مؤسسة ولي العهد .. الحسين يتحرك أفقيا وعاموديا

17-11-2021 05:59 PM

الثقة نيوز - عادة ما تبدو نشاطات وتحركات ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، محط اهتمام وأنظار الأردنيين، الذين يسعدهم أن يرون في صورة سموه وأدائه، انعكاسا لمسيرة الآباء والأجداد من الهاشميين، بما يكرس متانة العلاقة بين مؤسسة الحكم والشعب من جهة، ويحول دون قدرة الحالمين باهتزاز تلك العلاقة أو تشوهها.

مسيرة بناء القائد

والحقيقة أن الأمير الحسين تحت المجهر، منذ توليه ولاية العهد في العام 2009، وهذا يحتم بلا شك، أن الخطأ غير مقبول وأن يكون كل ظهور له أيا كانت طبيعته، مدروسا بعناية وبأدق التفاصيل وفي كل الأبعاد والاتجاهات، ذلك أن “المنصب” ليس ترفا ويعني ما يعنيه للبلاد ومستقبلها وناسها وما هو أبعد من حدود المملكة أيضا، خصوصا أن سموه ما يزال في مقتبل العمر، وثمة مسيرة بناء لشخصية وفكر القائد عليه أن يشتبك معها دون توقف.

القفزة المحسوبة

المتابع لنشاط الأمير على مدى كل تلك السنوات، يلمس في الفترات الأخيرة ما يمكن تسميتها بـ”القفزة”، إذ إن التحركات صارت أوسع وفي أكثر من اتجاه وبعضها يحمل طابع السخونة، لا سيما ملف الاقتصاد والاستثمار، وهو ملف شائك وما يزال عصي على الحكومة وقنواتها، لذا يبدو أن سموه بدأ بالفعل بالعمل على رفع هذا الحمل الثقيل، لا سيما أن بقاءه في مكانه مثل جثة على الأرض، يعني مزيدا من تراجع الأوضاع الاقتصادية، وحتما المستوى المعيشي للأردنيين الذي بات أمرا مؤرقا أكثر من وقت مضى لمن يقرأه في سياق التأثير على المنظومة الرسمية بأكملها ومن ألفها إلى يائها.

مغامرة أم مواجهة؟

قد يحسب البعض انخراط الأمير في ملف معقد كـ”الاستثمار”، فيه شيء من المغامرة كان بالإمكان صرف النظر عنها، إلا أن ذلك من وجهة نظر أخرى، قد يكون “مواجهة في مكانها ووقتها المطلوبين”، مع الإشارة إلى أنه لا يستبعد أن يكون سبق الضلوع في الملف وجود ضمانات بإحراز تقدم نوعي ما.

ومما لا يمكن القفز عنه في قراءة تحركات ولي العهد، هو التحرك الاجتماعي والإنساني، حيث اشتد نشاط الأمير في البيئة المجتمعية بكل ما تشمله من حواضن، وبكل ما تعنيه من أبعاد في الأعراف الأردنية بصورة عامة، والعشائرية على وجه التحديد، فمثل هذا النوع من النشاطات وعلى امتداد العلاقة بين مؤسسة الحكم والشعب، بات نهجا راسخا ضمن ما تفرضه الأخلاقيات والضرورات معا، ويدفع في الوقت ذاته إلى ظهور الأمير بوصفه “ابن البيئة الأردنية البسيطة”، كما تجلى الأمر في أمر ترفيعه مؤخرا.

قبل أيام، كان إيقاع ظهور الحسين، أكثر نبضا في قلوب الأردنيين، وهم يشاهدون جلالة الملك يقلده رتبة الترفيع إلى رتبة متوسطة “نقيب” في القوات المسلحة الأردنية، فكان الحدث بأجوائه، حديث سعادة ومحبة بين المتابعين، بوصفه مشهد للعائلة الأردنية الواحدة (قيادة وشعبا)، وما تلا ذلك من مشاهد منها ظهور جلالة الملكة بمقطع فيديو تستقبل جلالة الملك وولي العهد بفرح الأم البسيطة حيال ترفيع ابنها، وكذلك قيام سموه بنشر صورة عبر “إنستغرام”، تضمنت تهنئة قائد الجيش له في رسالة تصل إلى جميع من تم ترفيعهم.

اشتباك من مسافة صفر

ولا يتسع المقام هنا، لحصر النشاطات ذات الطابع الاجتماعي والإنساني للأمير، إلا أن جميعها تعكس اهتمام سموه بنهج يوثق الصلة بالأردنيين في فرحهم وحزنهم ورضاهم وهمومهم، ومن “مسافة صفر” وليس من برج عاجي، وهذا يتجلى أيضا في اهتمام الحسين بقضايا الشباب في جميع محافظات المملكة، وتلمس احتياجاتهم والتحديات التي تواجههم، فضلا عن دعم المميزين في عالم الابتكار والريادة والأفكار الخلاقة.

حضور خارجي متأن

عربيا ودوليا، “يطبخ” الأمير دوره على نار هادئة، إذ يشهد صعوده في الملف الخارجي تقدما حذرا ومتأنيا، وهو الملف المحفوف بالعديد من المخاطر السياسية والدبلوماسية التي تحتاج إلى اتساع الخبرة أكثر فأكثر، وبالتالي اتساع الدور إلى ما هو أبعد.

وفي الحديث عن الدور الخارجي، يحضر هنا ما نشره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عبر صفحته في تويتر، في أعقاب لقائه ولي العهد مؤخرا، إذ كتب “سعدت بلقائي مع سمو الأمير الحسين بن عبد الله، ولي عهد المملكة الأردنية، والذي حل ضيفاً عزيزاً على مصر للمرة الأولى.. ولقد لمست من سمو الأمير روح الشباب الواعد والملم بالقضايا المعاصرة للأمة وسبل معالجتها”.

الحسين ليس ابنا بل قائد

يجتهد الحسين في تقديم مشروعه للناس، بتحركات متتالية، وهو المدرك أن بلده ما تزال الأزمات الداخلية والخارجية تعصف به، وثمة ملفات ثقيلة عابرة للعقود والأجيال، لا تبدأ بحالة الاقتصاد المستعصية ولا تنهي بإقليم ملتهب، طالما طالت نيرانه ودخانها، حواف حدوده وعبرتها أحيانا كثيرة. بالمحصلة، يمضي ولي العهد بما أثبته ويثبته من حكمة وكفاءة وعطاء، في دوره الوطني بحلو الظروف ومرها، مستفيدا في ذلك من رصيد محبة وقبول واسعين، وفي الحديقة الخلفية ثمة ملك وملكة يتابعان تفاصيل التفاصيل لأن الحسين ليس ابنا فحسب.. بل “قائد”.




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع