تحذيرات من خصخصة القطاع الطبي العام

18-09-2021 10:47 PM

الثقة نيوز - الثقة نيوز - حذر أطباء وأخصائيون، من أن خصخصة مستشفيات القطاع العام، تنذر بخسائر كبيرة، سوف تؤدي إلى هجرة الكفاءات الطبية على أقل تقدير.

وبينوا في تصريحات خاصة لـ”الغد”، أن الخصخصة بمفهومها الحقيقي، نفذت في الكثير من دول العالم، وأدت إلى إضعاف القطاع العام، ممثلا بوزارة الصحة، واستفاد منها أصحاب رأس المال الخاص.

وفي هذا السياق، اعتبر وزير الصحة الأسبق، الدكتور زيد حمزة، أن خصخصة وزارة الصحة، بدأت منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وهي أهداف موضوعة في الكثير من دول العالم من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وأمثالهما.

وأشار حمزة إلى أن الخاسر الأكبر من الخصخصة هو المواطن بخاصة الفقير الذي لن يجد مكانا، يحصل فيه على العلاج عبر تأمين حكومي أو أسعار رمزية.

وأكد أن التوجه لخصخصة الصحة، يناقض مبادئ الرعاية الصحية التي أقرتها منظمة الصحة العالمية، مبينا أن الغلبة في الخصخصة هي للقطاع الخاص الذي يقلص دور الحكومات في مختلف دول العالم ليبقى العلاج بيده.

وأوضح وزير الصحة الأسبق، أن الوزارة، تنكر أي توجهات نحو خصخصتها، في الوقت الذي يشير في كل شيء إلى أن الخصخصة قادمة لا محالة، وهو أمر مطلوب في كل دول العالم، بخاصة وأن أصحاب رأس المال في العالم، لا يريدون صحة مجانية للجميع.

وبين حمزة، أن اقتصاد السوق، يقوم على القطاع الخاص وليس القطاع العام، وأن الدوافع تأتي من أجل خصخصة مختلف الخدمات التي تقدم للمواطن، ومنها التعليم.

ونوه إلى أن الاعتمادية الدولية التي تحصل عليها المستشفيات كما الجامعات، هي جزء من الخصخصة، وهذه الاعتمادية تشير إلى كفاءة المستشفيات والمراكز الصحية عبر شركة عالمية، لديها فروع في عدة دول تعمل على منح شهادات، هدفها التحكم بالمستشفيات.

بدوره، قال نقيب الأطباء الأسبق، الدكتور أحمد العرموطي، إن تقديم وتأمين العلاج مسؤولية الدولة، وهو حق من حقوق المواطن.

وأضاف العرموطي، أنه يشترط بالخدمة الصحية المقدمة، أن تكون بمستوى يليق بإنسانية الانسان، وان تكون ذات مستوى علمي، جيد وأن تكون المستشفيات مقدمة الخدمة، متطورة ونظيفة وفيها من الأسرّة ما يكفي لحاجة المرضى.

ولفت إلى أن القطاع العام الصحي في الاردن، كان متقدما ومتطورا في المنطقة العربية، لكنه ومنذ فترة تزيد على ربع قرن، بدأ الحديث عن خصخصة الوزارة، وعدم قدرتها على تقديم الخدمات المطلوبة منها، وفي الوقت نفسه، لم يجر تطويرها، ولا زيادة كوادرها، وليس هناك برامج للتعليم الطبي المستمر.

وأشار إلى أن الوزارة، ظلت بعيدة عن التحديث والتطوير، حتى ان قسطرة القلب لم تدخل إلى مستشفى البشير الا في العام الحالي، بينما يوجد لدى أصغر مستشفيات القطاع الخاص، وحدة للقسطرة القلبية منذ زمن.

ولفت العرموطي، إلى أن ذلك يؤكد أن هناك من يضع العقبات أمام تطوير القطاع العام، كما أن الكوادر الطبية المتخصصة في تناقص، ولا تفي بالغرض، وكذلك الكوادر التمريضية.

وأكد أنه لا يوجد برامج تعليمية نظرية وعملية لتدريب الأطباء الجدد، كما أن هناك غيابا للبروتوكولات العلاجية المعتمدة.

وقال العرموطي إن “مستشفى الأمير حمزة له نظامه الخاص، ووحدة معالجة السرطان يديرها مركز الحسين للسرطان، بينما يدير وحدة القسطرة أطباء من خارج كادر الوزارة”، متسائلا عن أسباب كل ذلك.

واعتبر نقيب الأطباء الأسبق، أنه إذا جرت خصخصة الوزارة، فعلى حقوق وصحة المواطن السلام، وسيصبح العلاج مثله مثل القطاع الخاص، مبينا أنه من يملك المال يحصل على العلاج، أما الفقراء والمعوزون، فسنجدهم يستجدون العلاج أمام المستشفيات، وقد يفقدون حياتهم لأنهم لم يجدوا سريرا.

فيما أكدت عضو مجلس النقابة الأسبق، اخصائية التخدير والعناية الحثيثة في مستشفى البشير، الدكتورة مها فاخوري، أن مشروع خصخصة الوزارة، قائم منذ بداية تسعينيات القرن الماضي مع سياسات الخصخصة التي كان من نتائجها خصخصة التعليم والصحة.

ولفتت فاخوري، إلى أن الخصخصة ليست بالمفهوم التقليدي الذي يرى المواطنون بانه يتبلور، عبر بيع مقدرات القطاع العام للقطاع الخاص، بل تم عن طريق تقويض مؤسسات القطاع العام، لحساب القطاع الخاص.

وأوضحت أن الخصخصة، حدثت بالجامعات المحلية، حيث انطلقت الجامعات الخاصة كالفطر، ما أضعف الجامعات الوطنية وتراجع ترتيبها في الترتيب العالمي للجامعات.

وأضافت “أصبح افتتاح المستشفيات والمراكز المتخصصة بدون اي ضوابط بحجة تشجيع الاستثمار والسياحه العلاجية”، مشيرة إلى أنه لم يكن هنالك أي اهتمام بأوضاع القطاع العام من حيث تطوير الكوادر البشرية، بل أصبح القطاع بيئة طاردة للكفاءات.

وأكدت فاخوري، أنه جرى استغلال المنح التي قدمت للقطاع الصحي في الاستثمار بالحجر، وإهمال الاستثمار في البشر، عبر رواتب متدنية لموظفي القطاع العام، وغياب البرامج التعليمية والتدريبية والتعليم الطبي المستمر، ما أدى إلى نشاط في هجرة كفاءات القطاع العام الى القطاع الخاص، والخليج وحتى اوروبا واميركا.

ونوهت إلى أن الوزارة بقيت تعاني من نقص هائل في اطباء الاختصاص، مبينة أنها “لجأت لبرنامج شراء الخدمات والذي للأسف، لم يسهم أبداً بتطوير الوزارة، بل أصبح برنامجا تنفيعيا، ووجها آخر لخصخصة القطاع العام”.

وشددت على ضرورة معرفة أن جمعية المستشفيات الخاصة، أصبحت أكثر تأثيراً من الوزارة التي غاب دورها الرقابي على القطاع الخاص تماماً، مضيفة أن كل ذلك “أدى إلى تدمير المهنة، وانعكس سلباً على الأمن الصحي للمواطن الذي أصبحت صحته سلعة يُتاجر بها”.

وأوضحت فاخوري أن الوزارة، تضم نحو 40 مستشفى على مستوى المملكة منها مستشفيا البشير والأمير حمزة، بنظامه الخاص فقط في عمان، بينما يضم القطاع الخاص 69 مستشفى معظمها في العاصمة.




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع