة بالتوقعات، فقد بات لازما ان يتغير الناس جزئيا، وان يبحثوا عن مصالحهم ومستقبلهم بطريقة مختلفة، دون الخضوع للعامل الاجتماعي، او الرغبات فقط، مثلما ان الحكومات مطالبة بإعادة النظر في طريقة القبول في هذه التخصصات، واهمية عدم التوسع بها في كل الجامعات، وإيجاد حلول لمن يريدون التخصص في قطاع الطب حصرا، بدلا من تركهم، وإعادة تصحيح كل عملية القبول في الجامعات، بدلا من استنزاف الموارد، بهذه الطريقة، وترك الناس لمصيرهم الصعب.
من المحزن حقا، ان تسمع عن طبيب بلا عمل، لكنك في الوقت ذاته تدرك ان هناك الآلاف من مهن مختلفة، وتخصصات متعددة بلا عمل أيضا، واذا كان من حق الانسان ان يختار تخصصه ومهنته، فإن عليه أيضا، ان يقرأ الخريطة جيدا في الأردن، والى اين يذهب بعد كل سنوات التعب والشقاء والاجتهاد والتفوق ودفع المال، ومراهنات الأهل عليه.
هذا الملف يحض الحكومة على ان تعقد اجتماعا طارئا، من اجل معالجة الاختلالات في ملف بطالة الأطباء، والمهندسين، وسياسات القبول الجامعي، حتى لا نواصل الانتحار ونحن نبتسم.
ماهر ابو طير
لا نعترف بسهولة مما نعاني منه، برغم أن كل شيء واضح تماما، فلا الحكومات لدينا قادرة على تصحيح الأخطاء، ولا الناس أيضا يريدون ان يتغيروا، فالكل شريك في هذا المشهد.
قبل سنوات طويلة، وأيام العز، كان الآباء يتباهون بالأبناء والبنات، هذا ابني طبيب، وتلك مهندسة، وهكذا تدفع العائلات الدم والعرق من أجل تعليم الأبناء، في بلد لم يعد يوفر فرصة عمل لأحد، لكننا لا نتغير، فالكل مثلا يريد دراسة الطب والهندسة، والكل أيضا أسير للفخر الزائف، والمباهاة الاجتماعية، والمظاهر، دون أي استعداد للتغيير الكلي او الجزئي.
لدينا اليوم آلاف الأطباء بلا عمل، وأغلبهم لم يستطيعوا التخصص، أي يحملون الطب العام، بسبب عدم قدرتهم المالية على التخصص واكمال المشوار، ولدينا أيضا آلاف المهندسين بلا عمل، والنقابات المهنية تدرك الأزمة، ولا تستطيع أن تجد لها حلا، والامر ذاته يمتد الى مهن مختلفة، من الصحفيين الى المحامين، وغيرهم، لكن العين تقدح مشهد الأطباء والمهندسين حصرا، كون هذه المهن محسودة وتعد من اعلى المهن من حيث التقييم الاجتماعي.
من حيث المبدأ العام، هناك بطالة في كل المهن، لا تستثني أحدا، وتترك أثرا حادا على الجميع بلا استثناء، لكننا نركز على الطب والهندسة تحديدا، جراء مواصلة التركيز عليهما اجتماعيا.
لقد تم الإعلان عن وظيفة حارس في احدى المؤسسات في المملكة، فتقدم الى الوظيفة المئات، ومن بينهم عدد من خريجي الطب، والامر بالنسبة للبعض كان عجيبا، لكنه ليس غريبا.
ظاهرة عدم وجود فرص للأطباء وتحديدا الطب العام، او الأسنان، ظاهرة معروفة في دول عربية لديها آلاف الخريجين، وهذه الظاهرة انتقلت الى هذه البلاد، والكل يريد التخصص في الطب، فهي مهنة راقية، لكنها تحتاج الى تمويل كبير في التعليم الجامعي، وصبر وكفاح وسنوات صعبة من التحصيل ثم التخصص، والذي يراه المراقبون يؤشر على فيض من الخريجين من جامعات المملكة، ومن خارجها، وعدم قدرة كثيرين على التخصص بسبب عدم وجود أماكن من اجل التخصص، وكأننا بعد هذا الاستثمار، نواجه مصيرا صعبا وحساسا.
لم تحاول الجهات الرسمية إعادة ضبط القبول في الطب في الأردن، ولا إيجاد حلول لمشاكل الخريجين، ولا الاستفادة من هذه الثروات، واغلبهم أصلا غير قادر على فتح عيادات، ولا على التخصص، مثلما ان الأهالي يتعلقون برغباتهم وبالرأي الاجتماعي الذي ينظر الى الطبيب باحترام خاص، وهكذا لا يتغير الحال، بل ان المشكلة تتعمق اكثر كل عام.
الامر ذاته في قطاع الهندسة، عشرات آلاف الخريجين، وهناك تخصصات في الهندسة لم تعد مطلوبة، لا في الأردن، ولا العالم العربي، بل ان خريجي الهندسة من آسيا ينافسون على هذه المواقع في العالم العربي، ولا يوجد شواغر للعرب، او للأردنيين بشكل خاص.
ما بين مشكلة البطالة العامة التي تشمل كل المهن، وهذه التخصصات حصرا، كونها مكلفة من حيث التمويل المالي، وعدد سنوات الدراسة، مقارنة بالتوقعات، فقد بات لازما ان يتغير الناس جزئيا، وان يبحثوا عن مصالحهم ومستقبلهم بطريقة مختلفة، دون الخضوع للعامل الاجتماعي، او الرغبات فقط، مثلما ان الحكومات مطالبة بإعادة النظر في طريقة القبول في هذه التخصصات، واهمية عدم التوسع بها في كل الجامعات، وإيجاد حلول لمن يريدون التخصص في قطاع الطب حصرا، بدلا من تركهم، وإعادة تصحيح كل عملية القبول في الجامعات، بدلا من استنزاف الموارد، بهذه الطريقة، وترك الناس لمصيرهم الصعب.
من المحزن حقا، ان تسمع عن طبيب بلا عمل، لكنك في الوقت ذاته تدرك ان هناك الآلاف من مهن مختلفة، وتخصصات متعددة بلا عمل أيضا، واذا كان من حق الانسان ان يختار تخصصه ومهنته، فإن عليه أيضا، ان يقرأ الخريطة جيدا في الأردن، والى اين يذهب بعد كل سنوات التعب والشقاء والاجتهاد والتفوق ودفع المال، ومراهنات الأهل عليه.
هذا الملف يحض الحكومة على ان تعقد اجتماعا طارئا، من اجل معالجة الاختلالات في ملف بطالة الأطباء، والمهندسين، وسياسات القبول الجامعي، حتى لا نواصل الانتحار ونحن نبتسم.
ماهر ابو طير
لا نعترف بسهولة مما نعاني منه، برغم أن كل شيء واضح تماما، فلا الحكومات لدينا قادرة على تصحيح الأخطاء، ولا الناس أيضا يريدون ان يتغيروا، فالكل شريك في هذا المشهد.
قبل سنوات طويلة، وأيام العز، كان الآباء يتباهون بالأبناء والبنات، هذا ابني طبيب، وتلك مهندسة، وهكذا تدفع العائلات الدم والعرق من أجل تعليم الأبناء، في بلد لم يعد يوفر فرصة عمل لأحد، لكننا لا نتغير، فالكل مثلا يريد دراسة الطب والهندسة، والكل أيضا أسير للفخر الزائف، والمباهاة الاجتماعية، والمظاهر، دون أي استعداد للتغيير الكلي او الجزئي.
لدينا اليوم آلاف الأطباء بلا عمل، وأغلبهم لم يستطيعوا التخصص، أي يحملون الطب العام، بسبب عدم قدرتهم المالية على التخصص واكمال المشوار، ولدينا أيضا آلاف المهندسين بلا عمل، والنقابات المهنية تدرك الأزمة، ولا تستطيع أن تجد لها حلا، والامر ذاته يمتد الى مهن مختلفة، من الصحفيين الى المحامين، وغيرهم، لكن العين تقدح مشهد الأطباء والمهندسين حصرا، كون هذه المهن محسودة وتعد من اعلى المهن من حيث التقييم الاجتماعي.
من حيث المبدأ العام، هناك بطالة في كل المهن، لا تستثني أحدا، وتترك أثرا حادا على الجميع بلا استثناء، لكننا نركز على الطب والهندسة تحديدا، جراء مواصلة التركيز عليهما اجتماعيا.
لقد تم الإعلان عن وظيفة حارس في احدى المؤسسات في المملكة، فتقدم الى الوظيفة المئات، ومن بينهم عدد من خريجي الطب، والامر بالنسبة للبعض كان عجيبا، لكنه ليس غريبا.
ظاهرة عدم وجود فرص للأطباء وتحديدا الطب العام، او الأسنان، ظاهرة معروفة في دول عربية لديها آلاف الخريجين، وهذه الظاهرة انتقلت الى هذه البلاد، والكل يريد التخصص في الطب، فهي مهنة راقية، لكنها تحتاج الى تمويل كبير في التعليم الجامعي، وصبر وكفاح وسنوات صعبة من التحصيل ثم التخصص، والذي يراه المراقبون يؤشر على فيض من الخريجين من جامعات المملكة، ومن خارجها، وعدم قدرة كثيرين على التخصص بسبب عدم وجود أماكن من اجل التخصص، وكأننا بعد هذا الاستثمار، نواجه مصيرا صعبا وحساسا.
لم تحاول الجهات الرسمية إعادة ضبط القبول في الطب في الأردن، ولا إيجاد حلول لمشاكل الخريجين، ولا الاستفادة من هذه الثروات، واغلبهم أصلا غير قادر على فتح عيادات، ولا على التخصص، مثلما ان الأهالي يتعلقون برغباتهم وبالرأي الاجتماعي الذي ينظر الى الطبيب باحترام خاص، وهكذا لا يتغير الحال، بل ان المشكلة تتعمق اكثر كل عام.
الامر ذاته في قطاع الهندسة، عشرات آلاف الخريجين، وهناك تخصصات في الهندسة لم تعد مطلوبة، لا في الأردن، ولا العالم العربي، بل ان خريجي الهندسة من آسيا ينافسون على هذه المواقع في العالم العربي، ولا يوجد شواغر للعرب، او للأردنيين بشكل خاص.
ما بين مشكلة البطالة العامة التي تشمل كل المهن، وهذه التخصصات حصرا، كونها مكلفة من حيث التمويل المالي، وعدد سنوات الدراسة، مقارنة بالتوقعات، فقد بات لازما ان يتغير الناس جزئيا، وان يبحثوا عن مصالحهم ومستقبلهم بطريقة مختلفة، دون الخضوع للعامل الاجتماعي، او الرغبات فقط، مثلما ان الحكومات مطالبة بإعادة النظر في طريقة القبول في هذه التخصصات، واهمية عدم التوسع بها في كل الجامعات، وإيجاد حلول لمن يريدون التخصص في قطاع الطب حصرا، بدلا من تركهم، وإعادة تصحيح كل عملية القبول في الجامعات، بدلا من استنزاف الموارد، بهذه الطريقة، وترك الناس لمصيرهم الصعب.
من المحزن حقا، ان تسمع عن طبيب بلا عمل، لكنك في الوقت ذاته تدرك ان هناك الآلاف من مهن مختلفة، وتخصصات متعددة بلا عمل أيضا، واذا كان من حق الانسان ان يختار تخصصه ومهنته، فإن عليه أيضا، ان يقرأ الخريطة جيدا في الأردن، والى اين يذهب بعد كل سنوات التعب والشقاء والاجتهاد والتفوق ودفع المال، ومراهنات الأهل عليه.
هذا الملف يحض الحكومة على ان تعقد اجتماعا طارئا، من اجل معالجة الاختلالات في ملف بطالة الأطباء، والمهندسين، وسياسات القبول الجامعي، حتى لا نواصل الانتحار ونحن نبتسم.
التعليقات