الأستاذ الدكتور حمدي قبيلات يكتب عدم مشروعية قرار مجلس النواب بتجميد عضوية النائب اسامة العجارمة
في ضوء القرار الصادر عن مجلس النواب في جلسة صباح اليوم الخميس 27/5/2021 بتجميد عضوية النائب أسامة العجارمة لمدة عام، بسبب تلفظه بعبارات قدّر المجلس ان تمس هيبته، نجد أن هذا القرار قد صدر وفقا للمادة (160) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013 وتعديلاته، والتي تنص على أنه " مع مراعاة أحكام المادة (90) من الدستور، يحق للمجلس تجميد عضوية كل من يسيء بالقول أو الفعل أو بحمل السلاح تحت القبة أو في أروقة المجلس بالمدة التي يراها مناسبة، وبالنظر إلى جسامة كل فعل على حدة بعد الاستئناس برأي اللجنة القانونية"، في حين تنص المادة (90) من الدستور المشار لها في النص اعلاه على أنه " لا يجوز فصل احد من عضوية اي من مجلسي الاعيان والنواب الا بقرار صادر من المجلس الذي هو منتسب اليه، ويشترط في غير حالتي عدم الجمع والسقوط المبينتين في هذا الدستور وبقانون الانتخاب ان يصدر قرار الفصل بأكثرية ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس واذا كان الفصل يتعلق بعضو من مجلس الاعيان فيرفع قرار المجلس الى الملك لإقراره" .
وبمواءمة النصين مع بعضهما نجد أن المادة (90) من الدستور لم تتطرق لتجميد العضوية، وانما تطرقت لفصل النائب، وهناك فرق كبير بين الفصل وتجميد العضوية، فالفصل ينهي الرابطة القانونية والتجميد يبقي عليها مع تعليق أثارها، وهنا يثور سؤال حول مدى جواز النص في النظام الداخلي لمجلس النواب على عقوبة تجميد العضوية؟، ونلاحظ أن الاجابة قد تكون بالنفي بدلالة المادة (83) من الدستور والتي نصت على أنه " يضع كل من المجلسين انظمة داخلية لضبط وتنظيم اجراءاته وتعرض هذه الانظمة على الملك للتصديق عليها"، فالأصل أن النظام الداخلي للمجلس يتضمن أحكاما اجرائية لا موضوعية، تتعلق بتنظيم عمل المجلس وجلساته وفقا لما جاء بالدستور من احكام موضوعية، ولا يملك النظام الداخلي الاضافة في هذا المجال، فتنظيم عضوية السلطات العامة ومنها مجلس النواب من اختصاص الدستور وليس النظام الداخلي. ولكن هذا يحتاج الى عرض على المحكمة الدستورية لتفسير نص المادة (90) والمادة (83) من الدستور لبيان وجهة نظرها في ذلك. ولكن هذا الطريق محصور بمجلس الاعيان ومجلس النواب ومجلس الوزراء فقط، وبالتالي لا يستطيع النائب نفسه او غيره من الاشخاص اللجوء الى طلب التفسير من المحكمة الدستورية. ولكن يثور سؤال أخر مهم وهو هل بالإمكان الطعن امام القضاء بقرار تجميد العضوية واثارة الدفع بعدم دستورية المادة (160) من النظام الداخلي لمجلس النواب؟ ، ومن وجهة نظرنا الاجابة نعم، ولكن ذلك يتطلب منا ابتداء أن نحدد الطبيعة القانونية لقرار تجميد العضوية. فمن المعلوم أن مجلس النواب لا يمارس فقط الوظيفة التشريعية اي اصدار التشريعات وفقا لأحكام الدستور، وما يصدر في هذه الحالة يكون على شكل قوانين بعد اكتمال المراحل الدستورية، ولكن يمارس المجلس والبرلمان عموما اعمالا اخرى لا تعد من قبيل التشريعات، يطلق عليها الاعمال البرلمانية، ويمكن تعريفها بانها " الاجراءات والقرارات من غير التشريعات التي تصدر عن اي من مجلسي البرلمان او لجانه او رئيسه وفقا للنظام الداخلي للمجلس سواء كانت فردية او تنظيمية او تفسيرية او تكميلية" ، وهذه الاعمال يحدد لها المشرع الدستوري عادة نظاما قانونيا خاصا، يمنع الرقابة القضائية عليها او ربما يجعلها من اختصاص القضاء الدستوري مثل المجلس الدستوري في فرنسا، ولكن السؤال هو حول طبيعتها القانونية على الصعيد المحلي وتحديدا القرار مدار البحث ، وهنا أجد أن بعض هذه الاعمال يندرج تحت وصف القرارات الادارية، والتي استقر الفقه والقضاء على تعريفها بأنها " افصاح الادارة عن ارادتها الملزمة بما له من سلطة بمقتضى القوانين والانظمة بهدف احداث أثر قانوني متى كان ذلك جائزا وممكنا من الناحية القانونية"، ومن هنا نجد أن قرار تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة ما هو إلا قرار اداري نهائي صادر عن مجلس النواب، وذلك وفقا للمعيار الموضوعي لتمييز القرارات الادارية، والذي أخذ به القضاء الاداري الاردني في عدد من الحالات، وهذا ما أخذ به القضاء الاداري المقارن ايضا، إذ الغت المحكمة الادارية العليا بمصر قرارا صادر عن مجلس الشعب بتشكيل لجنة لصياغة الدستور عام 2012 رغم ان تشكيل اللجنة تم بتصويت من اعضاء البرلمان . وعليه، نجد أن قرار تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة ما هو إلا هو قرار اداري نهائي يدخل ضمن اختصاصات المحكمة الادارية الاردنية وفقا للمادة (5/أ) من قانون القضاء الاداري الاردني رقم (27) لسنة 2024 والتي نصت على أنه " تختص المحكمة الإدارية، دون غيرها بالنظر في جميع الطعون المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية". وفي حال الطعن بهذا القرار امام المحكمة الادارية يمكن اثارة الدفع بعدم دستورية نص المادة (160) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013 وتعديلاته، وفقا للمادة (60/2) من الدستور والتي نصت على انه " في الدعوى المنظورة أمام المحاكم يجوز لأي من أطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جدي تحيله إلى المحكمة التي يحددها القانون لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية". وكذلك الحال سندا لأحكام المادة (11) من قانون المحكمة الدستورية رقم (15) لسنة 2012. وبالتوازي مع الدفع بعدم الدستورية وعلى ضوء نتيجة الدفع بعدم الدستورية، يمكن للنائب الطاعن النعي على قرار تجميد العضوية بعدم المشروعية امام المحكمة الادارية، واثارة مخالفة القرار للقانون والانحراف باستعمال السلطة، بالإضافة لأوجه الطعن الاخرى حسب مقتضى الحال. وعندها ستكون الكلمة الفصل للقضاء الاداري في مشروعية هذا القرار من عدمها، والتي لا نراها متحققة في الحالة الماثلة امامنا، مما يستوجب الغاء قرار تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة واعتباره كأن لم يكن .
وبمواءمة النصين مع بعضهما نجد أن المادة (90) من الدستور لم تتطرق لتجميد العضوية، وانما تطرقت لفصل النائب، وهناك فرق كبير بين الفصل وتجميد العضوية، فالفصل ينهي الرابطة القانونية والتجميد يبقي عليها مع تعليق أثارها، وهنا يثور سؤال حول مدى جواز النص في النظام الداخلي لمجلس النواب على عقوبة تجميد العضوية؟، ونلاحظ أن الاجابة قد تكون بالنفي بدلالة المادة (83) من الدستور والتي نصت على أنه " يضع كل من المجلسين انظمة داخلية لضبط وتنظيم اجراءاته وتعرض هذه الانظمة على الملك للتصديق عليها"، فالأصل أن النظام الداخلي للمجلس يتضمن أحكاما اجرائية لا موضوعية، تتعلق بتنظيم عمل المجلس وجلساته وفقا لما جاء بالدستور من احكام موضوعية، ولا يملك النظام الداخلي الاضافة في هذا المجال، فتنظيم عضوية السلطات العامة ومنها مجلس النواب من اختصاص الدستور وليس النظام الداخلي. ولكن هذا يحتاج الى عرض على المحكمة الدستورية لتفسير نص المادة (90) والمادة (83) من الدستور لبيان وجهة نظرها في ذلك. ولكن هذا الطريق محصور بمجلس الاعيان ومجلس النواب ومجلس الوزراء فقط، وبالتالي لا يستطيع النائب نفسه او غيره من الاشخاص اللجوء الى طلب التفسير من المحكمة الدستورية. ولكن يثور سؤال أخر مهم وهو هل بالإمكان الطعن امام القضاء بقرار تجميد العضوية واثارة الدفع بعدم دستورية المادة (160) من النظام الداخلي لمجلس النواب؟ ، ومن وجهة نظرنا الاجابة نعم، ولكن ذلك يتطلب منا ابتداء أن نحدد الطبيعة القانونية لقرار تجميد العضوية. فمن المعلوم أن مجلس النواب لا يمارس فقط الوظيفة التشريعية اي اصدار التشريعات وفقا لأحكام الدستور، وما يصدر في هذه الحالة يكون على شكل قوانين بعد اكتمال المراحل الدستورية، ولكن يمارس المجلس والبرلمان عموما اعمالا اخرى لا تعد من قبيل التشريعات، يطلق عليها الاعمال البرلمانية، ويمكن تعريفها بانها " الاجراءات والقرارات من غير التشريعات التي تصدر عن اي من مجلسي البرلمان او لجانه او رئيسه وفقا للنظام الداخلي للمجلس سواء كانت فردية او تنظيمية او تفسيرية او تكميلية" ، وهذه الاعمال يحدد لها المشرع الدستوري عادة نظاما قانونيا خاصا، يمنع الرقابة القضائية عليها او ربما يجعلها من اختصاص القضاء الدستوري مثل المجلس الدستوري في فرنسا، ولكن السؤال هو حول طبيعتها القانونية على الصعيد المحلي وتحديدا القرار مدار البحث ، وهنا أجد أن بعض هذه الاعمال يندرج تحت وصف القرارات الادارية، والتي استقر الفقه والقضاء على تعريفها بأنها " افصاح الادارة عن ارادتها الملزمة بما له من سلطة بمقتضى القوانين والانظمة بهدف احداث أثر قانوني متى كان ذلك جائزا وممكنا من الناحية القانونية"، ومن هنا نجد أن قرار تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة ما هو إلا قرار اداري نهائي صادر عن مجلس النواب، وذلك وفقا للمعيار الموضوعي لتمييز القرارات الادارية، والذي أخذ به القضاء الاداري الاردني في عدد من الحالات، وهذا ما أخذ به القضاء الاداري المقارن ايضا، إذ الغت المحكمة الادارية العليا بمصر قرارا صادر عن مجلس الشعب بتشكيل لجنة لصياغة الدستور عام 2012 رغم ان تشكيل اللجنة تم بتصويت من اعضاء البرلمان . وعليه، نجد أن قرار تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة ما هو إلا هو قرار اداري نهائي يدخل ضمن اختصاصات المحكمة الادارية الاردنية وفقا للمادة (5/أ) من قانون القضاء الاداري الاردني رقم (27) لسنة 2024 والتي نصت على أنه " تختص المحكمة الإدارية، دون غيرها بالنظر في جميع الطعون المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية". وفي حال الطعن بهذا القرار امام المحكمة الادارية يمكن اثارة الدفع بعدم دستورية نص المادة (160) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2013 وتعديلاته، وفقا للمادة (60/2) من الدستور والتي نصت على انه " في الدعوى المنظورة أمام المحاكم يجوز لأي من أطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جدي تحيله إلى المحكمة التي يحددها القانون لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية". وكذلك الحال سندا لأحكام المادة (11) من قانون المحكمة الدستورية رقم (15) لسنة 2012. وبالتوازي مع الدفع بعدم الدستورية وعلى ضوء نتيجة الدفع بعدم الدستورية، يمكن للنائب الطاعن النعي على قرار تجميد العضوية بعدم المشروعية امام المحكمة الادارية، واثارة مخالفة القرار للقانون والانحراف باستعمال السلطة، بالإضافة لأوجه الطعن الاخرى حسب مقتضى الحال. وعندها ستكون الكلمة الفصل للقضاء الاداري في مشروعية هذا القرار من عدمها، والتي لا نراها متحققة في الحالة الماثلة امامنا، مما يستوجب الغاء قرار تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة واعتباره كأن لم يكن .
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع