مشروع الفاقد التعليمي
نتمنى على كافة أولياء أمور طلبة المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة الغوث والثقافة العسكرية ومدارس المخيمات السورية في مختلف مناطق المملكة قاطبة ، سرعة الاستجابه للتوجيهات المتكررة من قبل وزارة التربية التعليم ، والتي دعت من خلالها الى ضرورة الاسراع في تسجيل أبنائهم على المنصة الإلكترونية التي انشأتها من أجل التحاقهم بمشروع البرنامج الوطني التعويضي "الفاقد التعليمي" ، الذي سيكون له آثر كبير في تحسين مستوي وقدرات الطلاب التعليمية خلال العام الدراسي القادم ، وفي ذلك ، فعلى أولياء الأمور أن يتحملوا مسؤولياتهم كآباء تجاه ابنائهم ، فالوقت يمر ، والامر يتعلق بمستقبل الطلبة التعلمي ولا يحتاج إلى تردد ، والمطلوب المساعدة في تعويض الطلبة عما فاتهم من تعلم بقدر المستطاع من خلال التعاون مع وزارة التربية والتعليم ، فالملاحظ أن الوزارة تسعى بمسؤولية كبيرة الى ترميم الفجوة التي أصابت التعليم جراء الجائحة ، من خلال حرصها على تعويض الفاقد التعليمي .
يجب أن نعي تماماً ، اننا الان أمام مسؤولية كبيرة ضمن مرحلة جديدة تتطلب منا تعاوناً جاداً مشتركاً ، وفي ذلك دعونا نتكاتف سويا من أجل مصلحة ابنائنا الطلبة ، لذلك ينْبَغِي تَضَافُر كافة الجُهُود للتغلب على مجمل التحديات لِتَحْقِيق اقصى فائدة لفلذات اكبادنا ، فما نحتاجه اليوم "حملة توعية وطنية" ، وبمشاركة مختلف القطاعات بما فيها كافة المتداخلين في العملية التعليمية ، من تربويين وأولياء أمور وطلبة ومؤسسات مجتمع مدني وكل من له علاقة لانجاح هذا العمل ، فعقلية وزارة التربية والتعليم تتجه خلال الفترة القادمة الى تسخير كل امكاناتها خدمة لأبنائنا الطلبة ، فقد اعدت خطة تتفيذية عاجلة للغاية ، والتي تستهدف من خلالها الطلبة في الصفوف من الأول وحتى الصف الحادي عشر ، بحيث يتم من خلالها التركيز على المفاهيم والمهارات الأساسية في المواد التعليمية (العلوم والرياضيات واللغتين العربية والانجليزية) ، ذلك للاطمئنان على جودة التعليم ومعرفة تمكن الطلبة من المهارات والمعارف الأساسية للبناء عليها في مراحل لاحقة .
خطة الوزارة هذه ، جاءت وفق منهجيات علمية ودراسات وأبحاث ، من خلال شراكة الوزارة مع هيئات ومنظمات عالمية لأجل تحديد حاجة الطلبة الفعلية لمثل هذه البرامج ، حيث ستنفذ على ثلاثة مراحل تبدأ بالمرحلة الأولى "قصيرة المدى" وتستمر لمدة شهر ، حيث سيكون دوام الطلبة فيها بشكل يومي وبنفس مدارسهم ويبدأ تطبيق خطتها في ١٥ من آب/أغسطس المقبل ، وتستمر لغاية ١٢ من أيلول/سبتمبر القادم ، ثم يتبع ذلك برنامج المرحلة "متوسطة المدى" والتي ستنفذ بعد إجراء اختبارات تشخيصية مطلع أيلول/سبتمبر المقبل ، بحيث يتم تصنيف الطلبة حسب أدائهم في الامتحانات ، اما برنامج المرحلة "طويلة المدى" والتي ستطبق على مدار عام إلى عامين إضافيين ذلك بإيجاد حصص في برنامج الدروس الأسبوعي للطلبة وضمن خطة الوزارة الاستراتيجية الوطنية لمعالجة فقر التعلم .
وعليه ، وضمن ما تقدم ، فمن الملاحظ ان وزارة التربية والتعليم ومن خلال ما تطرحة من مشاريع وبرامج تعويضية ، تسعى جاهدة لتعزيز قدرة نظامها التعليمي لاستعادة عافيته والنهوض به من جديد ، بعد تعرضه لتحدي الجائحة ، ذلك من خلال التعامل مع الفجوات والتفاوتات التعليمية ، فقد تفهمت حالة القلق والخوف والشتات الذهني التي يعيشها الكثير من ابناؤننا الطلبة ، وتعي تماماً حاجتهم للعودة إلى التعلم الوجاهي ، لذلك فقد نظمت هذا المشروع التعويضي التعلمي والنفس اجتماعي وعززته بخطط علاجية ملائمة ، للتقليل ما أمكن من نسبة فقدان التعلم ، في خطوة أرادت من خلالها إعادة هندسة عملياتها الداخلية ومكوناتها التعلمية من جديد ، وفق أطر واستراتيجيات واضحة ومعلومة ، وبالشكل الذي يضمن اعادة تعزيز البناء الفكري والأخلاقي لأبنائنا الطلبة ، ليستطيع الطالب أن يوجه بوصلته ويحدد أهدافه في التعاطي مع المعرفة والمهارات والنتائج التعليمية التي كان مخططا لها ولم تتحقق ، والتي حرم منها وجاهياً جراء الاغلاق الطويل والمتكرر للمدارس بسبب الجائحة ، فلا احد يستطيع أن ينكر ان الفترة الماضية تركت فجوة حدثت في التعلم بين واقع ما تعلمة وتملكه الطالب وبين ما يجب أن يكون متمكناً منه في صفه الآتي ، فتراكم ذلك ادى الى عدم تحقق النتائج التعلمية التي كان مخططا لها ان تتحقق ، ما دفع الوزارة لتحمل مسؤولياتها والتفكير الجدي للسعي للتقليل وللتخفيف من كل هذا الضرر التعلمي ومعالجته ، من خلال هذا البرنامج الوجاهي الخاص ، فكانت ان اتخذت الخطوة الأولى الحاسمة والتي تتمثل بضرورة تقديم المساعدة إلى الطلبة الذين يحتاجون إليها لتعويض الخسائر التي حدثت بالفعل بتقديم برنامج مخصص "عالي الكثافة" يتمثل ببرنامج خفض " الفاقد التعليمي" .
لقد استعانت الوزارة بخبرائها التربويين المختصين من ادارة المناهج واسندت إليهم مهمة اعداد وتصميم منهج تعليمي ملائم لهذا المشروع ، يعتمد على تحليل المحتوى التعليمي للمادة التعليمية التي حدث فيها الفاقد ، وإعداد مصفوفة المفاهيم والمعارف والمهارات والنتاجات الأساسية (الحرجة) التي لا يرتقي تعليم الطلبة إلى المستوى التالي بشكل طبيعي ومتوازن دون أن يمتلكها ، حيث اعدت مادة تعليمية مرنة ، على شكل كتيبات ، وذلك يتطلب بالضرورة تطبيق خطط اجرائية تتضمن إعداد اختبار قبلي تشخيصي وتحليله للوقوف على مدى امتلاك الطلبة للمفاهيم والمهارات والمعارف الأساسية وتحديدها ، وعلى ضوء ذلك ، وضمن البرنامج ، سيتم بناء وتطبيق خطط علاجية مناسبة ، اضافة لتوظيف أساليب التقويم البنائي لتحسين التعلم ، للبدء بتدريس وشرح المفاهيم والمهارات الأساسية المرتبطة بالفاقد التعلمي لفئة الطلبة المستهدفة ، لتمكينهم منها قبل البدء بمرحلة التعليم الآتية ، بالاستعانة بالمصادر التعلمية المتنوعة ، والأنشطة التعليمية المختلفة ضمن المسارات التعلمية ، ودروس التقوية العزيزية ، ما يتطلب إجراء اختبار بعدي وتحليله للتأكد من حدوث تعويض للفاقد التعلمي والتحسن في التعلم ، وهذا يتطلب بالطبع إعداد برنامج تدريبي خاص لكوادرها التعليمية ، حيث من الضرورة بمكان تمكين وتحفيز المعلمين العاملين في برنامج تقليل "الفاقد التعلمي" ، ورفع معنوياتهم ، وتطوير قدراتهم والاستفادة من خبرات الكثير منهم بما يتناسب وأهداف البرنامج .
واخيراً ، علينا أن نعي تماماً أن نجاح وزارة التربية والتعليم في هذا العمل وتحقيق اهدافه ، ليس بالأمر السهل ، فما زالت الوزارة تواجه مجموعة من التحديات التي استطاعت بهمه كوادرها التربويه التغلب عليها ، حيث سعت إلى التعامل مع كل المعطيات ضمن مجمل الظروف والاحوال بحكمة وصبر ومثابرة ، لتتمكن من تحقيق اقصى استفادة ممكنة من الموارد المتاحة والحلول المتوفرة ، متأملين أن تنجح الوزارة بهمة الجميع في تحقيق أهدافها التربوية المرجوة وتحقيق غاياتها المنشودة .
والله ولي التوفيق
مع تحياتي ..