تلقى مشروع إصلاح القطاع العام وتطويره خلال السنوات العشر الماضية ضربات موجعة أدت الى فقدانه بريقه وفاعليته لدرجة انه بات عقبة أمام أي إصلاح اقتصادي في الدولة، وبدلاً من ان يكون مسانداً للتحديث والتنمية، بات مع كُل آسف حجر عثرة أمام أي مشروع نهضوي.
كُل مشاريع الإصلاح الإداري في الدولة منذ ما يقارب العقدين كانت تأتي بنتائج عكسية على غير المعلن عنها.
فالحديث عن تهذيب القطاع العام وترشيقه ليكون أكثر فاعلية ظل شعارات لا أكثر وجزءاً رئيساً من خطاب الحكومات الإعلامي لا أكثر، فالواقع كان مريرا والنتائج مخيبة للكل، فالقوى المتنفذة والضاغطة في المجتمع استطاعت ان تتسلل بأدواتها المختلفة الى جسم الدولة الإداري من خلال التعيينات العشوائية التي تجاوزت معايير الكفاءة والمهنية، معتمدة على الواسطة والمحسوبية بتعيين آلاف الموظفين المتسللين والذين بحكم أنظمة ديوان الخدمة المدنية باتوا اليوم هم قادة مفاصل إدارة القطاع العام والمتحكمين في كيفية تسيير الأمور خاصة مع القطاع الخاص، الجهاز الإداري المدني للدولة بأعداده الراهنة والتي تناهز الـ135 ألف موظف لا تزيد احتياجاته عن نصف هذا الرقم بأفضل الحالات من حيث الاحتياجات الفعلية له لتسيير مهامه المختلفة المناطة به، واصبح بهذا العدد الضخم عنصراً مثبطا للتنمية أكثر من ان يكون فاعلا كما كان في السابق، حيث كانت الإدارة المحلية عنصرا تنافسيا هائلا للمملكة تتسابق عليه الدول المختلفة للاستفادة من تجاربه وخبراته.
وعندما أرادت الدولة ان تعالج هذا التشوه لجأت الحكومات في العام 2011 إلى خطة إعادة هيكلة القطاع العام، وكانت فعلًا هيكلة لكن من نوع آخر، أدت إلى تهجير الكفاءات وأصحاب الخبرات خاصة من اصحاب العقود، بعد ان أرادت مساواتهم ماليا بباقي الموظفين الذين رفعت رواتبهم مقابل خسارتها لأصحاب العقود الكبيرة المرصودة تحديداً من المنح الخارجية تحت حجة المساواة في الرواتب، ولم يبق في جهاز الدولة الإداري سوى الغالبية العظمى من المعينين بالواسطات أو من تساقطوا بالبراشوت على القطاع العام.
الخطورة في هذه الخطة هو بعدها المالي الكبير الذي يشكل في رأسي أكبر قضية فساد مالي في تاريخ الدولة الأردنية لكن للأسف لا أحد يريد التحدث عنه او حتى مساءلة من ارتكب هذه القضية التي أثرت مالياً على الخزينة، حيث قدرت كلفة خطة إعادة الهيكلة في الموازنة في ذلك الوقت بـ82 مليون دينار، لكن فعليا تجاوز المبلغ أكثر من نصف مليار دينار، مما ألحق أكبر ضربة موجعة للعجز المالي في الخزينة العامة.
قبل عامين لجأت الحكومة إلى مواصلة الإصلاح الإداري لكن بأسلوب جديد شكل الضربة القاضية لأي رؤية إصلاحية للقطاع العام، حيث أصدرت الحكومة قبل أكثر من عامين تعميما يقضي بإنهاء خدمات كُل من بلغت خدمته 30 عاما في الدولة، وهو ما يعني خروج آخر رجالات الدولة من أصحاب الخبرات والكفاءة خروجا قسريا، ليبقى في القطاع العام من هم أقل منهم كفاءة ودراية بأمور الإدارة المحلية وتفصيلاتها المعقدة.
محصلة عمليات الإصلاح المشوه للقطاع العام أدت للأسف إلى تفريغ الدولة من القيادات وأصحاب الفاعلية الإدارية، وباتت غالبية الوزارات والمؤسسات الرسمية بلا صف ثان من رجالات الدولة مع كُل اسف، الأمر الذي يحتاج اليوم إلى وقفة حقيقية لكيفية ارجاع الألق والفاعلية للقطاع العام وليكون أكثر تشاركية ومساهمة في العملية التنموية وخدمة المجتمع.
سلامة الدرعاوي
تلقى مشروع إصلاح القطاع العام وتطويره خلال السنوات العشر الماضية ضربات موجعة أدت الى فقدانه بريقه وفاعليته لدرجة انه بات عقبة أمام أي إصلاح اقتصادي في الدولة، وبدلاً من ان يكون مسانداً للتحديث والتنمية، بات مع كُل آسف حجر عثرة أمام أي مشروع نهضوي.
كُل مشاريع الإصلاح الإداري في الدولة منذ ما يقارب العقدين كانت تأتي بنتائج عكسية على غير المعلن عنها.
فالحديث عن تهذيب القطاع العام وترشيقه ليكون أكثر فاعلية ظل شعارات لا أكثر وجزءاً رئيساً من خطاب الحكومات الإعلامي لا أكثر، فالواقع كان مريرا والنتائج مخيبة للكل، فالقوى المتنفذة والضاغطة في المجتمع استطاعت ان تتسلل بأدواتها المختلفة الى جسم الدولة الإداري من خلال التعيينات العشوائية التي تجاوزت معايير الكفاءة والمهنية، معتمدة على الواسطة والمحسوبية بتعيين آلاف الموظفين المتسللين والذين بحكم أنظمة ديوان الخدمة المدنية باتوا اليوم هم قادة مفاصل إدارة القطاع العام والمتحكمين في كيفية تسيير الأمور خاصة مع القطاع الخاص، الجهاز الإداري المدني للدولة بأعداده الراهنة والتي تناهز الـ135 ألف موظف لا تزيد احتياجاته عن نصف هذا الرقم بأفضل الحالات من حيث الاحتياجات الفعلية له لتسيير مهامه المختلفة المناطة به، واصبح بهذا العدد الضخم عنصراً مثبطا للتنمية أكثر من ان يكون فاعلا كما كان في السابق، حيث كانت الإدارة المحلية عنصرا تنافسيا هائلا للمملكة تتسابق عليه الدول المختلفة للاستفادة من تجاربه وخبراته.
وعندما أرادت الدولة ان تعالج هذا التشوه لجأت الحكومات في العام 2011 إلى خطة إعادة هيكلة القطاع العام، وكانت فعلًا هيكلة لكن من نوع آخر، أدت إلى تهجير الكفاءات وأصحاب الخبرات خاصة من اصحاب العقود، بعد ان أرادت مساواتهم ماليا بباقي الموظفين الذين رفعت رواتبهم مقابل خسارتها لأصحاب العقود الكبيرة المرصودة تحديداً من المنح الخارجية تحت حجة المساواة في الرواتب، ولم يبق في جهاز الدولة الإداري سوى الغالبية العظمى من المعينين بالواسطات أو من تساقطوا بالبراشوت على القطاع العام.
الخطورة في هذه الخطة هو بعدها المالي الكبير الذي يشكل في رأسي أكبر قضية فساد مالي في تاريخ الدولة الأردنية لكن للأسف لا أحد يريد التحدث عنه او حتى مساءلة من ارتكب هذه القضية التي أثرت مالياً على الخزينة، حيث قدرت كلفة خطة إعادة الهيكلة في الموازنة في ذلك الوقت بـ82 مليون دينار، لكن فعليا تجاوز المبلغ أكثر من نصف مليار دينار، مما ألحق أكبر ضربة موجعة للعجز المالي في الخزينة العامة.
قبل عامين لجأت الحكومة إلى مواصلة الإصلاح الإداري لكن بأسلوب جديد شكل الضربة القاضية لأي رؤية إصلاحية للقطاع العام، حيث أصدرت الحكومة قبل أكثر من عامين تعميما يقضي بإنهاء خدمات كُل من بلغت خدمته 30 عاما في الدولة، وهو ما يعني خروج آخر رجالات الدولة من أصحاب الخبرات والكفاءة خروجا قسريا، ليبقى في القطاع العام من هم أقل منهم كفاءة ودراية بأمور الإدارة المحلية وتفصيلاتها المعقدة.
محصلة عمليات الإصلاح المشوه للقطاع العام أدت للأسف إلى تفريغ الدولة من القيادات وأصحاب الفاعلية الإدارية، وباتت غالبية الوزارات والمؤسسات الرسمية بلا صف ثان من رجالات الدولة مع كُل اسف، الأمر الذي يحتاج اليوم إلى وقفة حقيقية لكيفية ارجاع الألق والفاعلية للقطاع العام وليكون أكثر تشاركية ومساهمة في العملية التنموية وخدمة المجتمع.
سلامة الدرعاوي
تلقى مشروع إصلاح القطاع العام وتطويره خلال السنوات العشر الماضية ضربات موجعة أدت الى فقدانه بريقه وفاعليته لدرجة انه بات عقبة أمام أي إصلاح اقتصادي في الدولة، وبدلاً من ان يكون مسانداً للتحديث والتنمية، بات مع كُل آسف حجر عثرة أمام أي مشروع نهضوي.
كُل مشاريع الإصلاح الإداري في الدولة منذ ما يقارب العقدين كانت تأتي بنتائج عكسية على غير المعلن عنها.
فالحديث عن تهذيب القطاع العام وترشيقه ليكون أكثر فاعلية ظل شعارات لا أكثر وجزءاً رئيساً من خطاب الحكومات الإعلامي لا أكثر، فالواقع كان مريرا والنتائج مخيبة للكل، فالقوى المتنفذة والضاغطة في المجتمع استطاعت ان تتسلل بأدواتها المختلفة الى جسم الدولة الإداري من خلال التعيينات العشوائية التي تجاوزت معايير الكفاءة والمهنية، معتمدة على الواسطة والمحسوبية بتعيين آلاف الموظفين المتسللين والذين بحكم أنظمة ديوان الخدمة المدنية باتوا اليوم هم قادة مفاصل إدارة القطاع العام والمتحكمين في كيفية تسيير الأمور خاصة مع القطاع الخاص، الجهاز الإداري المدني للدولة بأعداده الراهنة والتي تناهز الـ135 ألف موظف لا تزيد احتياجاته عن نصف هذا الرقم بأفضل الحالات من حيث الاحتياجات الفعلية له لتسيير مهامه المختلفة المناطة به، واصبح بهذا العدد الضخم عنصراً مثبطا للتنمية أكثر من ان يكون فاعلا كما كان في السابق، حيث كانت الإدارة المحلية عنصرا تنافسيا هائلا للمملكة تتسابق عليه الدول المختلفة للاستفادة من تجاربه وخبراته.
وعندما أرادت الدولة ان تعالج هذا التشوه لجأت الحكومات في العام 2011 إلى خطة إعادة هيكلة القطاع العام، وكانت فعلًا هيكلة لكن من نوع آخر، أدت إلى تهجير الكفاءات وأصحاب الخبرات خاصة من اصحاب العقود، بعد ان أرادت مساواتهم ماليا بباقي الموظفين الذين رفعت رواتبهم مقابل خسارتها لأصحاب العقود الكبيرة المرصودة تحديداً من المنح الخارجية تحت حجة المساواة في الرواتب، ولم يبق في جهاز الدولة الإداري سوى الغالبية العظمى من المعينين بالواسطات أو من تساقطوا بالبراشوت على القطاع العام.
الخطورة في هذه الخطة هو بعدها المالي الكبير الذي يشكل في رأسي أكبر قضية فساد مالي في تاريخ الدولة الأردنية لكن للأسف لا أحد يريد التحدث عنه او حتى مساءلة من ارتكب هذه القضية التي أثرت مالياً على الخزينة، حيث قدرت كلفة خطة إعادة الهيكلة في الموازنة في ذلك الوقت بـ82 مليون دينار، لكن فعليا تجاوز المبلغ أكثر من نصف مليار دينار، مما ألحق أكبر ضربة موجعة للعجز المالي في الخزينة العامة.
قبل عامين لجأت الحكومة إلى مواصلة الإصلاح الإداري لكن بأسلوب جديد شكل الضربة القاضية لأي رؤية إصلاحية للقطاع العام، حيث أصدرت الحكومة قبل أكثر من عامين تعميما يقضي بإنهاء خدمات كُل من بلغت خدمته 30 عاما في الدولة، وهو ما يعني خروج آخر رجالات الدولة من أصحاب الخبرات والكفاءة خروجا قسريا، ليبقى في القطاع العام من هم أقل منهم كفاءة ودراية بأمور الإدارة المحلية وتفصيلاتها المعقدة.
محصلة عمليات الإصلاح المشوه للقطاع العام أدت للأسف إلى تفريغ الدولة من القيادات وأصحاب الفاعلية الإدارية، وباتت غالبية الوزارات والمؤسسات الرسمية بلا صف ثان من رجالات الدولة مع كُل اسف، الأمر الذي يحتاج اليوم إلى وقفة حقيقية لكيفية ارجاع الألق والفاعلية للقطاع العام وليكون أكثر تشاركية ومساهمة في العملية التنموية وخدمة المجتمع.
التعليقات