كلام في المحظور / هل حقاً هناك من يريد الاصلاح في الاردن / ٤
كتب: مروان العمد
وبعد ان تحدثت عن الحكومات ، وبعد ان تحدثت عن مجالس النواب ، وبعد ان تحدثت عن الاحزاب السياسية ومدى جدية كلٍ منهم في تحقيق الاصلاح السياسي في الاردن ، فسوف اتحدث عن قطاعات متعددة من قطاعات الشعب الاردني .وهل هذه القطاعات تريد الاصلاح وهل لديها مشروع اصلاح وهل سارت خطوة على هذا الطريق .
وسيكون بداية حديثي عمن يطلق عليهم مصطلح الموالاة ، وهم الذين في مجملهم وقفوا الى جانب النظام وسانده ونصروه في مختلف الازمات والاحداث التي مرت على الاردن ، والذين اصبح اكثرهم يتحدثون عن الاصلاح ويطالبون به ، وذلك لانهم شريحة من شرائح المجتمع ويصيبهم ما يصيبه من غلاء وبطالة وضرائب تنوء بها ظهورهم ، وما يعانونه من تهميش واهمال رغم ولائهم وانتمائهم .وذلك لايمانهم ان النظام الهاشمي في الاردن هو صمام امان له ولهم . وانه وفي حال غياب هذا النظام لا سمح الله فأن البديل الفوضى والصراع على المراكز والمكاسب . ولذلك اخذت هذه الفئة ترتفع بينهم اصواتاً تطالب بالاصلاح ، وذلك لتحسين اوضاعهم ولنيل حقوقهم ولحماية النظام لحماية انفسهم . ولكن هذه الفئة ورغم كثرتها فأنه لا يوجد ما يجمعها على قواعد مشتركة تمكنها من وضع أسس لمشاريع اصلاح ، وذلك لكونها تمثل فئات مختلفة وكل فئة لها نظرتها للاصلاح .
علماً ان هذه الفئة لا تشمل اصحاب المصالح والمناصب والذين يتاجرون بولائهم لتحقيق مصالحهم ويتبادلون ويتناوبون على المناصب والمراكز و يتوارثونها ، ولا تشمل الفاسدين والمتسلقين واللذين ينقلبون على مواقفهم السابقة ما ان يتم تعينهم في احد المناصب . ومن الطبيعي ان تلك الفئة لا تعمل من اجل الاصلاح بل هي تحاربه لتناقضه مع مصالحها .
ثم سيكون حديثي عن المعارضة والتي اقسمها الى عدة اقسام ، والاولى منها هي المعارضة الوطنية المخلصة والتي تسعى من وراء معارضتها الاصلاح ومحاربة الفساد . ولكن توزع هذه المعارضة على عدة مدارس سياسية وفكرية متعددة لا يجمعها رابط ، بل هي في مجملها مواقف فردية ، تجعل اتفاقها على قوانين الاصلاح وخاصة قانوني الانتخابات والاحزاب من المستحيلات .حيث لو انها ارادت ان تضع تصوراتها لمثل هذه القوانين سنجد العشرات من النصوص المقترحة والمتناقضة .
كما توجد المعارضة العدمية والتي هي تعارض من اجل المعارضة فقط ، وحتى لو اقترحت عليها افضل مشاريع القوانين فأنها سوف ترفضها . كما توجد المعارضة العميلة والتي تأتمر بأوامر خارجية ومن اهدافها اعاقة اية عملية اصلاحية حتى يبقى الاردن ضعيفاً ، وفرض شروط القوى الخارجية علية . كما توجد المعارضة الانتقامية وهي على الاغلب تتكون من مسؤولين حكوميين وعسكريين سابقين وصلوا الى اعلى المناصب التي وفرت لهم الجاه والمال ، ثم وجدوا انفسهم بلا مال ولا جاه . كما تشمل بعض المسؤولين في الشركات الحكومية والخاصة الذين تم ابعادهم عنها لسبب او آخر . كما توجد المعارضة المصلحية والتي تعارض وتطالب بالاصلاح الا ان يعرض عليها منصب ما ، فتنسى كل ما كانت تنادي وتتحدث به ، وتصبح تمارس وتطبق نفس السياسات التي كانت تنتقدها . والذين وللاسف اصبحت تجارتهم هذه تجارة واضحة ورابحة وعلى حساب اصحاب ذوي الاستحقاق والجدارة . وليس ادل على ذلك حملة اليافطات ، المشاركين في الوقفات والاعتصامات والقافزين على المناصب والمراكز .اما المعارضة الخارجية فأنها خارج حساباتي لاني اعرف انها ابواق تعمل على الريموت كنترول .
وما بين جماعة الموالاة وجماعة المعارضة تقع اغلبية صامتة لا تسعى لممارسة اي دور لها حتى لو كان للدفاع عن حقوقها .
كما يوجد نجوم وسائل التواصل الاجتماعي والذين يبلغ عددهم عدد من يملكون هواتف ذكية، والذين اصبحوا خبراء واهل اختصاص بكل شيئ ما عدا الموضوع الذي يتحدثون به . لذلك اصبحنا نجد صفحات التواصل الاجتماعي ميادين صراع وحوار عدمي وفي الكثير من الحالات الى هجومي وغير اخلاقي وغير موضوعي . بحيث اصبح الكثيرون يطرحون افكاراً معينة ويدافعون عنها ، وفي يوم آخر يطرحون ما يناقضها . في حين ان البعض يتخصص بنشر الخزعبلات والاشاعات والاخبار الغير صحيحة وانتقاد كل قرار والتهجم على كل مسؤول وكل قرار وقانون . ومن الطبيعي ان هذه الفئة غير صالحة وغير قادرة على وضع اي مشروع اصلاحي حتى لو حاولت ذلك .
كما ان بعض الاسس التي تتبع في الاردن لاشغال المناصب والمراكز السياسية والقيادية من اتباع المحاصصة على مستوى المحافظات والمدن والعشائر والعائلات والاصول ، ستبقى عائقاً لاي مشروع اصلاحي . وذلك لأن معظم الذين يتحدثون عن الاصلاح ، والمطالبين بتعيين اصحاب الاختصاص والخبرة في المناصب الحكومية والهامة سوف ينسون مطالبهم وشعاراتهم اذا استثنيت مناطقهم ومحافظاتهم وعشائرهم وعائلاتهم واصولهم من بعض هذه التعينات .
ولكل ما تقدم وهو يمثل وجهة نظري الخاصة فأنني على قناعة تامة بعدم توفر اي نية حقيقية لدى هذه الفئات التي استعرضتها بمقالاتي اليوم على القيام بالاصلاح . واذا توفر فيهم من يملك هذه النية والقناعة ، فأنه من غير الوارد اتفاقهم على نصوص القوانين الاصلاحية وخاصة قانون الانتخابات والذي طرحت العشرات والمئات وربما اكثر من النصوص المختلقة والمتناقضة والتي لا تلبي الا مصالح طارحيها ، ولا تلاقي رضى وموافقة الآخرين .
ولهذا فقد قلت ان اية قوانين وتشريعات اصلاحية يجب ان تأتي من فوق ، وتكون اصلاحية وتراعي الحد المعقول الذي يمكن ان يجمع عليه اكبر عدد من المواطنين دون اشتراط الاغلبية لاستحالة ذلك . الا ان جلالة الملك رأى ان يعهد بهذا الامر الى لجنة ملكية والتي كانت من مطالب الكثير من المواطنين كوسيلة اخيرة . وعن هذه اللجنة وتشكيلها وردود الفعل عليها وعن احتمالية نجاحها في مهمتها حيث آخر .
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع