"المخدرات" أنواعها وأضرارها وأسباب انتشارها
الثقة نيوز - الثقة نيوز - تباعاً لسلسلة الحلقات التي خصصها موقع "الثقة نيوز" للحديث عن آفة المخدرات وبالتعاون مع هيئة مكافحة المخدرات نستعرض لكم في هذا التقرير أنواع المخدرات وأضرارها وأسباب انتشارها:
*تعريف المخدرات
تعرف المخدرات على أنها أي مادة أو سلوك يعتاد عليه الشخص بشكل يمثل اعتماد جسدي أو نفسي عليها وأي ابتعاد عنها وعن التعامل معها يسبب ألما نفسيا أو جسديا كبيرا للشخص المتناول والمتعامل مع تلك المادة أو ذلك السلوك.
وتعد كلمة مخدر في اللغة من لفظ خدر أي ستر وسميت بذلك لأنها تستر الجسد والعقل والإحساس عن الاتصال السليم والطبيعي بالمحيط الاجتماعي والإنساني.
ومما سبق نستطيع أن نقول أن تعريف المخدرات العام يتلخص فيما يلي:
المخدرات: هي كل مادة مصدرها الطبيعة أو كل تركيبة كيميائية أو أي سلوك يومي يؤدى إلى حالة مثبطة أو منشطة للجسد أو العقل ويعد الإقلاع عنها أو الإقلال من جرعتها مصدر ألم وعدم إحساس بالراحة لدى الشخص مما يؤدى إلى حالة من التعود والإدمان تجعل استغناء الشخص المدمن عنها أمرا شبه مستحيل.
ولكي نستكمل مفهوم تعريف المخدرات بشكل تفصيلي ودقيق لابد أن نتعرف على مصطلح هام .. ما الذي يمكن أن نطلق عليه لفظ مادة مخدرة وحقيقة الأمر هنا سنتطرق إلى سلوكيات ومواد تمثل بشكل واضح حالة المخدر والإدمان الفعلي وتتلخص فيما يلي:
أولا: المواد المحظورة سواء كانت مصدرها الطبيعة أو التركيب الكيميائي في المعامل وهي كل مادة تؤثر على الجهاز العصبي المركزي للإنسان محدثة تغيرات في عواطفه وسلوكه ورادات فعله.
ثانيا: العقاقير المؤثرة في سلوك وتصرفات الإنسان والتي يؤدى الإفراط في استخدامها إلى الإدمان عليها إذا ما أخذت خارج الأشراف الطبي.
ثالثا: الاعتماد النفسي:
إن أي سلوك يعتاد الإنسان عليه ويشعر بالسعادة عند القيام به والرغبة الملحة في تكراره والابتعاد عنه يسبب ضيق في النفس وعدم القدرة على الاستمرار الطبيعي في الحياة يعد إدمان حقيقي ويدخل في إطار تعريف المخدرات.
رابعا: المواد المنشطة:
هي المواد التي تزيد من نشاط الجسد عن حدوده الطبيعية وأى امتناع عنها أو تقليل من جرعتها تؤدى إلى حالات سلوكية مدمرة للفرد ولمن حوله كالهياج أو العنف أو التشكك فيمن حولك.
*أنواع المخدرات :
المجموعة الأولى :
وتضم مجموعة العقاقير التي تبطئ نشاط الجهاز العصبي المركزي للإنسان ، وقد تكون مواد طبيعية أو صناعية ، كما تفيد في العلاج لاستخدامها في تخفيف الآلام وتسمى مسكنات وقد تصل إلى درجة النوم وهي المنومات ، وكذلك تستخدم في تهدئة الهيجان العصبي أو علاج الاضطرابات العصبية وتخفيف حالة القلق وتسمى بالمهدئات ، أي أن هذه العقاقير تؤثر على الجهاز العصبي وتؤدي إلى تسكينه وإزالة الآلام التي يشعر بها .
وتضم المجموعة الأولى (العقاقير المهبطة ) ما يلي :
1. مادة الأفيون ومشتقاته :
" يشتق الأفيون من خشخاش الأفيون ، وتطلق صفة مشتقات الأفيون على هذه المادة ومشتقاتها –المورفين والهيروين والكودائين – كما تطلق على بعض العقاقير المختلفة مثل الميثادون والبيثيدين ذات التأثير المماثل ، وهي تسكّن الألم وتقلّل الضيق وتبعث الإحساس بالغبطة والسعادة الزائفتين نتيجة الفقدان الجزئي للوعي والإدراك كونها مواد مثبطة للجهاز العصبي المركزي " .
2. المخدرات التخليقيّة ذات التأثير المورفيني :
عقاقير لها تأثير مماثل لمادة المورفين والتي هي إحدى مشتقات الأفيون، ومن هذه المواد مادة الميثادون ومادة البيثيدين ومادة النورميثادون . ومن الجدير ذكره هنا أن أهمية مادة المورفين تكمن في كونها المادة الأولية لمادة الهيروين .
المجموعة الثانية :
وتشمل العقاقير التي تؤثر على الجهاز العصبي للإنسان بإثارته وتنبيهه ، والاستعمال الطبي لها يتحدد في مجال تقوية التركيز والنشاط العقلي وتشمل هذه المجموعة المواد التالية :
1. مادة الكوكائين :
وتستخرج هذه المادة من أوراق شجرة الكوكا وتحتاج هذه الشجرة إلى مناخ مناسب لتنمو وهي مادة قلوية بلورية بيضاء ، وقد كانت النساء تتعاطى هذه المادة لتخفيف حدة الألم أو الجوع أو التعب في العصور السابقة.
2. الامفيتامينات :
وهي مواد مخدرة منبهة للجهاز العصبي ، وتكون غالباً على شكل مسحوق ابيض ، ويؤدي تعاطيها إلى اكتئاب نفسي وتلف في الدماغ ، وأكثر هذه المواد استعمالاً : الكسامفيتامين ، الميثامفتامين.
المجموعة الثالثة :
وهي التي يطلق عليها اسم عقاقير الهلوسة ؛ والمقصود بها العقاقير التي تستخدم لإثارة الهلوسة والأوهام عند الشخص الذي يتعاطاها ، وبعض هذه العقاقير طبيعي وبعضها اصطناعي ، ولها تأثير كبير على النشاط العقلي للإنسان ، ومن أخطر المواد المسببة للهلوسة مادة (ل.س.د) والمعروفة باسم عقار الانهيار النفسي .
المجموعة الرابعة :
والتي تنفرد بها مادة القنب والمعروفة باسم الحشيش ، والقنب " عبارة عن نبتة ذات أغصان وأوراق عديدة ملتفة وتزرع في عدة بلدان مثل إيران ، الهند ، تركيا ، لبنان … ويسمى القنب بالماريجوانا " ويستخرج منها زيت الحشيش ولا يوجد لها أيّة استعمالات طبية ولكن يستفاد منها في بعض الصناعات ، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن باحثوا علم المخدرات اختلفوا حول تصنيف هذه المادة ، فمنهم من اعتبرها إحدى المواد المهلوسة وبالتالي ضمها إلى المجموعة الثالثة ، ومنهم من أفرد لها مجموعة مستقلة بالرغم من تشابه التأثير مع عقاقير المجموعة الثالثة ، إلا أن الإفراد جاء هنا بناءً على الفارق في كمية المادة التي تحدث الضرر فضلاً عن أنها المادة الوحيدة التي لا تجد أيّ من مركباتها يستخدم في أغراض علاجية .
*** إن المجموعات سابقة الذكر جاءت من خلال النظر إلى المخدرات من حيث تأثيرها على المتعاطي ، وهنالك تقسيم آخر للمواد المخدرة وذلك بالنظر إلى مصدرها ، حيث يمكن تقسيمها من حيث المصدر إلى :-
1. المخدرات الطبيعية :
ويمكننا القول هنا بأن المخدرات الطبيعية معظمها مشتقة من ثلاثة نباتات وهي : شجرة الخشخاش والتي تستخرج منها مادة الأفيون وشجرة الكوكا ونبتة القنب .
2. المخدرات الاصطناعية :
وهي التي يتم استخراجها من مواد طبيعية بعد القيام بعمليات معينة ومن أمثلتها المخدرات التخليقية ذات التأثير المورفيني مثل البيثيدين والميثادون وكذلك المهدئات والمنومات والمسكنات مثل مادة السيكونال ومادة الفاليوم .
3. المخدرات المستخرجة كيميائياً من مواد طبيعية :
وهي مجموعة المواد المخدرة التي يتم استخراجها من المواد الطبيعية مثل مادة المورفين المستخرجة من الأفيون ومادة الهيروين المستخرجة من المورفين ومادة الـ (ل.س.د) المستخرجة من الحامض الليزري الناتج من بذور الآرغوت الشليم .
*أسباب وعوامل انتشار المخدرات
1. ضعف الوازع الديني
2. أسباب اقتصادية
3. أسباب اجتماعية
4. تدني المستوى الصحي والتعامل مع الدواء
5. القرب من مناطق إنتاج المخدرات
6. الجهل بمضار المخدرات (ضعف التوعية والتثقيف)
7. رفاق السوء
8. السفر للخارج ( سواء للدراسة أم العمل )
9. غياب أدوار بعض المؤسسات
**** ولا تقتصر أسباب انتشار المخدرات على ما ورد ذكره بل إن هناك العديد من الأسباب ولكن تلك كانت أهم الأسباب على المستوى المحلي
*أضرار التعامل بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية
أولاً - من الناحية الصحية :
تختلف الأضرار الصحيّة التي تسببها كل المواد المخدرة تبعاً لاختلاف أنواعها ، الأمر الذي يتطلب إفراد هذه الأضرار بحسب نوع المادة المخدرة التي يتم تعاطيها وحجم الجرعات التي يتناولها المدمن وحالة الإدمان وذلك كما يلي :
1. أضرار تعاطي مادة الهيروين والمورفين المخدرتين:-
يؤدي تعاطي مادة الهيروين إلى ضعف عام في جسم المتعاطي نتيجة بذل الجهود والطاقات بدون داعي ، وكذلك تؤدي إلى ضعف المناعة عند الشخص المتعاطي والإصابة بالأمراض المعدية نتيجة لاشتراك المتعاطين في استخدام نفس الحقن أحياناً ، إضافة إلى هبوط التنفس الذي يؤدي إلى إحداث خلل في وظائف الدم والأنسجة ، ويتسبب كذلك بالإصابة بحالات من الغيبوبة والتشنجات والتهاب الرئتين وسرطان الكبد والتهاب الدماغ واضطراب النفس . كما يؤدي تعاطي المورفين إلى القيء والإسهال وإفراز العرق ، وكذلك فان له تأثير كبير على خلايا الدماغ والذي يتمثل في تلف تلك الخلايا ، وقد يؤدي تعاطيهما إلى الوفاة وذلك عندما يقوم الشخص المدمن بتعاطي جرعة زائدة منها .
ويتضح هنا - ومن خلال تأثير هاتين المادتين على الإدراك والوعي للمدمن - أنه لا يستطيع التركيز في الأعمال التي يقوم بها ، ليس هذا وحسب بل وسيصل به الحال إلى عدم التفريق بين الأعمال المشروعة والأعمال غير المشروعة وذلك لتأثير تلك المواد على الدماغ وتعطيل العقل .
وكذلك فان الهيروين يسبب البطء في التنفس مما يؤدي إلى ازدياد الحاجة إلى الأكسجين لتنقية الدم وهذا يسبب خللا" في وظائف الدم والأنسجة. ويعتبر الهيروين من اشد العقاقير التي تؤدي إلى الإدمان الجسدي والنفسي
2. أضرار تعاطي مادة الحشيش " القنب " :-
تعتبر مادة القنب الهندي هي مادة الشيوع في غالبية الدول المستهلكة للمخدرات، أي أنها المادة الأولى التي ينحرف الشباب من خلالها ، سيما وأن غالبية من يتعاطاها لا يعتقد بأن أضرارها تتجاوز أضرار الدخان والسجائر العاديّة ( وهذا يؤكد ما سبق الإشارة إليه في معرض الحديث حول أسباب انتشار المخدرات وبالتحديد الجهل بأضرارها ) .
وعلى العكس من ذلك فإن تعاطي مادة الحشيش يؤدي إلى الإصابة بالكثير من الأمراض الجسدية والنفسية ، فنلاحظ أن المدمن على هذه المادة يصاب بالقيء والغثيان وزيادة نبضات القلب ويؤدي كذلك إلى الأصابة بالتهاب الجهاز التنفسي والذي قد يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة ، كما يصاب المتعاطي لمادة الحشيش بانفصام الشخصية وذلك بعد فترة زمنية من التعاطي ، وكذلك قلة التركيز وعدم السيطرة على النواحي الفكرية والعقلية ، هذا بالإضافة إلى اختلال الذاكرة والهلوسة والتوتر العصبي والاكتئاب.
وبذلك نستطيع أن ندرك أن الشخص المتعاطي لمادة الحشيش المخدر لا يمكنه السيطرة على تصرفاته لعدم قدرته على التركيز ولعدم إدراكه لكنه تصرفاته ، وحتماً سيقوده إلى القيام بكثير من الأعمال غير الطبيعية والملفتة للانتباه ، ويؤدي الحشيش إلى حالة الاعتماد النفسي فقط .
3. أضرار تعاطي مادة الكوكائين :
يستخرج الكوكائين من شجرة الكوكا ، وهو عبارة عن مادة قلويّة بلورية بيضاء ، ويؤدّي تعاطي الكوكائين إلى فقدان الشهية للطعام وكذلك ضعف في القوى العقلية وفي الرغبة الجنسية ، هذا بالإضافة إلى التشنجات والاضطرابات السمعية والبصرية والحسية ، فضلاً اتساع حدقة العين والإصابة بالكآبة الشديدة ، كما يؤدي إلى التشنجات العصبية الناتجة عن ازدياد نشاط الجهاز العصبي وهبوط في التنفس ، وقد يقود ذلك إلى الوفاة أحياناً سيما إذا ما أصيب بتقلصات شديدة في الشرايين . وأخيراً فإن تعاطي مادة الكوكائين يؤدي إلى الاعتماد النفسي فقط .
4.أضرار تعاطي الامفيتامينات :
إن الامفيتامينات عبارة عن مواد منشطة للجهاز العصبي المركزي ، وتكون على شكل مسحوق ابيض تصنع منه أقراص مخدرة ، وتعاطي مثل هذه المواد يؤدي إلى فقدان الشهية وتوسع حدقة العين وقلق مستمر وتشنجات مختلفة ، وكذلك قيام الشخص المدمن عليها بتصرفات وسلوكيات عدوانية ، وإن الاستمرار في تعاطيها يؤدي إلى حدوث اكتئاب نفسي وتلف في الدماغ ، ويؤدي تعاطيها إلى حدوث الاعتماد النفسي فقط .
5. أضرار تعاطي المهدئات والمنومات :
أن تعاطي مثل هذه المواد يؤدي إلى فقدان الشخص للاتزان الجسدي والنفسي وفقدان الوعي ، وبالتالي فإن تصرفاته ستكون غير طبيعية ، وكذلك يؤدي إلى الإغماء والتشنج والأرق والصداع ، وهذه المواد تؤدي إلى حدوث الاعتماد الجسدي ، ومما لا شك فيه أن هنالك كثير من الأفعال غير المشروعة - والتي يمكننا وصفها بالجرائم المتنوعة- تكون مثل هذه المواد سبباً في ارتكابها ، وتزداد خطورة هذه المواد بحيث تصل إلى الوفاة في حالة التسمم التي قد تلحق بالمتعاطي.
ثانياً : من الناحية الاجتماعية .
لا شك إن الإدمان على تعاطي المخدرات يخلق من المدمن شخصاً منبوذاً في نظر المجتمع ، مخالفاً للقوانين والأعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد ، وأول ما تظهر الأضرار الاجتماعية على المدمن نفسه حيث تجده منطوياً على نفسه مهملاً لواجباته الاجتماعية ، ويصبح لا مبالياً لكل ما قد يحدث ، بالإضافة لابتعاده عن رفاقه وأصدقائه عدا رفاق السوء الذين اقتادوه إلى ذلك المصير .
ولا يتوقف الأمر عند حد المدمن فحسب ، بل تمتد تلك الأضرار لتصيب كافة أفراد أسرته فيؤدي ذلك إلى هدم بناء الأسرة وبالتالي نبذ المجتمع للأسرة بأكملها ، فضلاً عما قد يسببه ذلك من هدم الترابط والتكافل الاجتماعي وقتل روح العمل الإنساني ، وكل ذلك لا شك سيقود إلى انحراف بعض أفراد تلك الأسرة على الأقل سيما لو كان رب الأسرة هو نفسه المتعاطي ، الأمر الذي يؤدي إلى ارتكاب الجرائم كالسرقة والاحتيال والدعارة والشذوذ الجنسي والاعتداء على الأعراض والخيانة ، تبعاً للظروف الخلقية والعقلية والدينية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية السيئة التي باتت تعيشها تلك الأسرة .
ثالثاً : من الناحية الاقتصادية .
كلنا يدرك حقيقة أن المجتمع يزدهر وينمو بالجهود المبذولة من قبل أبنائه ، وبالتالي إذا أصيب الفرد بعقله وصحته ونفسيته فأنه لن يستطيع تقديم شيء لامته ، ولهذا فإن الأضرار الاقتصادية ناتجة عن عدم قيام أبناء الأمّة بتقديم الخدمات لمجتمعهم ، وعدم إسهامهم بأي ناحية من نواحي النمو والتطور ، تبعاً لتوقف قدراتهم الإنتاجيّة ، وهدر طاقاتهم كنتيجة حتميّة لتأثير المخدر على أجسامهم وعقولهم وأعصابهم ، الأمر الذي غالباً ما يؤدي إلى فصل المتعاطين من وظائفهم على اختلافها ، فيفقد أعداد كبيرة من المتعاطين أعمالهم ويعيشون عالة على الآخرين ، وتزداد نسبة البطالة وارتكاب الجرائم التي يبحثون من خلالها عن تأمين ثمن الجرعات
ولا يتوقف حد الأضرار الاقتصادية على المدمن نفسه وأفراد أسرته ، بل يتعدى ذلك إلى الإضرار بالنمو الاقتصادي الوطني ، حيث أن إنفاق الأموال على شراء المخدرات يعتبر هدراً للأموال ويقلل من فرص القيام بالمشاريع المختلفة ، وكذلك سيؤدي إلى استنزاف للعملة الصعبة ، وخروجها خارج البلاد ، فضلاً عن المبالغ التي تنفقها الدولة لأغراض الوقاية والمكافحة والعلاج ، والتي قد تصل أحياناً إلى 3-5 % من الميزانيّة الكليّة لبعض الدول ، ومثل تلك الأموال لو قدر لها أن تستغل في مشاريع تنمويّة لساهمت بلا شك في نمو وازدهار تلك الدول بمختلف المجالات .
رابعاً : من الناحية الأمنية .
لقد بات ثابتاً إن تعاطي المخدرات يهيّئ الفرص لارتكاب العديد من الجرائم ، فقد ذكرنا سابقاً فإن المدمن عندما لا يستطيع الإنفاق على نفسه ، وعندما لا يستطيع تأمين الأموال لشراء المخدرات ، فإنه بلاشك سيقوم بارتكاب الجرائم للحصول على المال ، وإذا ما أضفنا الحقيقة الرقمية التي تمثل أعداد المتعاطين في أي بلد ، وأيقنا بأن ربع ذلك العدد فقط سيقترف جرائم مختلفة بهدف تحصيل ثمن الجرعات ، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى زعزعة الأمن الداخلي لذلك البلد . ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الأضرار الأمنية أول ما تلحق بالفرد نفسه ، حيث يعيش المدمنين في جو مليء بالخوف والقلق ، خوفاً من علم الجهات المسؤولة عن قيامه بتعاطي المخدرات وما سيلحق به من عقوبة ، وخوفاً من علم أسرهم ومجتمعاتهم الصغيرة بذلك ، فهم مدركون تماماً – في بداية فترات التعاطي على الأقل - انه إذا علمت عائلاتهم ومجتمعهم بأمر الإدمان على المخدرات ، فإن عقوبة ذاك ستكون اشد واكثر تأثيراً عليهم من علم رجال الأمن العام ، وهذا يسبب لهم خوفاً متكرراً يؤدي إلى الانطواء والانعزال عن باقي أفراد أسرهم ومجتمعهم .
وفي المقابل ؛ سيعيش أفراد أسرة المدمن بجو مليء بالرعب بسبب توقعهم قيامه بتصرفات غير طبيعية في أي وقت . ولذا يمكننا القول انه من الأضرار الأمنية التي تلحق بالمجتمع نتيجة انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع بها ، إثارة الرعب والفزع بين المواطنين بسبب الجرائم المختلفة التي يرتكبها المتعاطون خصوصاً في التجمعات والأحياء السكنية .
خامساً :من الناحية السياسية .
إن انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات داخل الدولة يؤدي إلى زعزعة تماسكها من الداخل وبالتالي يسهل اختراقها والنيل منها ، بالإضافة لعدم الاهتمام بالقيم الاجتماعية والنظر الدائم للمصلحة الفردية وإهمال المصلحة القومية ، ومن الجدير بالذكر أن الأشخاص المدمنون على تعاطي المخدرات سيقومون ببوح أية أسرار تخص الدولة في سبيل الحصول على المخدرات لعدم إدراكهم لكنه أفعالهم .
سادساً :من الناحية الدينية .
أن المدمن على تعاطي المخدرات سيفقد صلته بربه وبالتالي لن يقوم بأي واجب من الواجبات الدينية ، ويرجع ذلك إلى أسباب مختلفة جسدية ونفسية وعقلية ، ذلك أن تأثير المخدرات يشمل جميع أعضاء الجسم ، وبالتالي لن يقوى المدمن على القيام بالعبادات .مما يهيّئ الفرصة أمامه لارتكاب الرذائل نظراً للانحرافات السلوكية التي تحيط بأفعاله .
ملاحظة: تابعونا في حلقات قادمة التي ستصدر عن موقع الثقة نيوز وبالتعاون مع هيئة مكافحة المخدارت والتي سيتم عرضها عبر الموقع للحديث عن آفة المخدرات ومخاطرها والجرائم التي تنتج عنها وطرق مقاومتها وأثرها على المجتمع والاقتصاد الوطني والعديد من الأمور الأخرى.
لا لافة المخدرات
*تعريف المخدرات
تعرف المخدرات على أنها أي مادة أو سلوك يعتاد عليه الشخص بشكل يمثل اعتماد جسدي أو نفسي عليها وأي ابتعاد عنها وعن التعامل معها يسبب ألما نفسيا أو جسديا كبيرا للشخص المتناول والمتعامل مع تلك المادة أو ذلك السلوك.
وتعد كلمة مخدر في اللغة من لفظ خدر أي ستر وسميت بذلك لأنها تستر الجسد والعقل والإحساس عن الاتصال السليم والطبيعي بالمحيط الاجتماعي والإنساني.
ومما سبق نستطيع أن نقول أن تعريف المخدرات العام يتلخص فيما يلي:
المخدرات: هي كل مادة مصدرها الطبيعة أو كل تركيبة كيميائية أو أي سلوك يومي يؤدى إلى حالة مثبطة أو منشطة للجسد أو العقل ويعد الإقلاع عنها أو الإقلال من جرعتها مصدر ألم وعدم إحساس بالراحة لدى الشخص مما يؤدى إلى حالة من التعود والإدمان تجعل استغناء الشخص المدمن عنها أمرا شبه مستحيل.
ولكي نستكمل مفهوم تعريف المخدرات بشكل تفصيلي ودقيق لابد أن نتعرف على مصطلح هام .. ما الذي يمكن أن نطلق عليه لفظ مادة مخدرة وحقيقة الأمر هنا سنتطرق إلى سلوكيات ومواد تمثل بشكل واضح حالة المخدر والإدمان الفعلي وتتلخص فيما يلي:
أولا: المواد المحظورة سواء كانت مصدرها الطبيعة أو التركيب الكيميائي في المعامل وهي كل مادة تؤثر على الجهاز العصبي المركزي للإنسان محدثة تغيرات في عواطفه وسلوكه ورادات فعله.
ثانيا: العقاقير المؤثرة في سلوك وتصرفات الإنسان والتي يؤدى الإفراط في استخدامها إلى الإدمان عليها إذا ما أخذت خارج الأشراف الطبي.
ثالثا: الاعتماد النفسي:
إن أي سلوك يعتاد الإنسان عليه ويشعر بالسعادة عند القيام به والرغبة الملحة في تكراره والابتعاد عنه يسبب ضيق في النفس وعدم القدرة على الاستمرار الطبيعي في الحياة يعد إدمان حقيقي ويدخل في إطار تعريف المخدرات.
رابعا: المواد المنشطة:
هي المواد التي تزيد من نشاط الجسد عن حدوده الطبيعية وأى امتناع عنها أو تقليل من جرعتها تؤدى إلى حالات سلوكية مدمرة للفرد ولمن حوله كالهياج أو العنف أو التشكك فيمن حولك.
*أنواع المخدرات :
المجموعة الأولى :
وتضم مجموعة العقاقير التي تبطئ نشاط الجهاز العصبي المركزي للإنسان ، وقد تكون مواد طبيعية أو صناعية ، كما تفيد في العلاج لاستخدامها في تخفيف الآلام وتسمى مسكنات وقد تصل إلى درجة النوم وهي المنومات ، وكذلك تستخدم في تهدئة الهيجان العصبي أو علاج الاضطرابات العصبية وتخفيف حالة القلق وتسمى بالمهدئات ، أي أن هذه العقاقير تؤثر على الجهاز العصبي وتؤدي إلى تسكينه وإزالة الآلام التي يشعر بها .
وتضم المجموعة الأولى (العقاقير المهبطة ) ما يلي :
1. مادة الأفيون ومشتقاته :
" يشتق الأفيون من خشخاش الأفيون ، وتطلق صفة مشتقات الأفيون على هذه المادة ومشتقاتها –المورفين والهيروين والكودائين – كما تطلق على بعض العقاقير المختلفة مثل الميثادون والبيثيدين ذات التأثير المماثل ، وهي تسكّن الألم وتقلّل الضيق وتبعث الإحساس بالغبطة والسعادة الزائفتين نتيجة الفقدان الجزئي للوعي والإدراك كونها مواد مثبطة للجهاز العصبي المركزي " .
2. المخدرات التخليقيّة ذات التأثير المورفيني :
عقاقير لها تأثير مماثل لمادة المورفين والتي هي إحدى مشتقات الأفيون، ومن هذه المواد مادة الميثادون ومادة البيثيدين ومادة النورميثادون . ومن الجدير ذكره هنا أن أهمية مادة المورفين تكمن في كونها المادة الأولية لمادة الهيروين .
المجموعة الثانية :
وتشمل العقاقير التي تؤثر على الجهاز العصبي للإنسان بإثارته وتنبيهه ، والاستعمال الطبي لها يتحدد في مجال تقوية التركيز والنشاط العقلي وتشمل هذه المجموعة المواد التالية :
1. مادة الكوكائين :
وتستخرج هذه المادة من أوراق شجرة الكوكا وتحتاج هذه الشجرة إلى مناخ مناسب لتنمو وهي مادة قلوية بلورية بيضاء ، وقد كانت النساء تتعاطى هذه المادة لتخفيف حدة الألم أو الجوع أو التعب في العصور السابقة.
2. الامفيتامينات :
وهي مواد مخدرة منبهة للجهاز العصبي ، وتكون غالباً على شكل مسحوق ابيض ، ويؤدي تعاطيها إلى اكتئاب نفسي وتلف في الدماغ ، وأكثر هذه المواد استعمالاً : الكسامفيتامين ، الميثامفتامين.
المجموعة الثالثة :
وهي التي يطلق عليها اسم عقاقير الهلوسة ؛ والمقصود بها العقاقير التي تستخدم لإثارة الهلوسة والأوهام عند الشخص الذي يتعاطاها ، وبعض هذه العقاقير طبيعي وبعضها اصطناعي ، ولها تأثير كبير على النشاط العقلي للإنسان ، ومن أخطر المواد المسببة للهلوسة مادة (ل.س.د) والمعروفة باسم عقار الانهيار النفسي .
المجموعة الرابعة :
والتي تنفرد بها مادة القنب والمعروفة باسم الحشيش ، والقنب " عبارة عن نبتة ذات أغصان وأوراق عديدة ملتفة وتزرع في عدة بلدان مثل إيران ، الهند ، تركيا ، لبنان … ويسمى القنب بالماريجوانا " ويستخرج منها زيت الحشيش ولا يوجد لها أيّة استعمالات طبية ولكن يستفاد منها في بعض الصناعات ، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن باحثوا علم المخدرات اختلفوا حول تصنيف هذه المادة ، فمنهم من اعتبرها إحدى المواد المهلوسة وبالتالي ضمها إلى المجموعة الثالثة ، ومنهم من أفرد لها مجموعة مستقلة بالرغم من تشابه التأثير مع عقاقير المجموعة الثالثة ، إلا أن الإفراد جاء هنا بناءً على الفارق في كمية المادة التي تحدث الضرر فضلاً عن أنها المادة الوحيدة التي لا تجد أيّ من مركباتها يستخدم في أغراض علاجية .
*** إن المجموعات سابقة الذكر جاءت من خلال النظر إلى المخدرات من حيث تأثيرها على المتعاطي ، وهنالك تقسيم آخر للمواد المخدرة وذلك بالنظر إلى مصدرها ، حيث يمكن تقسيمها من حيث المصدر إلى :-
1. المخدرات الطبيعية :
ويمكننا القول هنا بأن المخدرات الطبيعية معظمها مشتقة من ثلاثة نباتات وهي : شجرة الخشخاش والتي تستخرج منها مادة الأفيون وشجرة الكوكا ونبتة القنب .
2. المخدرات الاصطناعية :
وهي التي يتم استخراجها من مواد طبيعية بعد القيام بعمليات معينة ومن أمثلتها المخدرات التخليقية ذات التأثير المورفيني مثل البيثيدين والميثادون وكذلك المهدئات والمنومات والمسكنات مثل مادة السيكونال ومادة الفاليوم .
3. المخدرات المستخرجة كيميائياً من مواد طبيعية :
وهي مجموعة المواد المخدرة التي يتم استخراجها من المواد الطبيعية مثل مادة المورفين المستخرجة من الأفيون ومادة الهيروين المستخرجة من المورفين ومادة الـ (ل.س.د) المستخرجة من الحامض الليزري الناتج من بذور الآرغوت الشليم .
*أسباب وعوامل انتشار المخدرات
1. ضعف الوازع الديني
2. أسباب اقتصادية
3. أسباب اجتماعية
4. تدني المستوى الصحي والتعامل مع الدواء
5. القرب من مناطق إنتاج المخدرات
6. الجهل بمضار المخدرات (ضعف التوعية والتثقيف)
7. رفاق السوء
8. السفر للخارج ( سواء للدراسة أم العمل )
9. غياب أدوار بعض المؤسسات
**** ولا تقتصر أسباب انتشار المخدرات على ما ورد ذكره بل إن هناك العديد من الأسباب ولكن تلك كانت أهم الأسباب على المستوى المحلي
*أضرار التعامل بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية
أولاً - من الناحية الصحية :
تختلف الأضرار الصحيّة التي تسببها كل المواد المخدرة تبعاً لاختلاف أنواعها ، الأمر الذي يتطلب إفراد هذه الأضرار بحسب نوع المادة المخدرة التي يتم تعاطيها وحجم الجرعات التي يتناولها المدمن وحالة الإدمان وذلك كما يلي :
1. أضرار تعاطي مادة الهيروين والمورفين المخدرتين:-
يؤدي تعاطي مادة الهيروين إلى ضعف عام في جسم المتعاطي نتيجة بذل الجهود والطاقات بدون داعي ، وكذلك تؤدي إلى ضعف المناعة عند الشخص المتعاطي والإصابة بالأمراض المعدية نتيجة لاشتراك المتعاطين في استخدام نفس الحقن أحياناً ، إضافة إلى هبوط التنفس الذي يؤدي إلى إحداث خلل في وظائف الدم والأنسجة ، ويتسبب كذلك بالإصابة بحالات من الغيبوبة والتشنجات والتهاب الرئتين وسرطان الكبد والتهاب الدماغ واضطراب النفس . كما يؤدي تعاطي المورفين إلى القيء والإسهال وإفراز العرق ، وكذلك فان له تأثير كبير على خلايا الدماغ والذي يتمثل في تلف تلك الخلايا ، وقد يؤدي تعاطيهما إلى الوفاة وذلك عندما يقوم الشخص المدمن بتعاطي جرعة زائدة منها .
ويتضح هنا - ومن خلال تأثير هاتين المادتين على الإدراك والوعي للمدمن - أنه لا يستطيع التركيز في الأعمال التي يقوم بها ، ليس هذا وحسب بل وسيصل به الحال إلى عدم التفريق بين الأعمال المشروعة والأعمال غير المشروعة وذلك لتأثير تلك المواد على الدماغ وتعطيل العقل .
وكذلك فان الهيروين يسبب البطء في التنفس مما يؤدي إلى ازدياد الحاجة إلى الأكسجين لتنقية الدم وهذا يسبب خللا" في وظائف الدم والأنسجة. ويعتبر الهيروين من اشد العقاقير التي تؤدي إلى الإدمان الجسدي والنفسي
2. أضرار تعاطي مادة الحشيش " القنب " :-
تعتبر مادة القنب الهندي هي مادة الشيوع في غالبية الدول المستهلكة للمخدرات، أي أنها المادة الأولى التي ينحرف الشباب من خلالها ، سيما وأن غالبية من يتعاطاها لا يعتقد بأن أضرارها تتجاوز أضرار الدخان والسجائر العاديّة ( وهذا يؤكد ما سبق الإشارة إليه في معرض الحديث حول أسباب انتشار المخدرات وبالتحديد الجهل بأضرارها ) .
وعلى العكس من ذلك فإن تعاطي مادة الحشيش يؤدي إلى الإصابة بالكثير من الأمراض الجسدية والنفسية ، فنلاحظ أن المدمن على هذه المادة يصاب بالقيء والغثيان وزيادة نبضات القلب ويؤدي كذلك إلى الأصابة بالتهاب الجهاز التنفسي والذي قد يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة ، كما يصاب المتعاطي لمادة الحشيش بانفصام الشخصية وذلك بعد فترة زمنية من التعاطي ، وكذلك قلة التركيز وعدم السيطرة على النواحي الفكرية والعقلية ، هذا بالإضافة إلى اختلال الذاكرة والهلوسة والتوتر العصبي والاكتئاب.
وبذلك نستطيع أن ندرك أن الشخص المتعاطي لمادة الحشيش المخدر لا يمكنه السيطرة على تصرفاته لعدم قدرته على التركيز ولعدم إدراكه لكنه تصرفاته ، وحتماً سيقوده إلى القيام بكثير من الأعمال غير الطبيعية والملفتة للانتباه ، ويؤدي الحشيش إلى حالة الاعتماد النفسي فقط .
3. أضرار تعاطي مادة الكوكائين :
يستخرج الكوكائين من شجرة الكوكا ، وهو عبارة عن مادة قلويّة بلورية بيضاء ، ويؤدّي تعاطي الكوكائين إلى فقدان الشهية للطعام وكذلك ضعف في القوى العقلية وفي الرغبة الجنسية ، هذا بالإضافة إلى التشنجات والاضطرابات السمعية والبصرية والحسية ، فضلاً اتساع حدقة العين والإصابة بالكآبة الشديدة ، كما يؤدي إلى التشنجات العصبية الناتجة عن ازدياد نشاط الجهاز العصبي وهبوط في التنفس ، وقد يقود ذلك إلى الوفاة أحياناً سيما إذا ما أصيب بتقلصات شديدة في الشرايين . وأخيراً فإن تعاطي مادة الكوكائين يؤدي إلى الاعتماد النفسي فقط .
4.أضرار تعاطي الامفيتامينات :
إن الامفيتامينات عبارة عن مواد منشطة للجهاز العصبي المركزي ، وتكون على شكل مسحوق ابيض تصنع منه أقراص مخدرة ، وتعاطي مثل هذه المواد يؤدي إلى فقدان الشهية وتوسع حدقة العين وقلق مستمر وتشنجات مختلفة ، وكذلك قيام الشخص المدمن عليها بتصرفات وسلوكيات عدوانية ، وإن الاستمرار في تعاطيها يؤدي إلى حدوث اكتئاب نفسي وتلف في الدماغ ، ويؤدي تعاطيها إلى حدوث الاعتماد النفسي فقط .
5. أضرار تعاطي المهدئات والمنومات :
أن تعاطي مثل هذه المواد يؤدي إلى فقدان الشخص للاتزان الجسدي والنفسي وفقدان الوعي ، وبالتالي فإن تصرفاته ستكون غير طبيعية ، وكذلك يؤدي إلى الإغماء والتشنج والأرق والصداع ، وهذه المواد تؤدي إلى حدوث الاعتماد الجسدي ، ومما لا شك فيه أن هنالك كثير من الأفعال غير المشروعة - والتي يمكننا وصفها بالجرائم المتنوعة- تكون مثل هذه المواد سبباً في ارتكابها ، وتزداد خطورة هذه المواد بحيث تصل إلى الوفاة في حالة التسمم التي قد تلحق بالمتعاطي.
ثانياً : من الناحية الاجتماعية .
لا شك إن الإدمان على تعاطي المخدرات يخلق من المدمن شخصاً منبوذاً في نظر المجتمع ، مخالفاً للقوانين والأعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد ، وأول ما تظهر الأضرار الاجتماعية على المدمن نفسه حيث تجده منطوياً على نفسه مهملاً لواجباته الاجتماعية ، ويصبح لا مبالياً لكل ما قد يحدث ، بالإضافة لابتعاده عن رفاقه وأصدقائه عدا رفاق السوء الذين اقتادوه إلى ذلك المصير .
ولا يتوقف الأمر عند حد المدمن فحسب ، بل تمتد تلك الأضرار لتصيب كافة أفراد أسرته فيؤدي ذلك إلى هدم بناء الأسرة وبالتالي نبذ المجتمع للأسرة بأكملها ، فضلاً عما قد يسببه ذلك من هدم الترابط والتكافل الاجتماعي وقتل روح العمل الإنساني ، وكل ذلك لا شك سيقود إلى انحراف بعض أفراد تلك الأسرة على الأقل سيما لو كان رب الأسرة هو نفسه المتعاطي ، الأمر الذي يؤدي إلى ارتكاب الجرائم كالسرقة والاحتيال والدعارة والشذوذ الجنسي والاعتداء على الأعراض والخيانة ، تبعاً للظروف الخلقية والعقلية والدينية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية السيئة التي باتت تعيشها تلك الأسرة .
ثالثاً : من الناحية الاقتصادية .
كلنا يدرك حقيقة أن المجتمع يزدهر وينمو بالجهود المبذولة من قبل أبنائه ، وبالتالي إذا أصيب الفرد بعقله وصحته ونفسيته فأنه لن يستطيع تقديم شيء لامته ، ولهذا فإن الأضرار الاقتصادية ناتجة عن عدم قيام أبناء الأمّة بتقديم الخدمات لمجتمعهم ، وعدم إسهامهم بأي ناحية من نواحي النمو والتطور ، تبعاً لتوقف قدراتهم الإنتاجيّة ، وهدر طاقاتهم كنتيجة حتميّة لتأثير المخدر على أجسامهم وعقولهم وأعصابهم ، الأمر الذي غالباً ما يؤدي إلى فصل المتعاطين من وظائفهم على اختلافها ، فيفقد أعداد كبيرة من المتعاطين أعمالهم ويعيشون عالة على الآخرين ، وتزداد نسبة البطالة وارتكاب الجرائم التي يبحثون من خلالها عن تأمين ثمن الجرعات
ولا يتوقف حد الأضرار الاقتصادية على المدمن نفسه وأفراد أسرته ، بل يتعدى ذلك إلى الإضرار بالنمو الاقتصادي الوطني ، حيث أن إنفاق الأموال على شراء المخدرات يعتبر هدراً للأموال ويقلل من فرص القيام بالمشاريع المختلفة ، وكذلك سيؤدي إلى استنزاف للعملة الصعبة ، وخروجها خارج البلاد ، فضلاً عن المبالغ التي تنفقها الدولة لأغراض الوقاية والمكافحة والعلاج ، والتي قد تصل أحياناً إلى 3-5 % من الميزانيّة الكليّة لبعض الدول ، ومثل تلك الأموال لو قدر لها أن تستغل في مشاريع تنمويّة لساهمت بلا شك في نمو وازدهار تلك الدول بمختلف المجالات .
رابعاً : من الناحية الأمنية .
لقد بات ثابتاً إن تعاطي المخدرات يهيّئ الفرص لارتكاب العديد من الجرائم ، فقد ذكرنا سابقاً فإن المدمن عندما لا يستطيع الإنفاق على نفسه ، وعندما لا يستطيع تأمين الأموال لشراء المخدرات ، فإنه بلاشك سيقوم بارتكاب الجرائم للحصول على المال ، وإذا ما أضفنا الحقيقة الرقمية التي تمثل أعداد المتعاطين في أي بلد ، وأيقنا بأن ربع ذلك العدد فقط سيقترف جرائم مختلفة بهدف تحصيل ثمن الجرعات ، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى زعزعة الأمن الداخلي لذلك البلد . ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الأضرار الأمنية أول ما تلحق بالفرد نفسه ، حيث يعيش المدمنين في جو مليء بالخوف والقلق ، خوفاً من علم الجهات المسؤولة عن قيامه بتعاطي المخدرات وما سيلحق به من عقوبة ، وخوفاً من علم أسرهم ومجتمعاتهم الصغيرة بذلك ، فهم مدركون تماماً – في بداية فترات التعاطي على الأقل - انه إذا علمت عائلاتهم ومجتمعهم بأمر الإدمان على المخدرات ، فإن عقوبة ذاك ستكون اشد واكثر تأثيراً عليهم من علم رجال الأمن العام ، وهذا يسبب لهم خوفاً متكرراً يؤدي إلى الانطواء والانعزال عن باقي أفراد أسرهم ومجتمعهم .
وفي المقابل ؛ سيعيش أفراد أسرة المدمن بجو مليء بالرعب بسبب توقعهم قيامه بتصرفات غير طبيعية في أي وقت . ولذا يمكننا القول انه من الأضرار الأمنية التي تلحق بالمجتمع نتيجة انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع بها ، إثارة الرعب والفزع بين المواطنين بسبب الجرائم المختلفة التي يرتكبها المتعاطون خصوصاً في التجمعات والأحياء السكنية .
خامساً :من الناحية السياسية .
إن انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات داخل الدولة يؤدي إلى زعزعة تماسكها من الداخل وبالتالي يسهل اختراقها والنيل منها ، بالإضافة لعدم الاهتمام بالقيم الاجتماعية والنظر الدائم للمصلحة الفردية وإهمال المصلحة القومية ، ومن الجدير بالذكر أن الأشخاص المدمنون على تعاطي المخدرات سيقومون ببوح أية أسرار تخص الدولة في سبيل الحصول على المخدرات لعدم إدراكهم لكنه أفعالهم .
سادساً :من الناحية الدينية .
أن المدمن على تعاطي المخدرات سيفقد صلته بربه وبالتالي لن يقوم بأي واجب من الواجبات الدينية ، ويرجع ذلك إلى أسباب مختلفة جسدية ونفسية وعقلية ، ذلك أن تأثير المخدرات يشمل جميع أعضاء الجسم ، وبالتالي لن يقوى المدمن على القيام بالعبادات .مما يهيّئ الفرصة أمامه لارتكاب الرذائل نظراً للانحرافات السلوكية التي تحيط بأفعاله .
ملاحظة: تابعونا في حلقات قادمة التي ستصدر عن موقع الثقة نيوز وبالتعاون مع هيئة مكافحة المخدارت والتي سيتم عرضها عبر الموقع للحديث عن آفة المخدرات ومخاطرها والجرائم التي تنتج عنها وطرق مقاومتها وأثرها على المجتمع والاقتصاد الوطني والعديد من الأمور الأخرى.
لا لافة المخدرات
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع