“فاعل خير” يكشف عجزنا
الثقة نيوز - حسين الرواشدة
صورة مجتمعنا التي رأيناها، هذا الأسبوع، في مرآة “فاعل خير”، كانت محزنة ومثيرة للتفكير والتأمل، ليس فقط لأن فعل الخير، مهما كان مصدره ودوافعه، أصبح مدعاة لانقسامنا بين مؤيد ورافض، ولا لأننا اكتشفنا أن المئات من أبنائنا الطلبة في جامعاتنا الرسمية محرومون من شهاداتهم لعدم قدرتهم على تسديد الرسوم.
هذا مؤسف، لكن الأسوأ أن كثيرين من المحسوبين على طبقة ” المال” والجاه السياسي والاجتماعي ما يزالون عاجزين عن فعل ما يترتب عليهم من واجبات، ومتفرغين لتسجيل المواقف وتوجيه الاتهامات والإدانات، تارة للحكومات والمؤسسات، وتارة لكل من يتحرك لخدمة الناس، سواء كان واضحا أو عليه علامة استفهام.
حالة العجز التي يعاني منها هؤلاء أفرزت من مجتمعنا سمات غريبة لم نألفها فيما مضى من عقود، ابتداء من الإحساس بالهشاشة والخوف المفرط من أي شيء، مرورا بتعليق أوجاعنا ومشاكلنا على مشاجب الآخرين، وانتهاء بالانكفاء على الذات المجروحة بالقهر، كما ولدت لدينا مهارات عالية الجودة(!) في الانتقام والتلاوم والمشاحنة، وجلد النفس وتصيد أخطاء الآخرين، والانقضاض على الفرائس السهلة، وتعمد التغطية على مصادر البلاء الحقيقية (وما أكثرها)، وكأننا نمارس ما يشبه “التقية” او النفاق أو الرؤية بعين واحدة.
أعرف تماما أن كثيرين سيوجهون أصابع الاتهام للحكومات والمؤسسات باعتبارها المسؤولة عن حالة المجتمع، وما طرأ عليه من رضوض وإصابات، هذا صحيح، لكن أليس من واجب المجتمع، بنخبه وقواه، بالأثرياء فيه والموسرين وحتى المستورين، أن ينهض للقيام بما عليه من دور؟
ألم يشهد تاريخنا نماذج مشرقة للمجتمعات التي تحركت لفعل الخير حين تراجعت الحكومات والسلطات، أو انشغلت عن القيام بواجبها؟ تجربة ” الوقف” وحدها تكفي شاهدا حيا ( أصبحت لدى غيرنا الآن للأسف) عما فعله رأس المال الوطني بكافة المجالات، حتى وصل لخدمة الحيوان وليس خدمة البشر فقط.
المجتمعات الحية لا تكتفي بالتمترس للدفاع عن ذاتها، ولا تمارس الندب والبكاء على الأطلال، وإنما تتحرك لخدمة نفسها بنفسها، في الجاهلية انتصر حلف الفضول لكرامة الانسان العربي، وخرج الصعاليك لإغاثة الفقراء من مال الأغنياء، لم يتحجج أحد آنذاك بأن أكابر البلد وكراسيها (!) تقاعسوا عن القيام بواجباتهم لكي يجلس على شرفة الشماتة، ويتلذذ بإدانة المتبرعين “الفاسدين”، أرأيتم كيف كان أجدادنا وكيف أصبحنا؟
كان يمكن ألا يصل مجتمعنا للاستغراق بمثل هذه الحالة الصعبة والبائسة لو تحركت دوائر الخير فينا، بعيدا عن التصنيف والمزاودة، لدينا مثلا عشرات الآلاف من المتعثرين والمتعثرات، وأضعافهم من الفقراء والمحتاجين، لدينا مشاريع زواج معطلة للآلاف من أبنائنا وبناتنا، لدينا مرضى لا يجدون مصاريف العلاج، وضحايا للمخدرات والبطالة من خيرة شبابنا.
وفي المقابل لدينا نحو 930 مليونيرا أردنيا تقدر ثرواتهم بـ20 مليار دولار، لم نسمع أصواتهم، ولا رنين “فرنك” من المليارات التي يمتلكونها.
امتحان الوطنية الحقة ليس بالشعارات التي ترفع، ولا الألقاب التي توزع، ولا الجغرافيا والديموغرافيا العمياء التي تتنكر لواجباتها، امتحانها والنجاح فيه مقياسه الحقيقي العطاء والبذل للصالح العام، بلا منة ولا أجندة، والانصهار بالمجتمع والاحساس بأوجاعه وخدمة الناس فيه.
هنا يستطيع رأس المال الوطني ان يمنع تسلل المعتاشين على تسكين أنين المجتمع واحتياجاته، بالقليل من المعونات، وأن يكبح جماح القادمين علي المراكب الأجنبية لشراء الذمم واستغلال العوز وتوطين الملفات المغشوشة، ملفات هؤلاء الذين نعرفهم ونغمض عيوننا عن مراكزهم ومؤسساتهم، فيما نجلس نتسلى بجلد من يسهل علينا وضع اقدامهم بـ”الفلكة”، ونشتمهم أيضا لكي ننام مرتاحي الضمير.
صورة مجتمعنا التي رأيناها، هذا الأسبوع، في مرآة “فاعل خير”، كانت محزنة ومثيرة للتفكير والتأمل، ليس فقط لأن فعل الخير، مهما كان مصدره ودوافعه، أصبح مدعاة لانقسامنا بين مؤيد ورافض، ولا لأننا اكتشفنا أن المئات من أبنائنا الطلبة في جامعاتنا الرسمية محرومون من شهاداتهم لعدم قدرتهم على تسديد الرسوم.
هذا مؤسف، لكن الأسوأ أن كثيرين من المحسوبين على طبقة ” المال” والجاه السياسي والاجتماعي ما يزالون عاجزين عن فعل ما يترتب عليهم من واجبات، ومتفرغين لتسجيل المواقف وتوجيه الاتهامات والإدانات، تارة للحكومات والمؤسسات، وتارة لكل من يتحرك لخدمة الناس، سواء كان واضحا أو عليه علامة استفهام.
حالة العجز التي يعاني منها هؤلاء أفرزت من مجتمعنا سمات غريبة لم نألفها فيما مضى من عقود، ابتداء من الإحساس بالهشاشة والخوف المفرط من أي شيء، مرورا بتعليق أوجاعنا ومشاكلنا على مشاجب الآخرين، وانتهاء بالانكفاء على الذات المجروحة بالقهر، كما ولدت لدينا مهارات عالية الجودة(!) في الانتقام والتلاوم والمشاحنة، وجلد النفس وتصيد أخطاء الآخرين، والانقضاض على الفرائس السهلة، وتعمد التغطية على مصادر البلاء الحقيقية (وما أكثرها)، وكأننا نمارس ما يشبه “التقية” او النفاق أو الرؤية بعين واحدة.
أعرف تماما أن كثيرين سيوجهون أصابع الاتهام للحكومات والمؤسسات باعتبارها المسؤولة عن حالة المجتمع، وما طرأ عليه من رضوض وإصابات، هذا صحيح، لكن أليس من واجب المجتمع، بنخبه وقواه، بالأثرياء فيه والموسرين وحتى المستورين، أن ينهض للقيام بما عليه من دور؟
ألم يشهد تاريخنا نماذج مشرقة للمجتمعات التي تحركت لفعل الخير حين تراجعت الحكومات والسلطات، أو انشغلت عن القيام بواجبها؟ تجربة ” الوقف” وحدها تكفي شاهدا حيا ( أصبحت لدى غيرنا الآن للأسف) عما فعله رأس المال الوطني بكافة المجالات، حتى وصل لخدمة الحيوان وليس خدمة البشر فقط.
المجتمعات الحية لا تكتفي بالتمترس للدفاع عن ذاتها، ولا تمارس الندب والبكاء على الأطلال، وإنما تتحرك لخدمة نفسها بنفسها، في الجاهلية انتصر حلف الفضول لكرامة الانسان العربي، وخرج الصعاليك لإغاثة الفقراء من مال الأغنياء، لم يتحجج أحد آنذاك بأن أكابر البلد وكراسيها (!) تقاعسوا عن القيام بواجباتهم لكي يجلس على شرفة الشماتة، ويتلذذ بإدانة المتبرعين “الفاسدين”، أرأيتم كيف كان أجدادنا وكيف أصبحنا؟
كان يمكن ألا يصل مجتمعنا للاستغراق بمثل هذه الحالة الصعبة والبائسة لو تحركت دوائر الخير فينا، بعيدا عن التصنيف والمزاودة، لدينا مثلا عشرات الآلاف من المتعثرين والمتعثرات، وأضعافهم من الفقراء والمحتاجين، لدينا مشاريع زواج معطلة للآلاف من أبنائنا وبناتنا، لدينا مرضى لا يجدون مصاريف العلاج، وضحايا للمخدرات والبطالة من خيرة شبابنا.
وفي المقابل لدينا نحو 930 مليونيرا أردنيا تقدر ثرواتهم بـ20 مليار دولار، لم نسمع أصواتهم، ولا رنين “فرنك” من المليارات التي يمتلكونها.
امتحان الوطنية الحقة ليس بالشعارات التي ترفع، ولا الألقاب التي توزع، ولا الجغرافيا والديموغرافيا العمياء التي تتنكر لواجباتها، امتحانها والنجاح فيه مقياسه الحقيقي العطاء والبذل للصالح العام، بلا منة ولا أجندة، والانصهار بالمجتمع والاحساس بأوجاعه وخدمة الناس فيه.
هنا يستطيع رأس المال الوطني ان يمنع تسلل المعتاشين على تسكين أنين المجتمع واحتياجاته، بالقليل من المعونات، وأن يكبح جماح القادمين علي المراكب الأجنبية لشراء الذمم واستغلال العوز وتوطين الملفات المغشوشة، ملفات هؤلاء الذين نعرفهم ونغمض عيوننا عن مراكزهم ومؤسساتهم، فيما نجلس نتسلى بجلد من يسهل علينا وضع اقدامهم بـ”الفلكة”، ونشتمهم أيضا لكي ننام مرتاحي الضمير.
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع