هل ستتولى امرأة قيادة حزب إسلامي؟
محمد ابو رمان
قدّمت كل من الأكاديمية والناشطة التونسية، آمال القرامي، والقيادية الأردنية في جبهة العمل الإسلامي والنائب السابق، ديمة طهبوب، ورقتين مهمتين تشرّحان التجربتين، التونسية والأردنية، الإسلاميتين في تطورات الموقف تجاه قضايا المرأة في مؤتمر "الإسلام السياسي بعد عقد من الربيع العربي" (يعقده معهد السياسة والمجتمع بالتعاون مع مؤسسة فريدريش أيبرت الألمانية) تناولتا إشكاليات رئيسية؛ إذ تطرقت القرامي إلى أزمة الحقل البحثي المتعلق بالمرأة النهضوية (نسبة إلى حزب النهضة الإسلامي) وطرحت إشكاليات منهجية عديدة، منها ما أسمتها "تصميت المرأة الإسلامية" واتجاه أغلب الدراسات إلى التركيز على الذكور واستبعاد أو إقصاء النساء من دائرة البحث والدراسة، فضلاً عن التعامل مع "المرأة الإسلامية" (نسبة إلى الحركات الإسلامية) بوصفها كتلة واحدة صمّاء، أي عدم التمييز بين الاتجاهات والأفكار والمواقف المتنوعة والمتعددة في أوساط المرأة الإسلامية.
وقدّمت القرامي في ورقتها مقاربة مهمة للتحولات والتطورات، بل المفارقات، التي وقعت بعد الربيع العربي، بخاصة التطوّر الذي حدث لحزب النهضة في استدخال النساء بصورة واضحة في العملية الانتخابية، والموقف من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة.
وعلى الرغم من هذا التطور الملموس، إلا أنّ هنالك أسئلة وتساؤلات مهمة على صلة بالموضوع، فيما إذا كانت هذه التحولات، أولاً، تعكس تغيراً جوهرياً في الرؤية الفكرية - الأيديدولوجية تجاه المرأة أم موقفا براغماتيا متساوقا مع الضغوط والتساؤلات المحيطة بالحزب وبالحسابات الانتخابية.
ثم أشارت القرامي إلى ظاهرة القياديات النهضويات اللواتي مثّلن حالة احتجاج وخروج على التأطير والتنميط الذي وضعن فيه، وعملن على التحرّر في الآراء والمواقف بصورة أكثر وضوحاً، ما أدّى إلى انشقاق قياديات بارزات من الحزب.
على الطرف الآخر، تبدو مكتسبات المرأة في جبهة العمل الإسلامي في الأردن أكثر سلاسة ووضوحاً، من انتقال المرأة من أدوار ثانوية لا سياسية إلى الملعب السياسي من خلال المشاركة الفاعلة في الانتخابات، ثم التغييرات التنظيمية الملموسة في وضع المرأة داخل الحزب، في المكتب التنفيذي وفي مجلس الشورى. وإن كانت ورقة طهبوب تشير بوضوح إلى بقاء تيار فاعل يشكّك في أهمية الدور السياسي للمرأة في الحزب وحجمه، والتمسك بفتاوى فقهية ومواقف فكرية محافظة ومتحفظة تجاه هذا التوسّع العمودي في موضوع المرأة.
وفي الوقت نفسه، كان واضحاً أنّ هذا "التقدم النسوي" إن جاز التعبير، في البنية التنظيمية لم ينعكس بوضوح على المواقف الفكرية والسياسية للحزب.
ملاحظات مهمة أثارها الباحثون المشاركون في هذه الحلقة البحثية، تتمثل في ضعف المساهمة النسوية في المجال الفقهي والفكري، أي من منظور نسوي، فما يزال هذا الباب المرجعي مرتبطاً إلى درجة كبيرة جداً بالتنظير الذكوري، وإن كانت الممارسة الواقعية تلقي بظلالٍ على الجوانب الفقهية والفكرية وتحرّكها إلى الأمام لكن ببطء شديد.
الملاحظة الثانية المهمة تتمثل في "صراع الأجيال" في أوساط الحركات الإسلامية، فما كان في وقت سابق من المحظورات والأمور المحسومة بالنسبة للجيل القديم يعدّ بالنسبة لجيل الشابات والشباب في هذه الأحزاب أموراً بديهية وطبيعية، بمعنى أنّ المرونة الحالية في هذه القضايا ترتبط بالجيل الجديد وثقافته، وما فرضه من إيقاع جديد على هذه الأحزاب.
الملاحظة الثالثة تتمثل في الاشتباك مع أجندة الحركة النسوية عموماً، فإذا كانت طهبوب تصرّ على تمايز الرؤية والمرجعية بين تلك الحركة وحراك النساء الإسلاميات، فإنّ نشاط الجيل الجديد من النساء الإسلاميات وأفكاره أصبحا أكثر وضوحاً، ويسيران في سياق مضطرد نحو إثبات الهوية الجندرية في هذه الأحزاب، وعدم القبول بتسليم القيادة المطلقة للذكور، كما كانت عليه الحال سابقاً، عندما كان وجود المرأة بوصفها زوجة أو أختا أو داعما لنشاط الرجال، أو فاعلاً اجتماعياً دعوياً، لا قائداً سياسياً، كما تطمح نساء إسلاميات كثيرات اليوم، فلم تخفِ ديمة طهبوب رغبتها أن ترى امرأة قائداً أو أميناً عاماً لحزب جبهة العمل الإسلامي.
قدّمت كل من الأكاديمية والناشطة التونسية، آمال القرامي، والقيادية الأردنية في جبهة العمل الإسلامي والنائب السابق، ديمة طهبوب، ورقتين مهمتين تشرّحان التجربتين، التونسية والأردنية، الإسلاميتين في تطورات الموقف تجاه قضايا المرأة في مؤتمر "الإسلام السياسي بعد عقد من الربيع العربي" (يعقده معهد السياسة والمجتمع بالتعاون مع مؤسسة فريدريش أيبرت الألمانية) تناولتا إشكاليات رئيسية؛ إذ تطرقت القرامي إلى أزمة الحقل البحثي المتعلق بالمرأة النهضوية (نسبة إلى حزب النهضة الإسلامي) وطرحت إشكاليات منهجية عديدة، منها ما أسمتها "تصميت المرأة الإسلامية" واتجاه أغلب الدراسات إلى التركيز على الذكور واستبعاد أو إقصاء النساء من دائرة البحث والدراسة، فضلاً عن التعامل مع "المرأة الإسلامية" (نسبة إلى الحركات الإسلامية) بوصفها كتلة واحدة صمّاء، أي عدم التمييز بين الاتجاهات والأفكار والمواقف المتنوعة والمتعددة في أوساط المرأة الإسلامية.
وقدّمت القرامي في ورقتها مقاربة مهمة للتحولات والتطورات، بل المفارقات، التي وقعت بعد الربيع العربي، بخاصة التطوّر الذي حدث لحزب النهضة في استدخال النساء بصورة واضحة في العملية الانتخابية، والموقف من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة.
وعلى الرغم من هذا التطور الملموس، إلا أنّ هنالك أسئلة وتساؤلات مهمة على صلة بالموضوع، فيما إذا كانت هذه التحولات، أولاً، تعكس تغيراً جوهرياً في الرؤية الفكرية - الأيديدولوجية تجاه المرأة أم موقفا براغماتيا متساوقا مع الضغوط والتساؤلات المحيطة بالحزب وبالحسابات الانتخابية.
ثم أشارت القرامي إلى ظاهرة القياديات النهضويات اللواتي مثّلن حالة احتجاج وخروج على التأطير والتنميط الذي وضعن فيه، وعملن على التحرّر في الآراء والمواقف بصورة أكثر وضوحاً، ما أدّى إلى انشقاق قياديات بارزات من الحزب.
على الطرف الآخر، تبدو مكتسبات المرأة في جبهة العمل الإسلامي في الأردن أكثر سلاسة ووضوحاً، من انتقال المرأة من أدوار ثانوية لا سياسية إلى الملعب السياسي من خلال المشاركة الفاعلة في الانتخابات، ثم التغييرات التنظيمية الملموسة في وضع المرأة داخل الحزب، في المكتب التنفيذي وفي مجلس الشورى. وإن كانت ورقة طهبوب تشير بوضوح إلى بقاء تيار فاعل يشكّك في أهمية الدور السياسي للمرأة في الحزب وحجمه، والتمسك بفتاوى فقهية ومواقف فكرية محافظة ومتحفظة تجاه هذا التوسّع العمودي في موضوع المرأة.
وفي الوقت نفسه، كان واضحاً أنّ هذا "التقدم النسوي" إن جاز التعبير، في البنية التنظيمية لم ينعكس بوضوح على المواقف الفكرية والسياسية للحزب.
ملاحظات مهمة أثارها الباحثون المشاركون في هذه الحلقة البحثية، تتمثل في ضعف المساهمة النسوية في المجال الفقهي والفكري، أي من منظور نسوي، فما يزال هذا الباب المرجعي مرتبطاً إلى درجة كبيرة جداً بالتنظير الذكوري، وإن كانت الممارسة الواقعية تلقي بظلالٍ على الجوانب الفقهية والفكرية وتحرّكها إلى الأمام لكن ببطء شديد.
الملاحظة الثانية المهمة تتمثل في "صراع الأجيال" في أوساط الحركات الإسلامية، فما كان في وقت سابق من المحظورات والأمور المحسومة بالنسبة للجيل القديم يعدّ بالنسبة لجيل الشابات والشباب في هذه الأحزاب أموراً بديهية وطبيعية، بمعنى أنّ المرونة الحالية في هذه القضايا ترتبط بالجيل الجديد وثقافته، وما فرضه من إيقاع جديد على هذه الأحزاب.
الملاحظة الثالثة تتمثل في الاشتباك مع أجندة الحركة النسوية عموماً، فإذا كانت طهبوب تصرّ على تمايز الرؤية والمرجعية بين تلك الحركة وحراك النساء الإسلاميات، فإنّ نشاط الجيل الجديد من النساء الإسلاميات وأفكاره أصبحا أكثر وضوحاً، ويسيران في سياق مضطرد نحو إثبات الهوية الجندرية في هذه الأحزاب، وعدم القبول بتسليم القيادة المطلقة للذكور، كما كانت عليه الحال سابقاً، عندما كان وجود المرأة بوصفها زوجة أو أختا أو داعما لنشاط الرجال، أو فاعلاً اجتماعياً دعوياً، لا قائداً سياسياً، كما تطمح نساء إسلاميات كثيرات اليوم، فلم تخفِ ديمة طهبوب رغبتها أن ترى امرأة قائداً أو أميناً عاماً لحزب جبهة العمل الإسلامي.
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع