تقييد الحريات الاعلامية بالقانون
أنشئت هيئة الإعلام، لتنمية قطاع الإعلام والعمل على خلق مناخ استثماري سليم، وهذا ما يتعارض وما رفعته الهيئة من مقترحات للحكومة لاجراء تعديلات تتضمن رفع رسوم الترخيص للمواقع الإلكترونية، متجاهلة بذلك المرحلة الاقتصادية الحساسة التي نمر بها بسبب جائحة كورونا، ومساهمة هذه المواقع في توفير فرص عمل لعدد كبير من الشباب في ظل توسع ملحوظ لرقعة الفقر والبطالة.
ولم تأخذ بعين الاعتبار أن هذه المواقع كان لها على مدى السنوات الماضية ولازال دوراً مهماً تمارسه في نشر الوعي وتوجيه الرأي وعرض الخبر من زواياه المتعددة، وإسناد الإعلام الرسمي وتعويض قصوره في إيصال هم الناس والتفاعل مع قضاياهم ونشر الحقيقة كما هي، مما يوجب تعزيزها لا تقييدها.
فهذه المواقع تستحق منا كل رعاية واهتمام، لا أن نثقل عليها بالشروط، مما يتهددها بالبقاء والاستمرار، وينعكس سلبا على حرية الفضاء الالكتروني المحلي، ويتسبب باغلاق العديد من المواقع مما يقلص مصادر المعلومة المحلي ويعزز مصادرها الخارجية.
لطالما كان الإعلام الوطني والمسؤول معول بناء يساند ويساعد في نهضة وبناء الوطن، ولا يختلف اثنان على أن قوننته ومهننته يصب في الصالح العام ويتوافق ودولة القانون والمؤسسات، لكن هذه القوننة والمهننة يجب أن لا تخرج عن إطار
الالتزام بقيم المجتمع وثوابته، مع احترام وضمان حق التعددية والحيادية، وأن لاتتحول إلى جباية واثقال وعبء مالي واضح يفوق قدرة هذه المواقع ويتجاهل طبيعة الظرف الاقتصادي في ظل جائحة كونية.
لن نستطيع إكمال لوحتنا الوطنية بناءً ونهضة في دولة القانون والمؤسسات الا اذا احترمنا ودعمنا مؤسساتنا المهنية وعززنا الحريات المسؤولة، وحرية التعبير التي تلتزم بالموضوعية واخلاقيات المهنة، وقدمنا التسهيلات لها وكل ضمان لاستمرايتها في أداء رسالتها.
فلدينا إعلاما في القطاع الخاص نفخر به، ولدينا من الخبرات الاعلامية ما نفيض به فننفع محيطنا الاقليمي، فنجد اعلاميينا يبدعون ويتميزون ويشرقون باحترافية مهنية عبر وكالات الأنباء والنوافذ الاعلامية العربية والعالمية.
وفي زمن الالكترونيات وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، وطغيانها على الورقيات، وانتقالنا إلى مرحلة المواطن الاعلامي وتلفزيونك بجيبك، والخبر بين يديك فور حدوثه، أصبح للمواقع الإلكترونية أهمية كبيرة، بل أصبحت ضرورة وطنية ورقماً مهما في نقل الخبر وبيان الحقيقة مما يدعونا لدعم هذه المواقع لا تقييدها، وتطويرها لا التضييق عليها
فمقترح التعديل الذي تضمن رفع رسوم الترخيص بعشرة أضعاف مما هو عليه، مرفوض من حيث الشكل والمضمون مهما كانت مبرراته، في ظل هذا الظرف الصعب الذي نعيشه وتعاني منه كافة الاستثمارات والمؤسسات والذي أدى إلى تسريح موظفين وإغلاق مؤسسات وارتفاع واضح على الكلف التشغيلية مع تراجع في الايرادات.
وما له من إنعكاس سلبي على حرية التعبير، والتى يعتبر الاعلام أهم نوافذها، فالمطلوب من هيئة الإعلام في المقام الأول تعزيز المؤسسات الاعلامية ودعمها مادياً ومعنوياً، ورفع قيود الرقابة عنها، وتخفيض رسوم الترخيص واعفائها من الضرائب، وتمكينها من ممارسة عملها في الوصول للمعلومة وايصالها للناس دون قيود ولا شروط الا إطارنا الوطني للثوابت، حتى تتحقق المصلحة الوطنية المرجوة من المؤسسات الإعلامية، وتتحقق الغاية من انشاء هيئة مختصة بالاعلام.