لماذا تحكمون على اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مسبقا

26-07-2021 09:48 AM

بقلم :الدكتور جميل سالم الزيدانين السعودي
أيها الشعب الأردني العربي "النخوجي" الكريم، منذ مئات الأعوام حيث صرخة ولادة أجداد أجدادنا في الأرياف والبوادي والمدن وكثير من أبنا الوطن ثائرين ضد أنفسهم يجلدون بعضا من قيم الصبر والـتأني، لا تأخذهم نحو الفقر لومة لائم ولا في المحسوبية وتجاهل المصلحة العامة غفوة نائم.
الأردن حاله حال أي دولة في العالم تسير سيرا نهضويا باتجاه الرفاه الاجتماعي صعب المنال، والنماء الاقتصادي المحفوف بالهرولة نحو المساعي والمطامع الشخصية لمن هم على شاكلة سادة المنافقين وعرّابي الجهوية وصانعي السياسات التقدمية.
إن في العودة للوراء صورة من صور التأنّي بدلا من الاندفاع الشديد بخطى غير مدروسة باتجاه السقوط، لذلك فمن الضروري جدا تفحّص الماضي وأخذ العبر منه وتحليل الحاضر لمعرفة أين يقف الوطن والنظر للمستقبل بعين فاحصة وعقلانية لا بعيون المنجمين ولا بمخطوطات الأقلام المأجورة أو الاعلام الموجه.
كلنا يعلم ويحس حجم المعاناة الاجتماعية التي هي نتاج لعديد من العوامل منها التراجع المخيف في مؤشرات التنمية الاقتصادية والآثار السلبية لبطء التنمية السياسية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة الى مستويات أصبح الضوء الأحمر عندها يضاء تلقائيا كل يوم.
إن البوصلة نحو التنمية ومعالجة الإخفاقات واضحة للجميع، لكنها بحاجة ماسّة جدا الى من يفهمها ويعرف كيف يتبعها ولديه المقدرة والكفاءة والدافعية والعزيمة والدعم السياسي و"اللوجيستي" لكي يتجه الوطن بالاتجاه الواعي الجاد الصحيح.
تعتبر تنمية الفكر السياسية والجاهزية وعدم شخصنة الاتجاهات من الدعائم الأساسية للسير على طريق التنمية، لذلك اصبح من الضروري جدا البحث عن وسائل لهذا النوع من التنمية ومنها إعطاء أولوية واهمية وتركيز على تأسيس أحزاب وطنية جادّه تنخرط جميعها في تأسيس حزبين سياسيين فقط بحيث يتم وبشكل موازي اجراء بعض التعديلات الدستورية والقانونية والتعليمية ، وإعادة هيكلة المناصب والوزارات والهيئات الخاصة لدعم العمل الحزبي وتقويمه بنفس الوقت دون أن يكون هنالك توجيه أو تأثير من أي جهة كانت على هذه الاحزاب سواء كانت قوى تأثير داخليه او خارجية وابعاد يد الحكومة عن التدخل في اعمال هذه الاحزاب وتوجيهها ، لكن في المقابل على الأحزاب أن تلبس العباءة الصحيحة ولا تماري او تطبل لاحد ، بل تكون بوصلتها هي الوطن واجنداتها هي الوطن وان لا تكون أحزاب اردنية الشكل خارجية الولاء والهوى! بل عليها ان تكون اردنية المنبع والولاء والوفاء، كما يجب ان تكون أحزابا مدروسة من حيث استراتيجيتها وسياساتها وطبيعة أعضائها وكيفية تعاملها مع التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنموية وضغوطات الحكومات المتعاقبة، فلنتأكد بأن الأحزاب عندما تكون ذات اطلالة وطنية ولديها الوعي الكامل بما يجب ان تقوم به وتعلم متى تكون مع الحكومة وضدها عندما يكون العمل هو تنمية الوطن وازدهاره، عندها اجزم بان القيادة والشعب سيدعمون هذه الأحزاب بكل ما لديهم من قوة وطاقات.
لقد كان لتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومن ثم سيرها باتجاه بوصلة التنمية بأركانها السياسية والاجتماعية ومن ثم الاقتصادية ورأي بعض الناس باتجاهاتها ومدى ثقة المجتمع بنهجها ونتائج اعمالها ، كان هذا هو الوازع الأساسي لكتابة هذه الاطلالة التي لا قصد منها الا أن أرى الوطن والناس كل الناس ينعمون بالخير وقلة المعاناة وبالتالي هي اطلالة اخالها جنوبية وطنية تطل من شباك الوطن على مروج الشمال وأهله الطيبين وعلى رمال الشرق وجنباته وأهله الأشاوس وعلى مرتفعات الغرب وأهله الرائعين الذين تكاتف جبالهم سلسلة جبال مأدبا والكرك والطفيلة ومعان ومن ثم العقبة، ولا أنسى حارات عمان العتيقة وجبالها الشماء وكل ميادين الوسط وعبقه الذي لا يفارق النفس والروح ؛ متأملا الخير كل الخير في اعمال هذه اللجنة متعددة الأسماء والتوجهات والخبرات والتجارب، واقولها بكال قلب حسن وفكر نابض نحو تحرير عجلة التنمية والنماء من قيود الكفاءات الضعيفة وقوى الشد العكسي والمحسوبية ووراثة المناصب وثقافة التنفيعات وغض الطرف عن الكثير من كفاءات الوطن ؛ حتى لا يفقد الأردن تلك الكفاءات باتجاهها نحو الهجرة والبحث عن بلدان تفهم قيمة تلك الكفاءات. كل ما اتمناه على أبناء وطني التريث وعدم الحكم على الأشياء من شكلها وفسح المجال للعمل وعدم اطلاق الاحكام الجزافية المسبقة على الآخرين بالرغم من التجارب السابقة المريرة ، ولينتظر الجميع حتى تنتهي اللجنة من اعمالها لكي يحكم على تلك الاعمال ونتائجها ومدى تأثيرها على فاعلية أداء المنظومة السياسية في الأردن ، مع أملي بأن يستطيع كل عضو من أعضاء اللجنة الإثنين والتسعين ان يدلي بدلوه خلال الفترة الضيقة من عمل اللجنة ؛ لكي يكون له إضافات واضاءات على ساحة العمل السياسي من جهة وعلى دعائم التنمية الاقتصادية والمجتمعية من جهة أخرى وذلك من اجل تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله هذه اللجنة، متمنيا أن لا تكون هنالك هيمنه سياسية او إدارية او جهوية او ما شابه ذلك لدى بعض أعضاء اللجنة او ما قد ينبثق عنها من لجان لكي لا تكون هنالك ولادة حقيقية جديده لصقور وحمائم ، لان ذلك سيقوّض اندفاع وفاعلية كثير من أعضاء اللجنة خاصة أولئك الذين ليس لديهم خبرة وتجربه في العمل السياسي وفي لجان ومنظومات على هذا المستوى العالي والرفيع.
اعان الله القيادة والشعب الأردني واللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية على التحديات واجندات الاعمال التي معظمها ملفات وطنية شائكة ومعقدة يتربع على عرشها الملف الاقتصادي الذي هو أحوج ما يمكن الى كفاءات وعلم وخبرة وحنكة ودافعية ومعرفة بمستجدات الأمور بشكل يومي، ومن الأعمال الأساسية التي أظنني أراها عن بعد على طاولة اللجنة هي ما يلي: -
1. أتمنى أن تتقدم اللجنة بمقترح قانون انتخابات عصري على مستوى مجلس النواب و البلديات يعتمد على دور الأحزاب وليس التكتلات، قانون يعطي الفرص لأصحاب الكفاءات ويبعد أثر المال السياسي والتكتلات المجتمعية عن مجالس النواب مع الإشارة الى قوانين الانتخاب السابقة التي انطبق عليها "معيار لابلاس" في الإدارة وهو معيار هندسة القرار الاستراتيجي الذي من أسسه قاعدة جرّب واترك التي لا يستطيع الوطن تطبيقها للدخول في المزيد من المعاناة والمزيد من التجارب.
2. وضع مقترح لآلية اختيار او انتخاب الحكومات والقواعد الأساسية لهذا النهج وكيفية تطبيقه في مجتمع لم يسبق له ان خاض هذه التجربة، مع تحفظي المؤقت على تعيين الحكومة من قبل مجالس النواب التي يعرف معظم الشعب الأردني كيف دخل كثير من أعضائها المجلس وأصبحوا ممثلين لهم تحت القبة. لذلك عندما تصل الشريحة الكبرى من المجتمع الى مستوى تفهم عنده معنى النائب الحقيقي وحجم المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق الناخب لاختيار الأنسب من اجل الوطن وليست من اجل مصالح شخصية ضيقة في الأساس تضعف موقف النائب كمشرع ومراقب لأعمال الحكومة، لذلك عندما يتم اختيار النائب من منطلق المصلحة العامة وليست الشخصية، عندها نقول ان مجلسنا قوي وبإمكانه تعيين الحكومات.
3. هنالك ملفات كبيرة لا بد من اللجنة الملكية من توجيه البوصلة نحوها دون تردد كملف الديون الخارجية وملف الاستثمار الأجنى وملف الفقر والبطالة وملف العمالة الخارجية وملف الصحة وملف التباطؤ بل التراجع الكبير في مستويات التعليم الأساسي والجامعي الذي اصبح للأسف يدق ناقوس الخطر وملف هروب وهجرة الكثير من الكفاءات الأردنية وملف بعض التعديلات الدستورية المعنية بتسهيل واستقلالية اعمال مؤسسات الدولة ودور مؤسسات المجتمع المدني بهذا الشأن ، وملف التحديات الدولية والإقليمية واثرها على حجم معاناة الأردن الاقتصادية وملف معايير الأداء الحكومي وملف دور وسائل الاعلام وأثر وسائل التواصل الاجتماعي في التنمية السياسية والمجتمعية ، وأخيرا ولست آخرا ملف العلاقات السياسية الأردنية بدول العالم وكيفية استغلالها وتوظيفها في دعم القطاع التجاري والصناعي والسياحي.
قد لا تكون الملفات المشار اليها أعلاه من صميم اعمال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لكن هذه الملفات تستوجب توجيه الدفّة نحوها وعدم الانتظار للتعامل معها لأهميتها وأولويتها وبخلاف ذلك سنبقى ندور في فلك لا يطعم ولا يغني من جوع.
حمى الله الوطن بشعبه وقيادته وعزز آماله وحقق طموحاته



التعليقات حالياً متوقفة من الموقع