عمان مدينة مكتظة ولا بد من حلول!!
د. زيد نوايسة
الأزمات المرورية الدائمة في عمان مشكلة مستعصية على الحل، وهي في نمو متسارع يجعل من أي خطة للتعامل معها تفقد قيمتها؛ هناك تراكم مستمر بحيث يصعب تنفيذ أي خطة لعدم جدواها وقابليتها للتنفيذ باعتبار أن حجم امتلاك المركبات الخاصة يتضاعف والشوارع أخذت وضعها النهائي غير القابل للتوسع، والهجرة من الأطراف لعمان ترتفع بشكل كبير بحيث بات يسكن العاصمة ما يقارب الخمسة ملايين.
الأزمات ليست فقط على الشوارع الرئيسية والخارجية التي تربط عمان بالمحافظات؛ بل هي أزمة متكررة يوميا، خاصة في الفترتين الصباحية والمسائية وحتى في الشوارع الداخلية التي تحولت لكراج كبير للسيارات نتيجة سوء التخطيط العمراني ومنح التراخيص للعمارات السكنية دون وجود مساحات أمامية كبيرة أمامها كمواقف للمركبات.
بعض التقديرات تقول إن حجم الحركة في العاصمة عمان في بعض الأيام، خاصة بداية الأسبوع ونهايته، تتجاوز المليون مركبة، على ما يشكل هذا من اختناق مروري وتلوث بيئي وقبل كل ذلك الضغط النفسي الذي نلمسه جميعا يومياً.
بما أن طريقة التعاطي مع هذه المشكلة هي ذاتها فعلينا أن ننتظر مزيدا من الأزمات لأن كل تجارب النقل العام بما فيها المشروع «الحلم» الباص السريع لم يترك أثراً للآن حتى نكون واقعيين وصريحين.
العديد من خبراء التخطيط العمراني يتحدثون منذ زمن بعيد أن الخلل مرتبط أولاً بالتضخم السكاني في العاصمة، فلا يعقل أن يكون 40 % الى 50 % من التعداد السكاني يعيش في عمان على ما يشكل من استنزاف لقدرات أي مجلس خدمات كأمانة عمان لكي تتمكن من الاستجابة لاحتياجات أكثر من أربعة ملايين نسمة في الخدمات الأساسية، وهي النقل والنظافة وخدمات أخرى بالاشتراك مع الجهات الحكومية كالمياه التي نعتبر من أفقر عشر دول فيها.
أكثر من مرة سمعت من خبراء ومختصين في عمارة وتخطيط المدن تحذيراً من خطورة استمرار تكدس الوزارات والمؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص كالبنوك والشركات التجارية في العاصمة، بل نبهوا لخطورة تواجد المصانع والورش الصناعية في بعض أحياء العاصمة القديمة التي ما تزال المباني القديمة والساحات موجودة فيها ولم تحول لعمارات سكنية وأثر ذلك على غياب الوجه الجمالي للمدينة الذي تراجع كثيرا في السنوات العشر الأخيرة، وطبعا لن أتحدث عن غياب الحدائق التي من المفترض أن تكون مخصصة لكل حي إلا ما ندر جداً.
تبدو الخيارات قليلة ولكن أكثرها واقعية للتعامل مع هذا الاكتظاظ المتسارع يجب التفكير جدياً بمدينة إدارية واقتصادية يمكن وصفها بالمدينة الذكية، وأعتقد أن هناك جهات حكومية أو شبه حكومية لديها تصور كامل حول هذا الموضوع، وهناك جهات دولية من الممكن التواصل معها وتمويل هذا المشروع الذي يكون ملكا واستثمارا للدولة أو أذرعها الاستثمارية ومنها مؤسسة استثمار أموال الضمان الاجتماعي أو طرحه للاكتتاب العام والسماح للقطاع الخاص بالاستثمار فيه، وبما أن الأراضي الأميرية المملوكة للحكومة متوفرة ومن جميع الجهات المحيطة بعمان.
أخيرا؛ إن قبل منا معالي أمين عمان تقديم النصيحة له، من المناسب تشكيل مجلس استشاري في الأمانة، على أن يشكل من خبراء التخطيط العمراني والهندسي والطرق ومن أساتذة الهندسة في الجامعات الأردنية وهم مرجعيات علمية وازنة على المستويين العربي والإقليمي ونقابة المهندسين وعلى أن يكون من بينهم مختصون في الجوانب التراثية والجمالية، لعل في ذلك محاولة لاستعادة حضور عمان الجميلة البهية.
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع